السبت، 18 مارس 2017

العنف السياسي وأثاره

يعني العنف استخدام أساليب ضغط معنوية أو مادية من استخدام قوة (اليد أو اللسان ـ او وسائل اقتصادية  ) استخداماً غير مشروع للتأثير على الآخرين ، ومن إجبار الأفراد لأفراد آخرين أو من جماعة  لإرغام الاخرين لإتخاذ مواقف لا يريدونها أو من قوى مجتمعية ضد الدولة أو من جانب الدولة ضد رعاياها ، وهذا العنف يتحول إلى نظام ثقافي عام يشكل البنيان التنظيمي للمجتمع ، ويصبح سلوكاً يحرك الإنسان

فما هو العنف السياسي ما دواعه وما تداعياته ؟
 يعرف العنف السياسي وفقاً لرؤية جامعة الكويت بأنه / استخدام أدوات ضغط إكراهية تجعل الطرف الآخر يذعن إلى مطالب الآخر ، فهو استخدام فعلي للقوة أو تهديد باستخدامها لإلحاق الأذى والضرر بالأشخاص ، وإتلاف الممتلكات لتحقيق أهداف سياسية مباشرة .

وكذلك الأعمال التي يقوم بها النظام السياسي أو المنظمات السياسية ضد الأفراد والمجموعات بقصد أحدث تغيرات في سياسة الحكومة ،وكذلك الاستعمال المفرط للقوة ضد المجتمع بهدف خلق حالة من القلق الشديد وإجبار  المجموعات للاستجابة للمطالب السياسية لمرتكبي أعمال العنف . ويمكن أن تمارسه الجماهير بعفوية وتلقائية أثناء تعرضها للظلم ويتحول الى تمرد جماهيري عندما يشارك به مجموعة كبيرة من الافراد

 وقيامهم بأعمال شغب يعقبها عمليات إعتقال  خارج إطار القانون لمنع المعارضة من إحداث تغيرات في النظام السياسي .ومن ثم تقونن هذه الأعمال بقانون أستثنائي يخول الاجهزة الأمنية سلطات واسعة تؤدي الى انتهاكات لحقوق الانسان .

العنف السياسي والارهاب السياسي

 ويتصف الإرهاب باستخدامه أفعال تثير الخوف وعدم الاستقرار بأستخدام العنف الشديد الذي يتسم بدرجة عالية من التنظيم أعداد قليلة من البشر أو المعدات العسكرية والقوات لإنجازها ، والإرهاب قد يكون موجهاً ضد مؤسسات الدولة أو ضد التنظيمات الحزبية والسياسية وضد المواطنين  ، ويتمثل  إرهاب الدولة في ممارسة السلطة  القهر والظلم والإقصاء المتعمد ضد المعارضين لسياساتها .

أشكال العنف السياسي

- العنف المؤسسي أو الحكومي الذي تمارسه السلطة متجاوزة المواثيق والقوانيين التي وضعتها لنفسها ضد المعارضة من مواطنين أو جماعات لضمان استمرارها من خلال أجهزتها القهرية كالجيش والشرطة والقوانين الاستثنائية .
- المقاومة المسلحة
  - التفاوت الطبقي الذي ينجم عن التفاوت في توزيع الدخول والثروات هو نتيجة الانقسام الطبقي داخل مجتمع
 - العنف الشعبي : وهو العنف الموجه من المواطنين إلى النظام

- العنف المتشعب الذي تمارسهما جماعات ضد قوى وجماعات منافسة لها لأسباب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو دينية .
العنف السياسي بين الشرعية وعدم الشرعية : هو سلوك مخالف للقانون وجريمة سياسية تستوجب التجريم والعقاب و معيار الشرعية بمدى اتساقه مع مشروع سياسي وطني أو تحرري فالعنف مشروعاً عندما يرتبط بحركة تحرر وطني أو هدف نبيل وصحيح

أسباب العنف السياسي :

يمارس العنف السياسي من قبل أشخاص ينتمون إلى أحزاب أو منظمات سياسية ولهم طموحات في القيادة والإدارة وهم يسعون إلى الوصول إلى أهدافهم بطرق وأدوات متعددة غير شرعية . يسخرون كل الأسباب و كل المتناقضات للوصول أو الحفاظ على السلطة.

هو نتاج للصراع الذي يحدث بين السلطة السياسية المحتكرة لوسائل القوة في المجتمع مع الجماعات التي تنافس السلطة والذي يحدث بسبب النظرة المتعالية والفوقية لرموز النظام على الجماهير  وتستغل النظام في تحقيق وتعزيز امتيازاتها وفرض قوانينها بالقوة  على المعارضة مما يؤدي العنف .

وهناك اسباب تتعلق بالصراع الطبقي كالأفكار الماركسية التي تركز على الصراع بين الطبقات

ففي كل مجتمع طبقة حاكمة مستغلة وأخرى محكومة مستغلة وأفرادها يشكلون جماعة ضخمة يجمعهم الوعي الطبقي المشترك وإذا قويت هذه الطبقة المستغلة بما يكفي أطاحت بالطبقة الحاكمة ، لأن قوى الإنتاج عند مرحلة محددة من تطورها تصبح في حالة صراع مع علاقات الإنتاج القائمة والتي تتحول إلى قيود للقوى المنتجة وعند هذه الحالة تبدأ مرحلة العنف في المجتمع حيث يبدأ العنف من السلطة فيعمل الحزب الحاكم على إصدار التشريعات والقوانين التي تحقق مصلحته وتؤدي إلى استئصال معارضيه الذي تهدد وجوده في السلطة .

وقد يبدأ العنف من أعضاء الحزب الحاكم ضد بعضهم البعض لتحديد صاحب القرار ، ويمكن أن تبدأ من  معارضة قوية تناهض الحزب الحاكم وتطالب بحقوقها كالمشاركة في السلطة فتعمد  الحكومة إلى العنف السياسي المنظم ضدها مثل : حل هذه الأحزاب وحظرها أو تهديد أعضائها أو سجنهم .

أن انعدام الحياة السياسية الوطنية السليمة وغياب المؤسسات الشعبية عن المشاركة  بالشأن العام يولد الانفجار الاجتماعي ويسهم في إقناع العديد من الأفراد بخيار العنف , وتكون الدولة القمعية هي من الأسباب الرئيسية في إخفاق المجتمعات في مشروعها النهضوي والتنموي .

- من أسباب ظهور العنف السياسي غياب مجتمع مدني أو عدم فعاليته وفشل الدولة الوطنية في تحقيق مطالب شعوبها وفقدان الشرعية وغياب الديموقراطية والمشاركة السياسية الفعالة والتعددية السياسية

- عدم وجود عدالة اجتماعية وإخفاق برامج التنمية الاقتصادية في تحقيق مطالب المواطنين مع زيادة التفاوت الطبقي ...وعجز الدولة عن تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين

الاستبداد السياسي :- أوالتعالي السلطوي أو السلطة الشمولية التي تنكر حق الآخر في المشاركة السياسية

مثل الحكم الملكي المطلق (حيث  يرى أرسطو إن الإرهاب ظاهرة مرتبطة بالطغيان الذي تمارسه الملكية المطلقة التي لا تخضع لأي شمولية ..) ... ويرتبط عادة بالاستبداد احتكار وسائل الإعلام وكل منافذ التعبير الديموقراطي .

عندما يسود الاستبداد وتسوء الأحوال يصاب المجتمع بانهيار وتزيد وتيرة الخروج على القانون وتزيد عمليات النهب والسلب والقتل... ومن ثم ينمو شعور لدى الشباب بأنهم خارج اهتمام المجتمع  ويصبح الشاب على استعداد لتقبل أي تغيير بغض النظر عن الوسيلة التي يمكن استخدامها متى سنحت الفرصة .

... وهنا يجب الإشارة إلى ضعف العملية التعليمية نظراً لاعتماد التعليم على التلقين دون دعوة عقل الطالب للتفكير وهذا التوجه الخاطىء للتعليم يسهم بكل تأكيد في خلق قادة لا يؤمنون بالحوار ومنغلقون على انفسهم ويرفضون الاخر بحكم تعليمهم الخاطئ.

نتائج العنف السياسي

يقضي العنف على الثقة أو الالتقاء بين القوى السياسية من حكومة و معارضة و منظمات المجتمع المدني0.
 - إمكانية استقواء بعض التيارات السياسية بقوى خارجية لمساندتها

- فقدان الشعب ثقته بالنظام الحاكم لعدم قدرته على المحافظة على وحدة تماسك المجتمع وعندئذ يضعف الولاء للوطن لحساب الولاء للأسرة أو القبيلة.
 - خلق مناخ يتسم بالاحتقان بين كل قوى المجتمع .
 - زعزعة الأمن والنظام العام نتيجة ما يتركه العنف من حالات الفوضى والتفكك في المجتمع.
 - هروب الاستثمارات وتعطل المصانع عن العمل وزيادة البطالة والتي بدورها تزيد من عمليات العنف .
 - إمكانية خلق فتن طائفية أو عرقية .
 - انقسام المجتمع نتيجة الفوضى والفتن والتي قد تصل بعض الأحيان إلى حروب أهلية .
 - نمو ثقافة التدمير والعنف عند بعض الفئات في المجتمع كطريق للتغيير على حساب الحوار السلمي .



محمد اللكود ...

يتبع ....



                               الحرية والالتزام 

كثيرة هى الدراسات التي تناولت الحرية وعلاقتها بالحتمية والالتزام وأنواعها وكيف نحميها وهل هي متأصلة بالوجدان الإنساني ، ومل هذا المفهوم ثابت التعريف عن كل الاتجاهات الفلسفية ، وعند كل التيارات الفكرية ، أم متبدل له مفاهيم عدة .

لهذا درسنا ما كتبه بعض المفكرين حول هذا الموضوع ووجدنا بأن الحرية تنازعها تعريفات مختلفة واتجاهات متعارضة بين الحرية الواحدة والحريات وبين المطلقة والحتمية بين الفعل والفكر وبين الروح والممارسة .

لا نستطيع الجزم بأن مفهوم الحرية لم يتغير منذ القديم إلى الآن ، بل تأثر بجملة من الأحداث السياسية أو التغيرات الاجتماعية وكذلك إضافة الفلاسفة من فكرهم إليه وفي الوقت الراهن فأنها تأثرت كما بالمتغيرات العالمية التي حدثت وبسبب إعادة تشكل الوعي الجماهيري العربي نتيجة للنكسات المتلاحقة من الصراع العربي الصهيوني والصراع الفكري القومي والعلماني والديني والإنساني ويعلب التطور السريع في مجال الإعلام دورا كبيرا وخاصة ما أحدثه التلفاز مسيطرة على عقول الأفراد وتوجيههم باتجاهات جديدة ، وما أمنته الثورة المعلوماتية من إمكانية نشر الأفكار على نطاق واسع متجاوزة الحدود الوطنية مما دفع لاستشراف أفاق المستقبل من جديد ووضع استراتيجيات جديدة تتناسب مع نظرية صدام الحضارات وعمليات الاستلاب الحضاري والترهيب والترغيب ، وكذلك أحدثت العولمة وثقافة القطب الواحد و سياسة الفوضى الخلاقة واستخدام القوة الناعمة لضغط على الحكومات والتأثير على أفراد المجتمعات .

ومع هذا فالجميع يتغنون بالحرية ويسعون إلى الاحتفاظ بها حية في نفوسهم ومؤسساتهم

( الحرية قيمة عالية يجب أن نضعها في المكان الأسمى : هي سيادة الأمة ، وتعطي الإنسان إمكانية البناء والإبداع الحر . والتعايش مع الالتزام  في المجتمع المتماسك )

الحرية حق طبيعي للإنسان ومهمة الدولة تنظيم استعمال الحرية ، ولا حرية دون فعل والفعل هو الذي يجمع بين الحرية والالتزام  ، والفعل هو الحقيقة الأولى التي نعيشها وهو المعبر عن الحرية  وما دام هناك فعل فهناك حرية .. وقد ينسحب الفعل ويكف عن حريته  فلا نرى سوى أثره (الالتزام) بمعنى أن تملك القرار بتنفيذ فعل ما ولكنك لا تقوم به

وقول ديكارت (أنا أفكر إذا أنا موجود) وبهذا الحرية دون تفكير لا قيمة لها  وبحاجة إلى إدراك وهى ليست مطلقة ولهذا أكد القران الكريم في الآية الكريمة قول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ {الصف:2-3}



وتأخذ الحرية معان مقاربة للفعل والإرادة في العمل فنجد د. عبدالله عبد الدايم يقسم الحرية الى فردية واجتماعية في مقالته  (الحرية وحدودها ) .

الحرية مفهوم فردي واجتماعي  إذ المجتمع موطن القيود والصخرة التي ترتطم عليها الحرية ( العادات والتقاليد ، جمود  ) ، والأفراد هم الذين يحملون لواء الحرية ضد هذه الصخرة  ( تجديد ، بناء ؛ ابتكار) ، والنضال في سبيل الجديد يتم على نطاق المجتمعات والأفراد  والحرية الإنسانية ليست حرية بالفراغ بل لها موقعها زهى مشروطة ضمن الواقع وعدم الاكتراث بها تفقد القدرة على الفعل وتشل كل الفعل الإنساني وتجعل الحياة مستحيلة ، وباعثها العقل والواجب أيضا، وهى موجودة في حياتنا ونجربها ونحياه ونصفها لأنه صفة أساسية من صفات الوجود الإنساني وهى نسبية بسبب القيود والعراقيل التي تفرضها المجتمعات والظروف الخارجية لذلك طرحت فكرة الحرية المنفذة المجددة : حرية تتكيف مع الظروف القائمة  تحاول التعديل وتحطيم القيود  القائمة ثم الانطلاق إلى حرية أوسع .

والحرية القائمة على الاختيار بين مواقف معينة ذات مضمون اجتماعي واضح ،الحرية القائمة على العزيمة تحطيم العقبات وهى نقيض كل فعل سهل ( الثورة ) ، الحرية الخلاقة محدودة مثل البقية لأنها محدودة في مكان وزمان ومجتمع ولكنها تخلق أصحابها وتعيد تجديدهم باستمرار وهى نهمة لا تروي صاحبها وتدفعه دوما إلى المزيد .

الحرية في العصر الحديث هي مسألة تحرير لا حرية  من المجتمع والأوضاع الاقتصادية والفكرية والروحية.وخير تعبير عن الالتزام بحرية خدمة المجتمع قوله تعالى:

أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ {البقرة:44}، وقوله تعالى حكاية عن نبيه شعيب عليه السلام: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ {هود:88.

صنف المفكر د. بديع الكسم الحرية الى اصنافا مختلفة ومراتب في مقالته  الحرية أساسا فنجد عنده الحرية حريات : حرية التصميم في قرار الأنا غير حرية التنفيذ في الواقع  وحرية التفكير الصامت غير حرية التفكير بصوت مرتفع  وحرية الفرد غير حرية الجماعة  وهنا نقول أن الحرية واحدة ولكن ماهيتها ذات مظاهر مختلفة ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) وهنا يطرح السؤال لماذا الحرية نسق من الحريات المجسدة أو جملة من الحقوق فما العلاقة بين الحقيقة والحرية:

-       الإيمان بالحقيقة فعل حر لأنه التحرر من الأحكام المبيتة وهى الإحساس بالمسؤولية تجاه الحقيقة ،والمعرفة التقاء الذات بالموضوع أو الوجود وهى انفتاح كامل على جملة الواقع في كل أبعاده وهو مرتبط بإرادة المعرفة .

-       الطبيعة نفسها لا تكشف عن كل أسرارها إلا للفكر الذي يحسن التودد لها في فن السؤال وحسن الإصغاء ،وان تكون البديهية حاضرة لان الفكر لا يستطيع أن يبلغ حقائق الطبيعة إلا إذا عرف كيف ينطقها .

-       نعرف أن القانون العلمي هو فرض قد يتحقق في الغالب ، والعمل البنائي حر بدوره والحقيقة قدرها أن تعيش بين الناس وتنتشر بكل تجاه ولكنها ضعيفة بحاجة إلى من يحميها من تقلبات المجتمع وضغوطاته لمنع ممارستها بالمطلق .

-       معرفة الحقيقة نصر أنساني وكل نصر قوة والقوة معطلة إذا بقيت كامنة وقوة الحقيقة لا تنفجر إلا إذا مسها الإنسان عند ذلك تصبح هدارة متفجرة متأثرة باندفاع الإنسان للتطوير والتغيير ، لأن الحقائق الكبرى في حياتنا قفزات جريئة ومغامرات روحية  وعندما نملك قرارنا تكون الحرية ملكا لنا ووجودنا كله حرية وبذلك نعيش بكرامة وبطولة

الإنسان في المجتمع مسؤول ، والمسؤولية تحمل الحرية في طياتها وهو ملتزم والالتزام مزيج عبقري من التضحية والتمرد وتعلق بالقيم الكبرى والتضحية من اجلها .

 الحرية مفهوم متدرج وهى مشخصة وهذا ما أشار اليه المفكر تيسير شيخ الأرض في مقالته الحرية في التشخيص لان الدارج في المجتمع الحرية الاجتماعية والأخلاقية والسياسية .... مع العلم بان المعنى الفلسفي أساس كل المعاني والمعنى المجرد وهو مبدأ معرفي لا حقيقة وجودية  نلجأ إليه لنحلل أفعالنا وأفعال الآخرين ضمن البيئة الطبيعية والاجتماعية وهما خاضعتان للحتمية فيكيف يحدث الفعل الحر ما دام كل ما يحيط بي حتمي ؟

الوجود الفردي له تجربته الخاصة وحريته وعلاقته مع الأشياء والآخرين ،في الحالة الأولى تشعر بالحرية  الوجودية ، والثانية تشعر بالحتمية  الموضوعية ، فان الأولى حتمية ترتبط بحتميات كثيرة مختلفة في قلب حتمية كبيرة وكل حتمية تختفي الحرية وراءها وكل حرية تختفي وراء حتمية .فتظهر الحرية من خلال المعرفة  وما يجمعه العقل من المواقف الموضوعية والربط بينها وحين لا يستطيع الفهم الخروج عن الحتمية تصبح الحرية أن نقبل المواقف كما هي .

الإنسان وحده الحر بين جميع الكائنات وهذا يطرح تساول هل الحتمية المعممة على الكل تشمل الإنسان ؟ وبالتالي نفي الحرية عنها مثل حتمية النباتات الأوراق للأعلى والجذور للأسفل  ،واكلة الحشرات تقبض على الحشرة ولا تقبض على ورقة أو حجر ( الاختيار بين شيئين) حتمية انتخابية ويمكن أن تكون حرية حتمية.

الذاكرة هي استرجاع حوادث الماضي بالذهن  وهذا يخضع لقانون الاهتمام وهذا يعني أننا لا نسترجع كل ذاكرتينا بل ما له علاقة بواقعنا ( العامل الانتخابي ) وهذا يشير إلى حرية البحث في الماضي لتلبسها الحرية أو تتلبس الحرية بالحتمية بما أن التذكر اختيار وتنظيم وهذا يدل على أن الاختيار تعبير عن الحرية في إطار الحتمية ، والتخيل  وهو فعل إنساني بحت يتجاوز عالم الواقع  وهو هروب من الواقع إلى عالم الحرية لان الواقع هو عالم الحتمية ، والتخيل إبداعا والإبداع حرية .

الحرية ليست حرية إلا بالفعل وبرفقة الحتمية  ولا فعل بدون فاعل ، والحرية عند غير الإنسان انتخابية  وعند الإنسان اختيارية وتنضج كلما كبر الإنسان ، فهو يحمل رسائل العالم الخارجي بالحواس ويحولها إلى الذات لتتخذ قرارا بشأنها بالذهن ، واتصال الإنسان بالعالم الخارجي اتصالا ببيئته الطبيعية والاجتماعية وهو لا يندمج بها بل يظل مستقلا عنها

لهذا نطرح سؤالاً هل هناك حريات خارج نطاق الفعل ؟

عالم الذات منبع الحرية وهو أصل عالم الصور والخيالات وهى حرة فهي منبع كل حرية  وهى تتشبث بحتمية المتصور أو المتخيل وهذا مرتبط بالعالم الخارجي ، فكيف يمكننا الاعتراف بالحرية إذا كان العالم الداخلي صدى للعالم الخارجي عالم الحتمية ؟ والتداخل بالفعل بين العالمين يمنح الحرية حالة الوجود والظهور وتتجلى الحرية الروحية والأخلاقية التي هي  تعبير وحدة الإنسان عن ذاته حيث أن الحرية مرتبطة بالحتمية بالفعل ، والوجدان روح وجسد فهذه الحرية تعبر عن وحدته مع العالم الخارجي  (حرية الوجدان) فالحرية لا تعمل بالفراغ فالعمل ضمن صيرورة الكل المتحرك وهو الحتمية الكبرى والإنسان ربما يستطيع أن يغير من حتمياته  التي هي سلسلة من أفعاله والخروج عنها مستحيل لان الإنسان هو الذي صنعها والعبقري هو من يستطيع تغير السياق العام .وتوضح الحتمية بقوله تعالى في سورة الحديد الآية 22

( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) والآية 23 (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ )



وربط السيد عبد الهادي عباس بين الحق والواجب والعلاقة بينهما في مقالته الحق وعلاقته بالواجب والحرية فكانت أفكاره تأتي بسياق الحرية والحق والواجب لأنها أكثر تداولا في المجتمع  والتعريف بالحق مصلحة مادية أو أدبية يحميها القانون أو سلطة إدارية وتثبت للشخص أن يجري عملا معينا مرتبط بالإرادة  أو الحق سلطة يقررها القانون لشخص يجري عملا معينا ويلزم الآخر بأدائه تحقيقا لمصلحة مشروعة ولهذا فان الحق يستلزم سلطة عليه  ويقرها القانون .

وفي الإسلام كلمة الحق لها دلالات مختلفة حسب سياق الآية الكريمة والحقوق نوعين حق الله العبادة وحقوق الناس تتعلق بمصالحهم ومعاملاتهم  وبالقوانين وهناك حقوق عامة :ما منح للناس كافة وألزم الكل بها  مثل الحرية والحياة  ،وحقوق خاصة هو وليد التزام خاص لواحد من الناس أو أكثر فالحق بحاجة إلى سلطة ورابطة تربط بين بالإضافة لمعرفة القانون .

التعريف بالواجب :وهو الفرض والإلزام باللغة العربية ففي الإسلام هو ما يذم تركه  ويعاقب على تركه مثل الصلاة والزكاة ،وهناك ارتباط بين الحق والواجب فكل حق له واجب بمقتضاه  ولهذا نشأت فكرة الالتزام

(فاجأت الحرية : القدرة على العمل بما لا يضر الغير) ، وللتميز بين الحقوق والحريات  هناك حقوق مسماة وأخرى غير مسماة  والحرية هي لكل الحقوق فبتالي فان الحرية هي الأصل العام لكل الحقوق فحق الأمان يجب أن يرافقه الحرية السياسية والاقتصادية ... فالحرية هي الأصل المشترك لكل الحقوق والحرية المدنية التي تقر بفعل كل شي متفق عليه بين الناس ويمكن أن يتعارض مع الحرية في الإسلام.

الخصائص العامة للحرية : غير مشروطة وامتياز غير محدد  فالحرية الشخصية تعطي الأفراد امتيازات  ويمكن أن تصل حد التعسف في بعض الأحيان  لذلك وجدت الحرية التعاقدية  في الأحزاب ،والمنافسة الحرة بالتجارة  وحرية التعبير بالكتابة وحق الرد

ركز الدكتور عادل العوا على التراث والعادات والتقاليد بالمجتمع وأثرها على الحرية في مقالته تراثنا ... حرية   فعرف التراث : ما يتركه الميت لورثته أو ما ينتقل من عادات وتقاليد وعلوم وأدب وفنون ونحوها  من جيل إلى جيل ،التراث الإنساني  أي معرفة الماضي بأثره ، والتراث ديمومة ، والحرية تنفي الجمود والتصلب وخيار الحرية فعل هادف والاختلاف يقود إلى التنوع وهو بدوره يقود الحرية لإدراك الفارق الذي يؤدي إلى التميز  والتجدد فتنشأ قيم جديدة .

هكذا تفسر نشأة الحرية وحتميتها ولولا الاختلاف لامتنع الشعر وتبلد الفكر  وصارت الحياة غريزية

أما تراثنا : فهو قديم قدم الوجود العربي  وهو يتمتع بالديمومة وهو أنواع عدة منه الفقه الذي ينظم سلوك الجماعات في واقع العيش المشترك   والتصوف  هو نشاط عقلي وجداني يحرص على تقديم شؤون المعرفة وتقديم الآخرة على الأولى ، وعلم الكلام  يعتمد المنطق  والبرهان لبلوغ الهدف  بالتي هي أحسن، والدين كالسياسة إمرة وطاعة وهى طاعة العباد  كثيرة مثلهم ومختلفة باختلافهم .

تعد حرية الرأي والتعبير حقا أساسيا من حقوق المواطن  وحقوق الإنسان  ويعد الإعلام  الملتزم حامي الحريات وهو بمثابة  سلطة المحامي العام  ، فهي مؤثرة وفاعلة   ويجب أن ينتصر الإعلام  للفضيلة  وضد العدوان  ولا يؤدي دورا مضللاً ومحاميا عن الشيطان  ، لذلك يجب أن يقترن بالمسؤولية  وهو دخل في صناعة القرار السياسي  ومشارك في السياسة العامة لأنه مرتبط بشرعة حقوق الإنسان  وما تقره من حق التعبير والاتصال فجعلت الحقوق الإعلامية حقوقا دولية مصانة وقوة دساتير الدول تقاس  بما تشمله من هذه الحقوق ، وطبيعة النظام السياسي وما يمثله من الحريات المرتبطة بالنظام  بشكل كبير فإذا كان فرديا  استبداديا فلن تكون حرية الإعلام مصانة ولا ينظر إليها باحترام لان الأصل في حرية الإعلام الممارسة على الواقع ، وإذا كان النظام ديمقراطيا يحترم الحريات يسهم الإعلام في خدمة المجتمع وخلق حراك سياسي ...  فأصبح التميز بين الديمقراطية  والإعلام صعبا وأصبح الإعلام هو معيار قياس كفاءة الأداء السياسي للنظم المعاصرة .

وعملت العولمة  بما أنتجته  من التزاوج بين الإعلام والتكنولوجيا  إلى التخطي المعلوماتية للحدود الوطنية  وتهميش الثقافات القومية وبروز دور المثقف التلفزيوني الذي يعمل على الهيمنة على العقول الوطنية، وكذلك تأثير تكنولوجيا المعلومات في صلب العملية الديمقراطية من فرز الأصوات  والتلاعب الالكتروني أو بروز الشفافية في العملية الديمقراطية فدخل الإعلام صناعة الإحداث بعد أن كان ناقلاً لها مما على تغذية مشاعر الإحباط واليأس  بسبب الفارق الكبير بين الإعلام الغربي والإعلام الوطني الضعيف , وتعرضت القوى المجتمعية إلى الاختراق والتركيز على الفرد الذي أصبح هدف الإعلام

ومما سبق نجد أن حرية الإعلام في ظل الثورة التكنولوجية امرأ لا مفر منه في تقوية البناء الداخلي للدول والمجتمعات.

والحرية اليوم من اخطر المسائل  لأنها شاملة للوجود الإنساني نفسه  وهى عدوة الفوضى والاستبداد ف ( الحرية المنظمة ) عمل الأنبياء المصلحون والعلماء من اجل تحقيق الخير للإنسان ، والحتمية في ضبط الفعل الحر ما هي إلا حدود مجتمعية مصانة كما في الإسلام والخروج عنها تدميراً للمجتمعات وأكد الإسلام على الحرية وأبعادها وانعدام القسر على الإنسان وهو حر بقدر ما يختار من قراراته ، وحياته الدنيا لا تغن عن آخرته شيء ، فيعرف أفراد المجتمع الحدود المصانة للحرية وسبل تحقيقها فيتمثلوها قي وجدانهم فتصبح عقيدة وتتحول إلى سلوك اجتماعي مشجع لتجاوز العقبات وبناء مجتمع عادل متسامح . لأن معرفة القانون واجتم

اع الناس حوله يؤدي إلى المجتمع الفاضل وهذا ما سعى إليه الفكر الإسلامي وميزه عن بقية الأفكار الطوباوية البعيدة عن الحقيقية وأبعده عن القوال مأثور السلطة المطلقة مفسدة مطلقة .

يتبع إن شاء الله

محمد اللكود

الجمعة، 17 مارس 2017


                     



الاتجاهات المعاصرة في تربية المواطنة لتحقيق المواطنة وتنمية الهوية الوطنية 

    أضحى مستقبل الإنسان مرهوناً بتقدم التربية وتطوير مفاهيمها في التعاون والعيش المشترك والإخاء الإنساني والعدالة والحرية واحترام الآخرين واعتماد الحوار سبيلاً للتفاهم وحل المنازعات بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة في خارطة الكون.

وتعليم المهارات الحياتية من الأهداف الرئيسة للتربية المعاصرة، حيث تركز المنظمات الدولية والإقليمية في السنوات الأخيرة، اهتمامها الشديد على "ضرورة تعليم هذه المهارات،  وإدماجها في المناهج الدراسية وبرامج تكوين المعلمين" (اليونسكو1996 ، الألكسو 2004).   على التربية العربية أن تعد إنساناً يستطيع أن يتكيف مع متطلبات القرن الجديد ، وهذا يتطلب اكتساب مهارات التفكير الناقد وحل المشكلات وتحمل المسؤولية لهذا يجب تطوير مناهجها وتجديد مضامينها

ومن ضمن هذه المضامين المواطنة والهوية والانتماء والتربية في بعض البلدان وكيف اعتمدت مادة التربية الوطنية بعجالة حتى لا يمل من هذا الموضوع فكيف يتشكل مفهوم الهوية والانتماء والمواطنة والوطنية ؟ وكيف تترسخ هذا المفاهيم في التعليم ؟واولها :

مفهوم الهويّة •

يشير مفهوم الهويّة التقليدي إلى منشأ الفرد ومكان ولادته ، والهويّة في الّلغة مشتقّة من الضّمير  (هو) وتعبر عن سماتٍ تميّز شخصاً عن غيره في ثقافته ولغته وعقيدته وحضارته وتاريخه، أو تميّز مجموعة بشرية عن غيرها ، وهى مرتبطة  بالخصوصيّة والذّاتيّة ومنسجمة مع معطيات الفكر القانوني والسّياسي، الّذي يستند إلى قانون المواطنة بوصفها معياراً جوهريّاً لتحقيق المساواة بين الأفراد.

ومفهوم الهويّة الفلسفي هو التعبر عن ذات الإنسان ، وكلّ ما يشكّل شخصيّته من مشاعر و أحاسيس وقيم وآراء و مواقف وسلوك؛ أي كل ما يميّزه عن غيره من النّاس ويتطابق هذا المفهوم مع المفهوم العام للهوية.

والهويّة الوطنيّة هي مجموع السّمات المشتركة الّتي تميّز أمةً أو مجتمع أو وطن معيّن عن غيره ، وتترجم روح الانتماء لدى أبنائها وبدونها تفقد الأمم كل معاني وجودها واستقرارها،، وهذه الخصائص تشكّل جوهر وجودها وشخصيّتها المتميّزة وكما  أنها وعاء الذي يوحد المجموع البشريّ ( المجتمع )حامل نفس الهوية ، وهناك عناصر للهوية الوطنيّة لا بد من توفرها، مثل الموقع الجغرافي المحدد. والتاريخ المشترك والعلم الواحد والحقوق المشتركة، كحق التعليم، وحق التعبير عن الرأي، وحق الحياة بكرامة وعزة ، وحق التملك، وحق العمل، والقيم والعاداتٍ والإرادة  المشتركة في الحياة ضمن نطاق الكيان الجغرافي  ، وبذلك نجد أن الهوية بالمفهوم الفلسفي أو التقليدي أو الوطني تعبر عن سمات مشتركة موجودة بالفرد ومستمدة من الخصائص المشتركة في المجتمع الذي يشكل الوطن أو الأمة.

بدأت الهويّة العربية في التشكّل دستوريَاً منذ كتابة صحيفة النّبي محمد (صلّى الله عليه وسلّم) بعد هجرته من مكة إلى يثرب، حيث انطلقت الهوية العربية من مبدأ التغيّر في خصائص المجتمع مع الإبقاء على الثّوابت، ولذلك شاركت الهويّة العربيّة في منظومة الإنتاج الحضاري لأنها خلاقة، وبناء التّراث العالمي  لأنها منفتحة، وبقيت محافظة على ثباتها الإيجابيّ بما تمتاز به من حيوية وإنسانية.. وهذا المفهوم يطابق تشكل الهوية القومية الانساني ،  وهى مهدت الى ظهور مفهوم الهوية الإنسانية العالمية.

المواطنة وعلاقته بالانتماء
 المواطنة والمواطن مأخوذة في العربية من الوطن أو المنزل مكان إقامة الإنسان وتتميز المواطنة بولاء الفرد لوطنه وخدمته في جميع الأوقات بالتعاون مع المواطنين كلهم لتحقيق الأهداف التي يصبو لها الجميع ، مع الاعتراف المشترك بوجود ثقافات وديانات أو عقائد مختلفة، واحترام حق الغير وحريته مع الاهتمام بالشؤون الدولية ، وهذا المفهوم نقلنا إلى المواطنة العالمية القائمة على وجود مجتمعات ذات ديانات وثقافات وتقاليد ونظم مختلفة ، والمصلحة المشتركة في مجابهة التحديات التي تواجه العالم من عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية ، أو احتكار تقنيات المعلومات أو التجسس على الأفراد  وانتهاك سرية معلوماتهم ، والتدهور البيئي وتهديد السلام. إن ظهور مفهوم المواطنة العالمية لم يلغ المواطنة المحلية بل وضعها ضمن إطار واحد منفتح مع القيم الإنسانية العالمية ،ودعمها لما تتميز به من تواصل  بين الأفراد وانفتاح على الإنسانية جمعاء، ولتحقيق هذه المواطنة يجب توفر مجموعة من العناصر مثل الاعتزاز بالهوية، التمتع بالحقوق ومعرفة المسؤوليات والالتزامات والواجبات ، ومشاركة المواطن في الشؤون العامة وقبوله بالقيم الاجتماعية الأساسية في المجتمع

الانتماء : مفهوم نفسي ، اجتماعي ، نتاج للعملية التبادلية بين الأفراد  لتكوين مجتمعهم، يبدأ مع الإنسان منذ لحظة ميلاده وينمو مع الفرد إلى أن يصبح انتماءً للمجتمع الكبير الذي يعش فيه ، فوجود المجتمع هام جداً للفرد به يحقق له الحضور  بين الآخرين ويكون مصدر فخر واعتزاز له ، ويجعله في حالة توافق متبادل مع بقية أفراد المجتمع، و يشبع حاجاته بما يؤمنه من الشعور بالأمن والقوة والحب ، وكذلك شعور الفرد بمكانته وبالرضا الذي يستمده من انتمائه لجماعته فيجعل الفرد يعتنق مبادئ وقيم الجماعة التي ينتمي إليها ويلتزم بها ويدافع عنها ويضحي في سبيلها.

 ينمو الانتماء كقيمة جوهرية في  البداية من وعي الفرد لعضويته في الجماعة ، ثم حالة وجدانية معلنه تظهر لحظة تعبير الفرد عنها لفظياً مؤكداً مشاعره تجاه جماعته، ثم ينعكس سلوكاً حين يتخذ الفرد مواقف سلوكية حيال جماعته التي ينتمي إليها، وقد تكون هذه المواقف إيجابية تعبر عن قوة الانتماء ، أو سلبية تعبر عن ضعف الانتماء.

ومن خلال معرفة الانتماء وظهوره لابد لنا أن نتعرف أبعاد الانتماء والتي تتكون من الهوية التي يسعى الانتماء إلى توطيدها، وهي في المقابل دليل على وجوده ، وما سلوكيات الأفراد إلا مؤشرات للتعبير عن الهوية التي  رسمها الانتماء.

تعزز الجماعية التعاون والتكافل والتماسك بين الأفراد ، كذلك المحبة والتفاعل بدوره ينمي الرغبة في الاندماج الذي يقوي الانتماء عند الأفراد فيعبرون عنه بالتوحد لتحقيق الهدف العام للجماعة التي ينتمون إليها.

 الولاء للجماعة أو الأمة جوهره الالتزام، يدعم الهوية الذاتية ، ويدعو إلى تأييد الفرد لجماعته وهو الأساس القوي الذي يدعم الهوية ، والجماعة مسؤولة عن تأمين كل حاجات أعضائها حتى تضمن الولاء ،ويعبر الفرد عن ولاءه من خلال  الالتزام بالنظم والمعايير الاجتماعية  لتحقيق الإجماع وتجنب النزاع وهذا بدوره يعتبر من أبعاد الانتماء.

الديمقراطية نظام اجتماعي سياسي وحياة وأساليب التفكير وقيادة، وتشير إلى الممارسات التي يقوم بها الأفراد ليعبروا عن تقديرهم لذاتهم ولإمكاناتهم ، فتضمن الديمقراطية لهم تكافؤ الفرص وتعزز الحرية الشخصية والتعبير عن الرأي، وتنمي شعور الفرد بالحاجة إلى التفاهم والتعاون مع الغير من خلال الحوار البناء وممارسة النقد وتقبل نقد الآخرين وتقبل الآخرين له ، واختيار القيادات في مجتمعه بالانتخاب مع احترام المعارضة والترحيب بمواقفها، مع الالتزام بالنظم والقوانين بما يحقق سلامة ورفاهية المجتمع .
 وبهذا نجد أن التنشئة الاجتماعية تعمل على تقوية الانتماء لأنه  حاجة أساسية في البناء النفسي والبناء الاجتماعي وعن طريقها يتشبع الفرد بالقيم المعززة للانتماء من اللغة والفكر والفن، ويشير ضعف الانتماء إلى مظاهر السلبية واللامبالاة نحو المجتمع ، وغالباً كلما زاد عطاء المجتمع لإشباع حاجات الفرد ، كلما زاد انتماء الفرد إليه ، والعكس صحيح .لآن الفرد يحب أن ينتمي للجماعات القوية وينفر من الضعيفة .

مما سبق نستطيع القول :أن الانتماء اتجاه إيجابي يستشعره الفرد تجاه وطنه ، مؤكداً وجود ارتباط معه باعتباره عضواً فيه ، ويشعر نحوه بالفخر والولاء ، ويعتز بهويته وتوحده بالوطن ، وملتزماً بالقوانين والقيم التي تعلي من شأنه وتنهض به ، محافظاً على مصالحه والدفاع عنه.
إن الارتباط العضوي بين الهوية بأشكالها المتنوعة من فردية الى اجتماعية الى وطنية  والانتماء والولاء والديمقراطية كأسلوب حياة يولد مجموعة مفاهيم مرتبطة بجذر واحد وهى الوطن والمواطنة والوطنية فما هذه المفاهيم والعلاقة بينها ؟

المواطنة : هي الدائرة الأوسع التي تستوعب مختلف الانتماءات في المجتمع وهى تضع القواعد التي تلزم الأفراد بواجبات معينة تحقق اندماج الأفراد بالوطن، والعمل سوياً بمسؤولية لتحقيق الأهداف الوطنية من خلال مؤسسات الدولة ، في حين أن الانتماء يلعب الدور الأساس في ظهور تشكيله واسعة وعديد من القوى الحزبية والثقافية والاجتماعية التي قد لا يمكن السيطرة عليها التي تفضي في بعض الأحيان إلى ممارسات مناوئة لمبدأ المواطنة ذاته .
 فتعمل المواطنة على انصهار جميع الانتماءات لصالح الوطن من خلال الالتقاء على أرضية المصلحة الوطنية العامة، ويتم ذلك بناء على ) الهوية. الانتماء.التعددية وقبول الآخر، والحرية ،  والمشاركة السياسية . (
الوطنيـة : تعرف الموسوعة العربية العالمية الوطنية بأنها حب الفرد وإخلاصه لوطنه الذي يشمل الانتماء إلى الأرض والناس والعادات والتقاليد والفخر بالتاريخ والتفاني في خدمة الوطن.

العلاقة بين المواطنة والوطنيـة :لبيان الفرق  بين مفهوم المواطنة والوطنية يجب إدراج مفهوم آخر لا يقل أهمية عن المفهومين السابقين وهو مفهوم التربية الوطنية : الذي يشعر الفرد بصفة المواطنة ويحققها فيه، وأن سعادة الفرد ونجاحه، وتقدم الجماعة ورقيها يأتي من الشعور والعاطفة وبالعمل الإيجابي الذي يقوم على المعرفة بحقائق الأمور والفكر الناقد لمواجهة المواقف ومعالجة المشكلات.

ومعنى ذلك أن صفة الوطنية أكثر عمقاً من صفة المواطنة أو أنها أعلى درجات المواطنة، فالفرد يكتسب صفة المواطنة بمجرد انتسابه إلى جماعة أو لدولة معينة، ولكنه لا يكتسب صفة الوطنية إلا بالعمل والفعل لصالح هذه الجماعة أو الدولة وتصبح المصلحة العامة لديه أهم من مصلحته الخاصة.

والوطنية تمثل الجانب الفعلي أو الحقيقي للمواطنة. والولاء لا يولد مع الإنسان وإنما يكتسبه من مجتمعه ولذلك فهو يخضع لعملية التعلم فالفرد يكتسب الولاء "الوطني" من بيته أولاً ثم من مدرسته ثم من مجتمعه بأكمله حتى يشعر الفرد بأنه جزء من كل

مكونات المواطنة :

للمواطنة عناصر ومكونات أساسية ينبغي أن تكتمل حتى تتحقق المواطنة منها الانتماء للوطن الذي يجعل المواطن يعمل بحماس وإخلاص للارتقاء بوطنه وللدفاع عنه ومن مقتضيات الانتماء أن يفتخر الفرد بالوطن والدفاع عنه والحرص على سلامته.

الحقــوق التي يجيب أن يتمتع بها جميع المواطنين وعلى الدولة والمجتمع تأمينها منها حماية المقدسات الدينية واحترام الشرائع السماوية وحرية الاعتقاد بالإضافة إلى وتوفير التعليم والرعاية الصحية والحياة الكريمة والعدل والمساواة والحرية الشخصية وصيانة حرية التملك، وحرية العمل، ، وحرية الرأي، وعلى الأفراد والواجبـات يجب القيام بها منها المشاركة السياسية ، احترام النظام والحفاظ على الممتلكات العامة والمساهمة في تنمية الوطن الدفاع عنه،  والألتزام بالقيم العامـة  من أمانة وعدم استغلال الوظيفة أو المنصب لأي غرض شخصي والإخلاص في جميع الأعمال والصدق وعدم الغش أو الخداع أو التزوير والتناصح.

المشاركة المجتمعية : من أبرزها الأعمال التطوعية التي تقوي أواصر المجتمع، وتقديم النصيحة للمواطنين وللمسؤولين.



– الاتجاهات المعاصرة في تربية المواطنة لتحقيق المواطنة وتنمية الهوية الوطنية

تسعى جميع النظم السياسية لوضع أهداف للنظام التعليمي من أجل تحقيق الانسجام السياسي بين مواطنيها مستغلة جملة من المتغيرات أهمها المواقف والأهداف والولاءات تجاه السلطة السياسية.

فتم وضع منهاج للتربية الوطنية لخدمة النظام السياسي، وبناء دولة شعبية ديمقراطية، والمساهمة في التنمية المستمرة لقوى الإنتاج ، وتربيتهم على روح الولاء لوطنهم. وتزويد الطلبة بالمعرفة التاريخية والسياسية وقوانين التطور الاجتماعي من خلال مجموعة من المؤسسات منها :

 المدرسة :

تتولى غرس القيم والاتجاهات السياسية التي يبتغيها النظام السياسي من خلال المناهج والأنشطة المختلفة وتغير الاتجاهات والقيم التي يؤمن بها الفرد من خلال الكتاب المدرسي وعلاقة المعلم بالطالب، فعندما يكون المعلم متمكناً من مادته الدراسية ، فإنه يكتسب احترام الطلبة، فيسهل عليه التأثير بهم فيغير القيم التي يؤمنون بها والعكس صحيح ، وإذا ترك المعلم الطلبة يعبرون عن آرائهم وأفكارهم بحرية يساعد هذا على نمو شخصياتهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم.

وتساعد الإدارة المدرسية الأفراد في تنمية إحساسهم بالاقتدار الذاتي والانتماء الاجتماعي وتكوين الآراء في معظم الاتجاهات، لهذا يجب أن تتحول المدرسة إلى مجتمع حقيقي يمارس فيه الطلبة الحياة الاجتماعية الصحيحة والمسؤولية والاستقلال والتعاون وإنكار الذات، مما يؤدي إلى تنمية مواطنة فعالة.

(ففي نظام يعتمد على الحفظ والترديد، ويعد نتائج الامتحانات المؤشر الوحيد لتقويم الطلاب، تبرز النزعات الفردية وتتفشى ظاهرة الغش والمنافسة السلبية، بينما تختفي مثل هذه النزعات في نظام تعلم يقوم على القراءة والاطلاع الحر ويغرس قيم الابتكار والجماعية والتعاون (المشاط، 1992م، ص 108).

المقررات الدراسية :

إلزامية يدرسها كافة الطلبة، أداة لتحقيق التماسك الاجتماعي في المجتمع ، وتوظفها السلطة في نشر القيم بين الطلبة ، فتؤثر فيه وتعدل من سلوكه وتزوده بالمعلومات التي تساعده في حياته، ، بتباعها الأساليب وطرق تدريس الخاصة بالمواطنة  مثل نقل المعارف والمعلومات التقليدية والقيم  ، وتعليم مفاهيم العلوم الاجتماعية واستخدام عمليات التفكير للحصول على المعارف والمعلومات التي يحتاجها الطلبة لحل المشكلات التي تواجههم ، وتنمية قدرة الطالب على نقد التراث السابق والوضع الاجتماعي القائم،  وتطوير شخصيته وتعد عملية ربط منهج التربية الوطنية بواقع الطلبة وحياتهم وممارسة الطلبة للأنشطة والخبرات من العناصر المهمة في تطوير المواطنة وتحقيق أهدافها، في مجتمعهم وبيئتهم.

مع ضرورة تعميم التربية من أجل السلام التي تهتم بالسلام بين الدول والشعوب إلى الأفراد داخل الأسرة أو الجماعة وأخيراً إلى الإنسان نفسه ، لأن السلام مطلب إنساني حتى لا يعيش الإنسان في خوف يفقده اتزانه ويجعله يتعامل مع من حوله على أساس أنهم أعداء فيشعر بالعزلة والتقوقع حول الذات فيفقد الثقة بالجماعة مما يؤثر على قدراته الانتاجية مما يسبب فشل التعاون مع الآخرين  فتنهار جميع مكونات المجتمع. ولتفادي ذلك لابد من تعويد الطالب على التعايش والتعاون من خلال وضع الطالب في مواقف تفاعلية حقيقية يدرك من خلالها أهمية الانتماء لوطنه. ربط الطالب بفكرة احترام الإنسان مهما كان جنسه أو عرقه أو لونه أو دينه، وبأننا نعيش في عالم تحكمه مجموعة من المثل والقيم والأهداف والمبادئ الدولية المشتركة.

وهذا يقع على عاتق المنهاج التربوي بما يحتويه من عرض الخبرات الإنسانية والمشكلات الدولية وأسبابها، وخصائص الناس من حيث تشابههم واختلافهم واهتمامهم بالآخرين، ليتعلم  التلميذ أهمية احترام الناس ،والتعايش السلمي، والحياة في مجتمع يقوم على التسامح والقيم السامية، ويرفض التعصب العرقي والديني .

من أهم مسؤوليات المنهج التربوي أن يؤكد على وجود توافق بين الوطنية والإنسانية، فيكسب الطلبة مقومات الانتماء للوطن متمثلاً في الولاء للأسرة والمجتمع المحلي بمصالحه ومؤسساته، والمجتمع الوطني بمنظماته وهيئاته، ، ومن ثم جعله يؤمن بوطنه القومي وبوطنه العالمي الإنساني،

التربية من أجل الديمقراطية

الديمقراطية طريقة حياة تعد الإنسان قيمة في حد ذاته، فهو أداة التنمية وغايتها، ترفض القيود التي تقف أمام إطلاق طاقاته وتفتح قدراته، لتلتقي مع العمل التربوي على نفس الهدف، ولهذا كلما توفر المناخ الديمقراطي ازدهر العمل التربوي . ومن ناحية أخرى تعد العملية التربوية الوسيلة الأساسية لتحويل المفاهيم الفلسفية الديمقراطية إلى قيم سلوكية يمارسها الإنسان ويدافع عنها من خلال التربية الديمقراطية التي تستند الى إشراك جميع الطلبة والمعلمين في صنع السياسات الخاصة بحياة الطلبة وتحمل المسؤولية من خلال تحديد المعايير المشتركة و شعور كل الطالب بأنه حر في التعبير عما في ذهنه والدفاع عن مصالحه الخاصة ، أن يعتاد الطلبة على الاستماع للآخرين، واحترامهم، والاهتمام بما يقولون، أن يعتاد الطلبة على الحوار المفتوح .

نماذج لبعض الدول التي اخذت بالاتجاهات المعاصرة في تربية المواطنة :

 أولاً - الولايات المتحدة الأمريكية :

       المجتمع الأمريكي خليط من المهاجرين ، فكان هدف المنهاج التربوي دمج جميع افراد المجتمع بتعزيز المشاركة السياسية وفهم مبادئ حقوق الأفراد ومراعاة مبادئ الحرية والعدالة والمساواة فهم المشكلات والقضايا المحلية والدولية.

فحوى المنهاج  الدراسات الاجتماعية التي تضم مادة التاريخ إجبارية في جميع الولايات ، ويركز على الموضوعات التالية : "التاريخ الأمريكي، الدستور، الأبنية السياسية، نظام الحكم، القيم الديمقراطية". أما الجغرافيا فينصب تدريسها على جغرافية كل ولاية ، وتركز مادة التربية الوطنية على "الحقوق والواجبات، المسؤولية، القانون، دور المواطن في البناء والإنتاج وغيره"، وتدرس بعض  الولايات منهجاً مستقلاً للتربية الوطنية

ثانياً - اليـابان :

 فموضوعات التربية الوطنية، تهتم  بتنمية احترام الذات، والآخرين، والإنسانية كافة. وفهم الشعوب والثقافات المختلفة، تنمية استعداد الطلبة على تحمل المسؤولية تجاه أنفسهم، ومجتمعهم، وزيادة الوعي بالمشكلات والقضايا المحلية والعالمية.

 ثالثاً – فـنـلـنــده : :

      هدف التربية الوطنية تنمية الوعي بالحقوق والواجبات وفقاً لما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتعزيز الجوانب الإيجابية لشخصية الفرد، وتنمية الوعي النقدي لديه وفهم الثقافات المختلفة واحترامها وإدراك أهمية التعاون الدولي والمساهمة في التنمية والسلام العالمي، فمادة التربية الوطنية تحتوي موضوعات تهتم بالمجتمع الفنلندي، الحقوق والواجبات، الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية، والدولة والديمقراطية، والسلطة والبرلمان والحكومة المحلية والأحزاب السياسية ، والحرية الدينية، ، وحقوق الإنسان.

رابعاً - الصيــن :

عملت مناهج الصين على  الربط بين التعليم والعمل الإنتاجي لتنمية وتكامل الشخصية،

وغرس روح المسؤولية لدى الأفراد العمل الجماعي واحترام الفرد لذاته وللكبار وللسلطات واحترام القانون والالتزام به وتعلم الأناشيد الوطنية هذه محتويات منهاج التربية الوطنية تحت مسمى التربية السياسية.

 خامساً – الجمهورية العربية السورية

وضعت معايير وطنية لتعبر عن السياسة التربوية في سورية والتي كانت تهدف الى بناء شخصية المتعلم  المتوازنة من جميع الجوانب الوجدانية والعلمية والفكرية والاجتماعية والنفسية والأخلاقية والجسدية،  عن طريق تعميق وتوسيع المعارف والاتجاهات والقيم  واستخدام التقنيات  التي تمكنه من متابعة التحصيل التخصصي، والتفاعل بشكل ايجابي مع القضايا الاجتماعية والوطنية والقومية والعالمية  بوصفه مواطنا واعياً منتـجًا مبدعاً قادراً على تحمل المسؤولية واتخاذ القرار وممارسة الديمقراطية في مجالات الحياة جميعها. ويتم  ذلك من خلال  تحقيق الأهداف كثيرة نورد منها  :

ترسيخ أهمية الوحدة الوطنية والإيمان بأهداف الأمة العربية، والانتماء للوطن وللأمة، وممارسة أسس العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد.

 فهم حقوق المواطنه وواجباتها والالتزام بالأنظمة والقوانين وتحمل المسؤولية في الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة .

تنمية الوعي بالعلاقة المتبادلة بين الإنسان والنظم البيئية والقضايا المتعلقة بها وتمكين المتعلم من الاستثمار الأمثل للموارد وترشيد استهلاكها.

تعميق الوعي بحقوق الإنسان والطفل والمرأة واحترامها، وأهمية الأسرة وضرورة المحافظة على تماسكها، ودورها في المحافظة على وحدة المجتمع وتطوره.

تعزيز حب العمل المنتج  المتقن بصفته حقاً وواجباً و شرفاً للإنسان و تأكيد قيم العمل الجماعي والعمل التطوعي وتقدير المهن على اختلاف أنواعها.

تقدير جهود الدولة والمنظمات والجمعيات الأهلية ودورها في تكوين الرأي العام وتقدم المجتمع وتعزيز مشاركة المتعلم فيها والإسهام بأنشطتها.

وبهذا نجد بان الدراسات الاجتماعية ومادة التربية الوطنية تشترك بأهداف كثيرة ومنها

تعزيز القدرات الاجتماعية والمعرفية والعمليات الفكرية، والتصرفات المبنية على احترام حقوق الانسان الفرد، وحقوق المجتمعات المتنوعة ثقافياً ليكونوا نشطاء وفعّالين ومشاركين في الحياة العامة. باستخدام المعرفة والمهارات لبناء مجتمع متطور فالشباب الذين يملكون المعرفة، والمهارة، والملتزمون بالديمقراطية ضروريون لإستدامة وتحسين طريقتنا في الحياة الوطنية المثلى، والمشاركة بفعالية في المجتمع العالمي.

في النهاية نستطيع القول أن مفاهيم الوطنية والمواطنة والوطن ترتكز على ولاء المواطن الى الارض التي يعيش عليها مستمد من تاريخه القديم وحاضره الالتزام بمنتج مجتمعه ليبني وطناً مع بقية أفراد المجتمع قوياً متماساً والجميع يشاركونه دون النظر الى توجهاتهم أو عقائدهم لأن الجميع شركاء فيه وتقصير أي فرد خلل في البناء الوطني.


                                                                                                                    محمد اللكود


  Normal 0 false false false false EN-US X-NONE AR-SA        
المصدر: مجموعة من المؤلفين المراجع: 1 - أبوالفتوح، رضوان، التربية الوطنية (طبيعتها ، فلسفتها، أهدافها، برامجها) المؤتمر الثقافي العربي الرابع، القاهرة ، جامعة الدول العربية، 1960م. 2 - التربية للمواطنة، ترجمة السيد عيسوي أيوب، الكويت، مركز البحوث التربوية والمناهج بوزارة التربية، مجلة التربية، ع 24 ، يناير 1998م. 3 - صائغ عبدالرحمن أحمد، التربية للمواطنة وتحديات العولمة في الوطن العربي، ورقة عمل مقدمة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 1422هـ. 4 - القحطاني ، سالم علي ، التربية الوطنية "مفهومها، أهدافها، تدريسها"، مكتب التربية العربي لدول الخليج، رسالة الخليج العربي، ع 66 ، 1998م. 5 - Evans Karen، تشكيل مستقبليات التعلم من أجل الكفاية والمواطنة، ترجمة خميس بن حميدة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 2000م 6- المعايير الوطنية للجمهورية العربية السورية وزارة التربية 2007 م




نشرت فى 3 فبراير 2017 بواسطة lkoud 
                                                                 القولبة أو النمطية والعقل العربي ...
 بقلم : محمد اللكود 
القولبة أو الصورة النمطية مفهوم مستعار من عالم الطباعة يستخدم لإنتاج نسخ مطابقة للأصل، وتم استخدام هذا المصطلح ليصف ميل الإنسان إلى وضع الناس في قوالب عامة جامدة، بحيث يمثل رأياً مبسطاً، أو موقفاً عاطفياً، أو حكماً غير مدروس يتسم بالجمود وعدم التغير وفي أغلب الاحيان لايكون بسبب « نقص المعلومات» أو مشكلة معرفية بل بهدف تحقيق عدوان معنوي متعمد ومخطط له وتتم العملية بإلصاق مجموعة من الصور الكريهة والأوصاف المنفرة وتعميمها وتشويه متعمد للحقائق، باسلوب التعميم المفرط، غير مستند للواقع .، وبالرغم من أن التعميم وإصدار الأحكام العامة من أكثر الأخطاء الفكرية تكراراً لدى الإنسان إلا أنها ضرورة قكرية ممكن ان تحدث بشكل عرضي وتختلف تماماً عن القولبة و التي تهدف إلى تصنيع الصورة النمطية . الىسلبية عن الآخرين وتعتمد النمطية على دراسات علمية تختص بالعقل الباطن الذي يمثل الجزء اللاوعي من عقل الانسان وهو يتحكم بحركات جسمك اللا شعورية ويعد مخزن المشاعر والمبادئ والمعتقدات أو أي شيء يدخل للعقل ويصبح مسيطراً عليه وعلى التفكير، وهو مستوى أدنى من الوعي أو العقل ويعمل عليه المتنورين ، ويوزعون الافكار في العقل الباطن ونحن نعتقد أنها أفكار خاصة ولكنها أفكار مغروسة تؤثر كثيرا في الحياة وخاصة الاطفال وتستغلها السينما لجذب انتباه الاطفال بشكل خاص والترويج للمنتجات. دور وسائل الأعلام في النمطية أو القولبة: وسائل الإعلام بأنواعها المقروءة والمسموعة والمرئية والأفلام السينمائية والتواصل الاجتماعي حتى المباشرة منها تعد المصدر الرئيس لكل أفكارنا وتصوراتنا، عن الدول والشعوب والثقافات والديانات..الخ تبحث وسائل الإعلام عن شواهد أو أحداث أو ممارسات ويتم ترسيخها في أذهان البشر مع مرور الوقت والتكرار المستمر لتأكيد الصورة النمطية السلبية وتكرارها، وترسيخها، حتى تتلاشى أي جوانب إيجابية أخرى في صورة المستهدف بحيث تختزل اهدافهم أو صفاتهم في مجموعة قليلة من السمات السلبية مما تستدعي ردود أفعال معينة من الجمهور وهى من أشد أشكال الظلم الذي يتعرض له البشر في هذا العصر، و إذا نجحت عملية القولبة والتنميط وتصنيع الصورة السلبية فإن الضحية يجد من الآخرين مشاعر الكراهية والنفور، والاشمئزاز والاحتقار، وأحياناً الخوف منه، بل والرغبة في التخلص منه، مما يجعله معرضاً للخطر ، إن الصورة النمطية السلبية التي تقوم وسائل الإعلام بتصنيعها ورسمها لبعض الثقافات والجماعات وبعض الاتجاهات السياسية أوالفكرية، هي مظهر من مظاهر الظلم في هذا العالم، وتهدد الأمن والاستقرار وتعمل على تأجيج الكثير من الصراعات، وزيادة حدة الكراهية في العالم، بل إنها تعطي المشروعية لهذه الكراهية، وتبرر عملية الاعتداء على ضحايا الصورة النمطية السلبية، وتجعل العدوان عليهم شيئاً مبرراً ومفهوماً ومشروعاً. إن الأفلام السينمائية الأجنبية جسدت شخصية الإنسان العربي على أنه وسخ لا ينظف نفسه ورائحته نتنة قليل الاهتمام بحياته الاجتماعية وهو ظالم وإذا تم رسمه يكون شكله مثل الانسان في العصر الحجري وهذا يشعرك بعدم الارتياح بسبب إحساسك بأنك قد وضعت في إطار صورة نمطية سلبية غير عادلة وأصبحت مهدد بالقتل ومنبوذ في المجتمع وغير مقبول عالميا وبسبب هذه الصورة كان طلب مجموعة من الركاب في طائرة طرد فتاة عربية خوفا من أن تكون ارهابية وأمثلة أخرى كثيرة رسمها الأعلام الغربي عن العرب والاسلام. القوانين والمواثيق الأخلاقية والتنميط نظراً لما تمثله عملية القولبة والتنميط من ظلم فادح، واستغلال سلطة الإعلام في الاعتداء المبرمج والممنهج على الآخرين، فقد نصت المواثيق الإعلامية على عدم التصوير النمطي لأي اتجاه فكري، أو سياسي، أو جماعة عرقية، أو دينية. دور المجالس والنكت والتواصل الاجتماعي: لا يقل دور التجمعات وتبادل الاحاديث (والنكت) عن دور الإعلام في تعزيز النمطية في المجتمع الواحد، وتتطورت هذه الصور بحيث لا يوجد بلد عربي إلا فيه مدينة تمثل النمط السلبي ، ولا قرية ألا فيها أسرة منمطة بأسلوب خاص وأن النكتة على وجه الخصوص أسرع وسيلة لغسيل دماغ الانسان واكثر انواع الأيديولوجيا الفكريه تدميرا وقد استخدمت في معظم حروب العالم من ضمن الحروب النفسية واﻹعلامية لتدمير العدو والنيل من مبادئه وقدراته وهز ثقته في نفسه ،وبذلك يكون أفراد المجتمع اكبر مساعد لأعداء الوطن وخير دليل على ذلك اسلوب القولبة وتصنيع الصوره التي استعملها الأستعمار البريطاني حين علموا أن الصعايده ذوي نخوه وقوه وثبات، أرادو كسرهم وبثوا نكت تسخر من غباءهم وليس ضعفهم، حتى رسخوها فيهم وفي أجيالهم فحينما يذكر الصعيدي يتبادر لذهنك شخصيه غبية وسطحية . أمثلة كثيرة عن محاولة الإعلام الغربي تنميط المقاومة العربية للصهيونية على أنها ارهاب وضد الديمقراطية والسامية ، والنمط الايجابي للحركة الصهيونية على انها سامية وإنسانية والعكس صحيح.


لنا بقية محمد اللكود
المصدر: مصادر متنوعة 

تطوير مفاهيم عمل البوليس مع حقوق الانسان

عمل الشرطة وأفاق تطويرها بما يتناسب وحقوق الإنسان
أدت التطورات التي شهدها العالم بفعل تقدم الاتصالات والمواصلات وتكنولوجيا المعلومات إلى  إحداث تغيرات كبيرة في الأنشطة الإنسانية بإيجابياتها وسلبياتها، فتأثرت الجريمة وأساليب مخالفة القواعد العامة في المجتمع  بهذا التطور.
وبالتزامن مع هذا التطور أصبح واضحا لدى رجال الأمن أن ظاهرة الجريمة من المستحيل مواجهتها بالجهود الأمنية المنفردة مهما كانت قوتها وعدادها ، وأن الجريمة قضية تعني كل أفراد المجتمع ومؤسساته، وأصبح من الضروري أن يقف المجتمع كله في مواجهتها، و الوقاية منها يجب ألا تقف عند حد الإجراءات التقليدية التي تضطلع بها أجهزة الشرطة والقضاء، بل أن الأمر يقتضي استظهار أساليب أخرى مدعمة وفاعلة، كما أكدت الدراسات الحديثة، أن الوقاية من الجريمة تقوم على مبدأ المسؤولية الشخصية والمجتمعية تجاه مكافحة الجريمة، وأن للمواطنين دور في غاية الأهمية في توقي الجريمة لا يقل أهمية عن إجراءات الشرطة التقليدية والأجهزة الأمنية المختلفة. ومن ثم أضحت الدعوة لمشاركة كل أفراد المجتمع وهيئاته ومؤسساته في مكافحة الجريمة وإعادة التقارب والتفاهم بينها أمراً تقتضيه طبيعة المرحلة الراهنة ، وتفرضه متطلبات التنمية المستدامة ’التي تهدف إلى تطبيق القانون وتحقيق العدالة انطلاقا من مبدأ أساسي جعل ذلك مسؤولية مشتركة بين كل هذه الأطراف والتي تبدأ من  :
رقابة أفراد المجتمع :
لأن جوهر الوظيفة الأمنية للشرطة خدمة المواطن ( الشرطة في خدمة الشعب ) كما أن الشعور بالمسؤولية والوعي بأهمية دور المواطن في استقرار المجتمع هما الخطوة الهامة لتحقيق سلامة المجتمع، فعلى المواطن دور كبير في دعم ومساندة واستقرار الدولة بشيوع الأمان في المجتمع ، فيتابع الأفراد عمل المؤسسات الأمنية وفضح المقصرة منها وخاصة مع توفر وسائل الإعلام بكثرة وسهولة ، أو من خلال التداخل والتعليق أثناء اللقاءات المتلفزة مع المسؤولين  في الأمن أو السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية وأصحاب القرار.
منطلقين من أن المواطن شريك أساس في مساندة الأجهزة الأمنية وضرورة الحصول على تأيده ووقوفه لجانبها لتحقيق الأمن لذلك يجب زيادة وعي المواطنين بحجم المخاطر والتهديدات التي تُمثلها الجريمة وخاصة حين تستخدم  وسائل الإعلام كافة من (المقروءة – المسموعة – المرئية) ،
ويتم مشاركة المواطنين من خلال تدريب الأفراد المتعاونين مع رجال الشرطة على إجراءات أمنية محددة، تضمن لهم  القدرة على الوصف والتخاطب بأساليب اتصال معتمدة ومحددة يمكن المواطن من القدرة على تحليل واقعة معينة، واختيار الأسلوب الأمثل لإيصال المعلومة إلى الجهة الأمنية، وبهذا يصبح شرطي غير موظف وداعم لعملها وبنفس الوقت ضابط لحركة أفراد الشرطة ومراقب عليهم من داخل  مؤسستهم .
مؤسسات المجتمع المدني :
يقوم عمل الشرطة بالأساس على مشاركة جميع أفراد المجتمع في مهامها الأمنية كما ذكرنا، ويقاس أداء الشرطة الجيد بمقدار حجم مشاركة الأفراد المهتمين بعملها لتحسين ظروف الحياة وخفض المشكلات الاجتماعية ومعالجتها من خلال التواصل الدائم بين أفراد المجتمع والجهة الأمنية الذي تؤمنه مؤسسات المجتمع المدني المتمثل بالجمعيات والمنظمات وجماعات  الضغط التي تهتم بحماية المجتمع من الأخطار الداخلية والخارجية ، وأكثر هذه مساهمتاً الجمعيات التي تهتم بمكافحة المخدرات و بصحة الإنسان والبيئة ، فهي تبحث عن مساعدين لها لمكافحة حالات الإدمان وحماية الأطفال والنساء من العنف فتجد ضالتها بالشرطة إذا استطاعت الأخيرة أن تستقطب هذه الجماعات ، وهذه الجماعات ( جماعات الضغط )  بدورها تكون مراقباً على أفراد الشرطة ورصد انتهاكاتهم لحقوق الإنسان فتعمل على نشر ذلك ومحاسبة المخالفين وقادتهم ، فهي تقوم بدور مساند ودور مراقب ومتابع ومقيَم لعمل الشرطة، وعادة ما يكون مجال تأثيرها مباشراً على المشاركين في الميدان وتكون الاستجابة لأعمالهم سريعة ومساهم بأحداث التغير الوظيفي الذي يجب أن تقوم به الشرطة اليوم الذي يعتبر تغيرا بناءاً وصادقاً.
أن الإرهاب هو الخطر الأكبر الذي تواجهه المجتمعات في الوقت الراهن وهو خطر غير تقليدى يستغل التقنيات الحديثة، وعلى رأسها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بغرض نشر الفكر المتطرف المضلل لاستقطاب أعدداً كبيرة من الشباب ولا يتم مكافحته إلا بمساندة منظمات المجتمع المدني الرقيب على عمل المنظومة الأمنية المخلة بالتزامها تجاه مجتمعاتها،  وتعمل هذه المنظمات على تعزيز حالة الاستقرار الأمنى وإحباط نشاط التنظيمات الإرهابية، والحد من حركة عناصرها بمساعدة المؤسسات الديمقراطية.
المؤسسات الديمقراطية :
تعمل الأحزاب و النقابات و المنظمات على صياغة منظومة أمنية شاملة من التدابير والخطط المشتركة للحفاظ على استمرارية عملها ، وتعتمد في الوقت ذاته إستراتيجية أمنية متوازنة لتكريس معطيات الاستقرار الأمني بمختلف روافده بغية تحقيق الأمن بمفهومه الشامل بالمشاركة مع الأجهزة الأمنية الأخرى وخاصة جهاز الشرطة بصفته الجهاز المسؤول المباشر عن حمايتها ، والتوجه نحو تطوير دورها الأمني في المجالات الخدمية والتنموية واعتماد الأسلوب العلمي في عمله ، خاصةً فيما يتصل بإعداد الموارد البشرية للمنظومة الأمنية، فهي شريك للحفاظ على مقراتها وأمن أفرادها وهى مراقب لعمل الشرطة حتى أنها تشير إلى التجاوزات وتمنع وقوع اختراق أمني غير المتوقع (عين ساهرة ليستمر عملها ) ومن هنا  تطور عملها في تقويم عمل الشرطة ورصد حالات الخلل والفشل بعملها.
المؤسسات الإقليمية والدولية:
لها دور كبير في الرقابة والتوجيه وتمتلك قدرة كبيرة بالتأثير على المؤسسة الأمنية وأفرادها  من خلال فضح انتهاكات الشرطة لحقوق الإنسان أو تدخل عناصرها بطريقة غير صحيحة لتحقيق مكاسب خاصة  ، وتتمثل قوتها بمكافحة الجريمة الدولية وجرائم تقنية المعلومات وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء فيما يتصل بجهود حجب المواقع الإلكترونية التي تروج للإرهاب والعنف واستقطاب الشباب لارتكاب أعمال إرهابية والتي تحوي معلومات تفصيلية عن كيفية تصنيع المتفجرات واستخدام الأسلحة، الأمر الذي بات أسلوباً ممنهجاً للتنظيمات الإرهابية.
ولتحقيق ذلك تمتلك المنظمات الإقليمية والدولية  أدوات رصد ومتابعة متطورة وكبيرة وذات فعالية شديدة  في مراقبة رجال الشرطة وخاصة القادة منهم ومحاسبتهم ، فهي ذات قوة ردع كبيرة وذات مصداقية في أغلب الأحيان وتمتلك قوة القرار الدولي وإرادته .
تزداد انتهاكات الشرطة لحقوق الإنسان في مجتمعات العالم النامي أو الثالث أو المتخلفة عن غيرها من المجتمعات لعدة أسباب منها :
-       مفهوم التحقيق والذي يقتصر على أن القبض على المجرم وإدانته لابد من الخروج عن هذه القوانين،
-       القوانين بيد المحامون والمنظمات غير الحكومية العاملة في هذا المجال حسب رأي الشرطة عراقيل أمام تنفيذ مهامهم.
-       قلة المعرفة لدى أفراد الشرطة في الحصول على الاعترافات والأدلة دون خرق القانون
-       كثافة الجرائم وعدم تناسبها مع الكوادر المؤهلة لمثل هذه الأعمال
-       عدم وجود رقابة على عمل رجال الشرطة وضعف المحاسبة
-       الحصانة المفرطة التي تتمتع بها هذه الجهات
بينما التقدم الحاصل في  كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يفرض على أجهزته الأمنية مضاعفة جهودها لمواجهة إفرازات هذا التقدم وما يرافقه من تطور أدوات الجريمة أو وسائلها ، لهذا على الشرطة أن تتحمل هذه المسؤوليات الجديدة بكفاءة وفعالية، من خلال التعاون والشراكة بين الشرطة وأفراد المجتمع ومؤسساته المختلفة وغرس ثقافة جديدة للوقاية من الجريمة والحد من انتشارها، فعليها  تطوير قدراتها وتوفير الخدمات العامة بكفاءة وشفافية ودعم التعاون والشراكة المثمرة بين كافة الفئات الاجتماعية والأفراد وإتاحة مجال أوسع لنشاط المجتمع المدني"، وعدم استخدام القوة في إخماد المظاهرات أو ممارسة التعذيب للحصول على المعلومات.
على الشرطة تعزيز الثقة بالمجتمع وعدم عرقلة المحاكمات العادلة والفعالة وإقامة العدالة بما يتماشى تماما مع المعايير الدولية وحماية حقوق الإنسان ، وعدم التفريط بقضايا حقوق الإنسان وأن تعمل الشرطة على بناء الثقة والدفاع عن الحريات الأساسية، والحفاظ على النظام العام ورفاه الجميع وتنمية التعاون مع المجتمع لكسب الرأي العام  إلى جانبها ، بذلك تتغير النظرة المجتمعية إلى الشرطة من اعتبارها أداة قمع إلى جزءا من المجتمع تؤدى وظيفة اجتماعية باعتمادها سياسة  فض النزاعات بشكل سلمي وتطبيق المعايير الدولية في احترام حقوق الأفراد وإنسانيتهم، حتى يتم الحصول على الدعم من وسائل الإعلام والمجتمع المحلي والنظام السياسي لعملهم يجب تحقيق مجموعة من المعايير المتطورة التي تتوافق مع أهداف المرحلة القادمة ويجب أن تجعل أفراد الشرطة متمكنين من عملهم وذات قدرات متميزة لبناء مجتمع جديد قائم على المشاركة والتفاعل المجتمعي منها :
1-  تبني أفراد الشرطة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وخاصة فقرة ( يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي ). 
2-  الإيمان بحقوق الإنسان والدفاع عن الحريات الأساسية. 
3-  الالتزام بالسياسات والممارسات القانونية والإنسانية ورفاه الجميع .
4-  الالتزام بخدمة المجتمع وحماية جميع الأشخاص من الأعمال غير القانونية،
5-  احترام وطاعة القانون وعدم  ارتكاب أي فعل من أفعال الفساد ، والإبلاغ عما يقع من انتهاكات لهذه القوانين والمبادئ التي تحمي وتعزز حقوق الإنسان
6-  الامتناع عن أي فعل يهدد الحق في الحياة أو يعرضها للخطر
7-  عدم إخضاع أي فرد للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو ارتكاب أي فعل يدخل تحت طائلة تعريف جريمة التعذيب
8-  احترام حق الفرد في الحرية وفي الأمان الشخصي وعدم توقيف أو حرمان أي فرد من حريته باعتقاله تعسفا ومعاملة جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية
9-  يعمل بحيادية بالتحقيقات بشكل عام وتكون موضوعية وشاملة وعاجلة ونزيهة وقانونية
10-                     احترام المعتقدات الدينية والأخلاقية، واحترام حقوق المرأة و حقوق الأحداث
11-                     يعترف بحق المحتجز لغذاء وماء كاف ومأوى ملائم  والعناية بالنظافة الشخصية وتوفير خدمات طبية كافية وتسهيلات لممارسة التمرينات الرياضية، والاتصال بالعالم الخارجي.
12-                 الامتناع عن القيام بأعمال تخويف وترهيب والتغطية على الأعمال الوحشية وغيرها من الانتهاكات التي تمارسها (الشرطة) أو الجماعات الموالية للحزب الحاكم أو بعض الجماعات المنظمة أو غير المنظمة
13-            عدم استخدام القوة والأسلحة النارية المفضية إلى الموت عمدا .
في نهاية موضوعنا نجد هناك جملة من الأهداف يجب تحقيقها من تطوير عمل الأجهزة الأمنية لتتوافق مع التغيرات المجتمعية وخاصة مع حقوق الإنسان وان تجعل المؤسسات المدنية الشريك الأساس لها لحماية المجتمع من الجريمة والانهيار وان تعمل على إعادة النظر باستراتيجياتها وضرورة تأهيل كوادرها وخاصة القيادية منها
اعداد محمد اللكود


المراجع:
1. مدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين (المادة 3).
2. المبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين.