السنن الكونية .موسع مع تفصل اكثر
سنن الله تعالى في الخلق
ضرورة البحث :
كنت جالساً
مع مجموعة من اخوتي في البيت الحوراني نتحدث عن بعض الواقع السياسية واثارها في
حياتنا فقال لي صديقي بأن الله مع القوي (بغض النظر عن الايمان) وقال اخ اخر بأن
الحياة للأقوياء والضعفاء ليس لهم نصيب وأضاف اخر بأننا يجب أن نتخذ مواقف ثورية
تجاه المخالفين لنا حتى تنتصر الثورة ، وكثرت وجهات النظر بين الجميع في هذه
الجلسة فقررت أن ابحث عن القوانين أو السنن الثابتة التي الزمنا الله بها واقام
عليها الكون، فكانت هذه المقالة التي ستغني حواراتنا المستقبلية وستبني عند الجميع
نسق ثقافي موحد يساعدنا على معرفة الواقع وحتمية الحلول ونتائج اعمالنا بمعرفة
السنن والقوانين التي شرعها الله ولن
تتغير أو تتبدل .
ارجو من الله
أن يساعدني في توضيح الأفكار وسردها بالطريقة المناسبة مع الشكر لأهلي في البيت
الحوراني بشكل عام ولإخوتي الذين كانوا بالجلسة، والله والموفق.
مقدمات في السنن الإلهية
"السنن الإلهية"، موضوع متعلق بالنفس والكون، والتفكر والاعتبار، والله ﷻ
له في هذا الكون وفي البشر قوانين، وقد شاء الله ﷻ أن يجري سنناً جارية، وتكون
للمسلمين قوانين يعرفون بها أفعال الله ﷻ في خلقه، حتى إذا انتصر أجدادهم لا يأتي
الأحفاد، فيقولون: كانت تلك خارقة؟ وإنما نُصر الأولون بسنة من سنن الله ﷻ، فإذا
تكررت السنة جاءت النتائج وفقها، وإذا توافرت الشروط وقعت النتائج.
كنت دائماً
اتسأل هل هناك قوانين ثابته لا يمكن أن تتغير .. وقواعد متأصلة في الحياة البشرية
تسري في كل وقت وزمان . وبعد دراسة القرآن الكريم مررنا بآيات تتحدث عن شيء ثابت
غير متغير مع تغير الانسان ، وثابت من حركة الاكوان وتطور الزمان فكانت سنن الله
تعالى . ما هذه السنن وما أهميتها للإنسان حتى يعبد الله بالطريقة المثلى التي
يحبها الله ؟
(ابن كثير) قال:
في شرح قول الله ﷻ ﱡﭐ ﳂ
ﳃ ﳄ ﳅ ﳆ
ﳇ ﳈﳉ
ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﱠ الأحزاب: ٦٢
هذه سنته في المنافقين إذا تمردوا
ولم يرجعوا عما هم فيه ، فيسلط الله ﷻ اهل الايمان عليهم ويقهرونهم، ( ولن تجد
لسنة الله تبديلا ) أي : وسنة الله في ذلك لا تبدل ولا تغير .
أما في تفسير السعدي :
{ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ } أن من
تمادى في العصيان، وتجرأ على الأذى، ولم ينته منه، فإنه يعاقب عقوبة بليغة. {
وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا } أي تغييرًا، بل سنته تعالى وعادته،
جارية مع الأسباب المقتضية لأسبابها.
وفي تفسير القرطبي جاء: سن
الله جل وعز فيمن أرجف بالأنبياء وأظهر نفاقه أن يؤخذ ويقتل . ولن تجد لسنة الله
تبديلا ، حكاه النقاش . والمهدوي قال : وفي الآية دليل على جواز ترك إنفاذ الوعيد
، والدليل على ذلك بقاء المنافقين معه حتى مات . والمعروف من أهل الفضل إتمام
وعدهم وتأخير وعيدهم ، وقد مضى هذا في ( آل عمران ) وغيرها .
وفي تفسير الطبري : يقول تعالى ذكره: ( سُنَّةَ
اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ) هؤلاء المنافقين الذين في مدينة رسول
الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ، هؤلاء المنافقين، إذا هم أظهروا نفاقهم أن
يقتلهم تقتيلا ويلعنهم لعنًا كثيرًا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. حدثنا بشر قال
ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة قوله ( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا
مِنْ قَبْلُ ...) الآية، يقول: هكذا سنة الله فيهم إذا أظهروا النفاق، وقوله
(وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ولن تجد يا محمد لسنة الله التي سنها في خلقه تغييرًا،
فأيقن أنه غير مغير في هؤلاء المنافقين سنته (الطبري).
تعريف السنن الإلهية:
وما نقصده في "السنن الإلهية" تعريفه: سنة الله -تعالى-:
"طريقة حكمته" كما قال الراغب -رحمه الله- [انظر: التوقيف على
مهمات التعاريف، ص: 415].
وذكر
شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: أن السنة، هي: "الْعَادَةُ الَّتِي
تَتَضَمَّنُ أَنْ يَفْعَلَ فِي الثَّانِي مِثْلَ مَا فَعَلَ بِنَظِيرِهِ
الْأَوَّلِ" [مجموع الفتاوى: 13/20].
وهى تختلف عن المعجزة التي عرفها الفقهاء المسلمون
أنهاِ "خارق للعادة"، وهذه الكلمة "العادة" يراد منها
الإشارة إلى سنن الكون العظيم أي قوانينه التي لا تتغير ولا تتبدل. إلا إذا ارد
الله ﷻ ذلك فتتوقف آلية عمل هذه القوانين.
إنّ الحديث عن معجزات أو كرامات للبشر ومنهم
الأنبياء ينتفي مع معنى الآية الكريمة "وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ
تَبْدِيلا"، أي أن قوانين الله لا تتغير ولا تتبدل بتبدل الظروف أو بسبب
مخلوقٍ مُعيّن إلا إذا أراد الله ذلك، ورُبّما يقول السائل: "ألا ينتفي هذا
السرد مع القصص التي رواها القرآن عن وجود معجزات للأنبياء كإبراهيم وموسى وعيسى "عليهم
السلام ؟!
أنّ الرسالات السماوية هي دعواتٌ إصلاحية لثني البشر عن الشرك بالله عز وجل بالدرجة
الأولى، فنوحٌ لم يُبعث لبناء السفينة وإنما لثني قومه عن التعبد لبشر وأصنام ،
تلك الأصنام التي كانت سبب في ركونهم إلى القعود عن القيام بالرسالة العظيمة
للوجود وهي عبادة الله وعمارة الأرض، والاستمتاع بها، وذلك لا يكون إلا من خلال
السنن التي أوجدها الله فيها.
والنبي إبراهيم وقصة الذبح، يجب أن نفهمها من خلال
إبطال عادة ذبح الأبناء التي كانت موجودة قبل الرسالة الإبراهيمية، فقام إبراهيم
بوحي من ربه بنسخ هذه العادة وإبدالها بعادة ذبح الحيوانات عوضا عن ذلك، ونقول هذا
لعدة اعتبارات أهمها:
-أن إيمان إبراهيم لم يكن يحتاج لتأكيد إذ أنه نبي موحى إليه.
-أن الحادثة يمكن أن تفسر على أنها رؤيا، "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ
السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي
أَذْبَحُكَ،… وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ"، فكانت حادثة
الذبح وحياً ، وجرت أحداثه بين النبي وابنه، وكانت النتيجة هي إبطال عادة ذبح
الأبناء والاستعاضة عن ذلك بذبح الدواب ( الاضحية)!
ونستطيع القول بعد مراجعة للأفكار
السابقة أنه يُراد بسُنن الله -عزّ وجلّ- في الكون القوانين
التي تحكم الكون، وحياة الناس قدراً بمشيئة الله، وتجري باطّراد وثبات
وعموم في حياة البشر، فلله ﷻ سنن في الأفراد، وسنن في الأمم، وسنن في الحياة وغير
ذلك، وهذه السنن لا تتبدّل ولا تتأخّر، وتأتي مجتمعة فيخضع البشر لها في حياتهم،
وسلوكهم، وتصرفاتهم، وبناءً على هذه السنن تترتّب النتائج في الكون، من نصرٍ، أو
هزيمةٍ، أو قوةٍ، أو ضعفٍ، أو عزّةٍ، أو ذلٍّ، أو غير ذلك، وفي هذه السنن:
ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ ﳐ ﳑ ﳒﳓ ﳔ ﳕ ﳖ ﳗ ﳘ ﳙ ﱠ الفتح: ٢٣
خصائص سنن الله في الكون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق