الأحد، 29 أكتوبر 2023

التحليل السياسي واهمية ممارسته

التحليل السياسي دراسة علمية مع تطبيق عملي  


التحليل السياسي

يقتضي القيام بعمليّة التحليل السياسي من أجل استجلاء اللبس والغموض الذي قد يحيط في فهم الظواهر والأحداث السياسيّة، وإدراك مسبّباتها وطبيعة العلاقة بين عناصرها، وتحديد كيفيّة التعامل معها.

مفهوم التحليل السياسي يركز حول الفهم الدقيق لمسار الأحداث، وإدراك دوافعها، والبحث في الحدث من جوانب مختلفة تاريخيا وراهنا،ً والمتوقع مستقبلاً أو المستفيد منه ، وإدراك طبيعة الأطراف ذات الصلة في الحدث، وتوقّع تطوّراته.

حتى نستطيع أن نحلل أي حدث سياسي لابد من الإجابة على الأسئلة:

 1- ماذا حدث ، 2- لماذا حدث    :3- ماذا سيحدث:

من خلال إجابتك عن الأسئلة، تكون قد قاربت مفهوم التحليل السياسي من الواقع، علماً أنه لا يمكن تفسير أيّة ظاهرة بعامل واحد، لان مجموعة من العوامل ممكن أن تتشارك في التأثير على الموضوع المناقش ، وإن تفسير ما يحدث من خلال نظريّة المؤامرة  التي تُعرف بأنها (خطة تضعها إحدى الدول لإلحاق الضرر بدولة أو بدول أخرى، واستخدام جميع الوسائل لتنفيذها(، هو شرط لازم، ولكنه غير كاف للإحاطة بكل حيثيات الظاهرة التي اكتملت بفعل تضافر عوامل عدّة، سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وفي غالب الأحيان عقائدية (ينية).

 تتضمّن عمليّة التحليل السياسي ثلاثة مسارات أساسيّة:

المسار الأول: يجيب عن سؤال ماذا حدث؟

إذ إنّ فهم مسار الأحداث فهماً دقيقاً يحتاج إلى الإلمام بالجانب التاريخي، والظروف المحيطة بها، وعدم الوقوف عند اللحظة الراهنة.

المسار الثاني: يجيب عن سؤال لماذا حدث؟

ويقصد به إدراك الأسباب التي أدت إلى هذا الحدث، أو بروز تلك الظاهرة، والتعمّق في الأسباب الخفيّة التي لا يدركها الجميع.

المسار الثالث: يجيب عن سؤال : ماذا سيحدث؟

جوهر التحليل السياسي، يكمن في استشراف المستقبل، والقدرة على رسم المشاهد المحتملة للأحداث؛ لاتخاذ التدابر اللازمة للتعامل مع تطوراتها.

أهميّة التحليل السياسي:

وتأتي أهميّة التحليل السياسي بوصفه يدرس الظواهر والأحداث السياسيّة، ويحدّد العوامل المؤثرة فيها، ومن ثم يقدّم المعرفة المتعلقة بموضوع التحليل لأصحاب القرار السياسي حول كيفيّة التعامل مع الأحداث والظواهر للوقاية من آثارها وتداعياتها، والبحث في جميع الاحتمالات الممكنة، من أجل اتخاذ القرار المناسب الذي تُوفّر من خلاله الفرص، وتُقلّل من المخاطر. والتحليل السياسي يحدّد نوعيّة ردود الأفعال تجاه ظاهرة ما! التحليل السياسي يشبه إلى حدّ بعيد عمل المخبري الذي يقدم نتائج تحليلاته للطبيب الذي يقوم بتشخيص حالة المريض، ووصف العلّاج المناسب له.

قواعد التحليل السياسي

تتطلب عمليّة التحليل السياسي لتكون ناجحة من المحلّل أن يتمتّع بالثقافة الواسعة والمعرفة العميقة بالموضوع المراد تحليله، ومتابعة الكتابات السياسيّة، وقراءة آراء المختصين بشأنه، وإجراء تقاطعات بين وجهات النظر المختلفة، فضلاً عن إدراك طبيعة المصالح التي تربط القوى السياسيّة، ونوعها، ومدى تأثيرها في الحدث، وهناك مجموعة من القواعد التي يجب أن يتقيد بها من يقوم بعملية التحليل السياسي، ومن أبرزها:

1- البعد عن الأحكام المطلقة، لأن السياسة لا تحكمها قواعد ثابتة، فهي قابلة للتغير والتبدل تبعا للمصالح والظروف

2- الموضوعية في مناقشة القضايا.

3- الاستناد إلى الدليل في التحليل أن يستخدم دائما ( علل ) في شرحه حتى تكون عملية التحليل مقبولة لدى الأطراف كافة

4- إبقاء الفرصة متاحة لمناقشة الآراء الأخرى.

5- أن يكون الهدف من التحليل السياسي، خدمة الصالح العام، وممارسة النقد الاجتماعي بطريقة إيجابية وهادفة.

مستويات التحليل السياسي:لا يمكن فصل الظاهرة السياسيّة عن محيطها الداخلي والخارجي فهي تؤثر فيه وتتأثّر به بشكل مباشر وغير مباشر، عبر ثلاثة مستويات

1-  المستوى الوطني ويهتم بسلطات الدولة، والأحزاب، وجماعات المصالح، والأفراد ويكون مضمون التحليل السياسي في تتبع ودراسة المتغيرات داخل الدولة كطبيعة النظام السياسي، وصناعة القرار، ودور المؤسسات الحكومية والأحزاب السياسية المؤثرة، وجماعات المصالح والرأي العام والثقافة السياسية والأيديولوجية والنخب في المجتمع.

2-  الإقليمي يهتم بدراسة الدول الإقليمية المحيطة والمنظمات الإقليمية ويكون مضمون التحليل ينصب على: دراسة الظواهر ضمن إطار إقليم جغرافي معين من العالم، ودور وسلوك الدول إقليمية، وتحالفاتها السياسية والعسكرية

3-  والدولي: يهتم بدراسة الدولة، المنظمات الدولية وما شابه ذلك ويدرس طبيعة النظام الدولي، والمنظمات الدولية، والتحالفات العسكرية، وتوزع نفوذ القوى الدولية الكرى.

 

                                     

 تطبيق التحليل السياسي:

لتحقيق النصر وتحرير فلسطين واسترجاع الأقصى وتحرير الثوار الفلسطينين في سجون الاحتلال قامت حماس بشن هجوم عسكري على المحتل الصهيوني في محيط قطاع غزة  ونتج عنه قتل ما لا يقل عن 7000 طفل وامرأة وشيخ، وتدمير البنية التحتية وتطبيق الحصار الكامل على القطاع ومنع عنه الكهرباء والماء والاتصالات والطعام وكل شيء ممكن أن يستفيد منه الانسان ، بالإضافة الى توحيد القوى المعادية من الولايات المتحدة الامريكية وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا  وألمانيا وتحالف قوى الشر المساند لإسرائيل .

هل من الممكن تحليل الواقع الراهن لعملية حماس في قطاع غزة على ضوء الدراسة العلمية السابقة ؟

في البداية يجب الإجابة على السؤال الأول في التحليل السياسي:

1-    ماذا حدث: الذي حدث أن حركة حماس قامت بعمل عسكري قوي ضد القوات الصهيونية، واستطاعت أن تأسر مجموعة من الضباط والجنود الصهاينة وبعض المدنيين من جنسيات مختلفة ،وتدمر جزء من جدار الفصل العنصري . وتدمر بعض المنازل والبنى التحتية للمنظومة العسكرية والسيطرة على معلومات سرية للغاية من كمبيوترات الفرقة العسكرية المتاخمة لقطاع غزة.

2- لماذا حدث: قامت حماس بهذا الفعل لتحرير المقاتلين الفلسطينين الذين في سجون الاحتلال الصهيوني ومحاولة الانتقام من اليهود المتشددين الذين يقمون بتعديات مستمرة على المقدسات الدينية الإسلامية وخاصة المسجد الأقصى، وتحريك ملف الدولة الفلسطينية الذي طواه النسيان ، والتذكير بفلسطين العربية المحتلة  من إسرائيل والتي تحاصر قطاع غزة وتتحكم بمصيره دون احترام للشريعة الدولية أو الاخلاق الإنسانية.

3- ماذا سيحدث: الذي حدث من الصهاينة ان استخدموا كل أدوات التدمير والإرهاب في قتل المدنيين الفلسطينين وتضيق الخناق على قطاع غزة بموافقة دول المكر والخداع الغربية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، قيام حراك سياسية شعبي ضد قتل الأطفال وحصار غزة ، وشجب دولي وعربي ضد هذا الانتقام الشنيع والحصار وتدخل الحركة الإسلامية في جنوب لبنان ببعض الاعمال العسكرية بتغطية من حزب الله ، تصدرت ايران الملف الفلسطيني عالمياً بصفتها داعمة لحماس والجهاد الإسلامي .

المتوقع الحدوث في الأيام القادمة :

-   التواصل مع ايران وحزب الله للتخلي عن حماس مقابل دعم مشروع حزب الله في لبنان وتعين رئيس جمهورية يوافق عليه ، فتح تحويل أموال ايران المحجوزة وتسليمها لإيران  واعطائها دور اكبر في الخليج العربي.

-   وقف اطلاق النار مقابل تحرير بعض الرهائن المدنيين مع كفالة عربية من السعودية ومصر بعدم تكرار هذا العمل وتسليم المعابر وحكومة القطاع لحركة فتح تحت اشراف السلطة الفلسطينية .

-   إعادة اعمار القطاع والتعويض عن الممتلكات الصهيونية من صندوق التعاون الخليجي مع دفع فاتورة حرب إسرائيل ضد غزة.

-       إقامة مؤتمر دولي لحل خلاف الدولتين واستبعاد روسيا والصين من هذا الملف.

-   انتصار اهل غزة بالرغم من العدد الكبير من  الضحايا واجراء انتخابات محلية تفوز بها حماس وتصبح قيادية سياسية على الساحة الفلسطينة .

التحليل السياسي في اغلب الأحيان لا يكون مجرداً من العواطف أو الانتماءات الدينية أو العقائدية أو الجغرافية ، وكلما كان المحلل السياسي مجرد من العواطف كان استنتاجه اقرب الى الواقع .

حاولنا أن نقدم فكرة عن التحليل السياسي واهميته وكيف يتم وقدمنا مثالاً عملياً ، ولكن ليس بالضرورة ان تكون النتائج متوافقة مع التحليل ولكن ممكن أن يتحقق نسبة ما .

ارجو أن يتقبل الله عملي والله من وراء القصد

محمد اللكود

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق