قراءة
نصية ادبية في سورة أهل الكهف
تهدف
سورة "الكهف" -كجميع السور المكية إلى بناء العقيدة بناء سليما في إثبات
الوحدانية، والفصل الواضح بين ذات الخالق وذات المخلوق، وكشف الحجب عن ظاهرة الوحي
وأسرارها المعجزة العجيبة.
وحسبك
في بدايتها أن هذا القرآن أنزل غير ذي عوج لتبشير المؤمنين الموحدين وإنذار الذين
قالوا: اتخذ الله ولدا، وفي نهايتها أن محمدا صلى الله عليه وسلم يؤمر بتوضيح
الفرق الذي لا يتناهى بين آفاقه البشرية المحدودة وأفق الوحي المبين، فما هو إلا
بشر مثل سائر البشر، وإنما يمتاز عنهم بتلقيه أوامر ربه الذي يقذف في قبله نور
النبوة والهداية، وفي غضونها قول أصحاب الكهف: {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا} وقول المؤمن صاحب الجنتين البطر
المغرور: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا} وقول
العبد الصالح لموسى: {رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} فتلك
جميعا آيات نواطق بوحدانية الله وعلمه الشامل الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض
ولا في السماء.
وإذا آثرنا الإلمام بهذه الحقائق الأولية ولم
نفض فيها لمحنا في السورة موضوعا شديد الصلة بتلك الحقائق ينبثق عنها بأساليب
طريفة جدا تكاد تصيره مستقلا فريدا: ذلك هو تصوير شؤون الغيب، واقتطاعها من إطار
العقيدة العام لتقابل بأسرارها العميقة كل ما ظهر أمره من قضايا الإيمان.
وفي السورة ثلاث أقاصيص تصحح عقائد المؤمنين في
شئون الغيب، وتفصل لهم بين ما يرقى علمهم إليه وما لا يعرفونه إلا إذا كشف الله عن
أبصارهم الغطاء: قصة أصحاب الكهف، وقصة موسى مع العبد الصالح، وقصة ذي القرنين في
رحلاته الثلاث ولا سيما "بين السدين" مع يأجوج ومأجوج.
أما أصحاب الكهف فقد اختار القرآن لعرض
قصتهم ثلاث لوحات حافلة بالحركة حتى في تصوير رقادهم الطويل: فمن عجب أن ترسم ريشة
القرآن الخلاقة -في اللوحة الأولى- أولئك الفتية أيقاظا وهم رقود، إذ جعلتهم طوال
النوم الذي ضرب على آذانهم أكثر من ثلاثة قرون يتقلبون تقلب الأيقاظ ولكنهم لا
يقعدون ولا يفتحون أعينهم ولا يغادرون مكانهم فيثيرون برقادهم المتقلب ذعرا شديدا
في قلوب المارين بهم المطلعين عليهم. وتزداد هذه اللوحة حياة وحركة بصورة كلبهم
باسطا ذراعيه بالفناء كأنه يقوم على حراستهم, وبصورة الشمس متجافية عنهم، متباعدة
عن كهفهم، كأنها لا تريد لشعاعها أن ينفذ إليهم، فهي تميل عن كهفهم يمنة إذا طلعت
وتجاوزهم يسرة إذا غربت، فما أعجبها آية من آيات اللهﷻ.
واللوحة الثانية -بطبيعتها- حافلة
بالحركة والحياة: فقد استيقظ الرقود، ودب فيهم النشاط من جديد، وفركوا العيون،
ونظر بعضهم إلى بعض في استغراب شديد، إذا شعروا أنهم يصحون من رقدة طويلة ولكنهم
لم يعرفوا كم لبثوا في كهفهم نائمين، فتساءلوا عن مدة لبثهم وتناجوا فيما بينهم،
وظنوا أن نومهم -مهما يك قط طال- لم يزد على يوم أو بعض يوم، ثم ردوا الأمر إلى
ربهم، فإنهم فتية مؤمنون يفوضون كل أمرهم إلى الله.
وفي اللوحة الثالثة -وهي خاطفة سريعة-
يغادر أحد الفتية الكهف، ويذهب بما بقي معهم من نقودهم الفضية ليشتري لهم طعاما
طيبا يسدون به إحساسهم بالجوع بعد رقادهم العجيب، فينصحونه -قبيل الخروج- بالحذر
من مشركي تلك المدينة، لئلا يعرفوا مخبأهم فيقتلوهم رجما أو يردوهم عن عبادة
الواحد القهار.
ومن
خاتمة هذه الأقصوصة، ثم من أسلوب التعقيب على خاتمتها، نستنتج أن أهل تلك المدينة
كانوا قد آمنوا بعد شرك أسلافهم، وأن الله أعثرهم على الفتية الذين فروا بدينهم
منذ ثلاثة قرون فتلقوهم بالحفاوة والتكريم حين عرفوهم من زميلهم الذي جاء السوق
يشتري الطعام، ثم يتوفى الله أصحاب الكهف حقا في أجلهم المحتوم، فيتنافس مواطنوهم
في تكريمهم بعد موتهم وينتهون -بعد نزاع طويل- إلى بناء معبد فوق أضرحتهم، تخليدا
لذكراهم المجيدة، ورقدتهم العجيبة.
وهذه القصة القرآنية -على إيغالها
في الغرابة- ليست أعجب ما في الكون من آيات وأحداث، وقد صور القرآن لوحاتها الثلاث
-بكل غرائبها- ضمن هذا الإطار الذي يستصغر أحداثها كلها ما دامت يد القدرة الإلهية
صالحة للتعلق بها وتدبيرها.
وتأكيدا لهذه الفكرة، مهد القرآن لوقائع
هذه القصة بقوله الصريح: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا
مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} وجواب هذا الاستفهام ينطق بأن أصحاب الكهف لم يكونوا أعجب
آيات الله ﷻ: فإنهم فتية آمنوا بربهم، واعتزوا بإيمانهم، ودعوا قومهم بقوة إلى
التوحيد، واستنكروا عبادتهم الآلهة من دون الله، فما ضاق الكفر بهم ذرعا هيأ الله
لهم من رحمته كنفا، وآواهم إلى الكهف, وأنسأ فيه آجالهم، وأطال فيه رقادهم، وجعل
في طول رقدتهم -على غير ما ألفه الناس- آية من آياته وإن لم تكن أعظم الآيات!
والقرآن حريص -من خلال هذه الأقصوصة- على تصحيح عقائد المؤمنين في شئون الغيب: فهو
يومئ إلى خوض الناس فيها وتضخيمهم أحداثها جيلا فجيلا، ورجمهم بالغيب في تعيين عدد
أبطالها، ويوجه المؤمنين إلى ترك المراء فيما لا يعنيهم، وينهاهم عن استفتاء أهل
الكتاب وغيرهم في تلك القصة فما لهم حاجة في معرفة زمانها ولا مكانها، ولا أسماء
أشخاصها ولا أشكالهم ولا أعدادهم، ولا الطريقة التي صينوا بها في فجوة من الكهف لم
يعبث بهم عابث حتى جاء الوقت المعلوم.
بل اتجه القرآن إلى عبرة هذه القصة
يستخلصها للمؤمنين ويحملهم على استخلاصها بأنفسهم، فليس لهم أن يقفوا غير ما علموه
في الماضي وما يمكنهم الساعة أن يعلموه. أما المستقبل فهو غيب محجب لا يقطع أحد
فيه بقول ولا عمل، وإنما يحسن فيه التفكير، والتدبير {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ
إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ
إِذَا نَسِيتَ}.
وأما قصة موسى مع العبد الصالح
فارتباطها بشئون الغيب أوثق من ارتباط قصة الكهف بتلك الشئون: فإن مشاهدها الأربعة
المعروضة في هذه السورة قد تصادم ما تعارف الناس على تسميته بمنطق الأشياء
والأحداث، وقد تثير بغرائبها الاستنكار، بيد أنها تحل أبسط حل وأيسره إذا ما عرضت
على الصعيد الغيبي بمفاجآته ومعجزاته.
وأول تلك المشاهد الأربعة بطله موسى
كليم الله، وهو -على ما فيه من عجب- ليس شيئا ذا بال حين يقاس بالمشاهد الثلاثة
الباقية التي كان بطلها عبدًا صالحا آتاه الله رحمة من عنده وعلمه من لدنه علما.
إن موسى -في المشهد الأول- مصمم على بلوغ مجمع البحرين.
ولو مضى حقبا حتى يصل إليه، ويريد الله
له أن يلتقي بالعبد الصالح فينسيه حوتا كان قد أعده للأكل فتاه، ولعله شواه، لكن
هذا الحوت المشوي دبت فيه الحياة مرة أخرى فسرب في البحر واتخذ سبيله فيه. وعجب
فتى موسى للمفاجأة الغريبة. أما موسى فلم يعجب بل أدرك أن المكان الذي نسيا فيه
حوتهما هو الموعد المحدد للقاء العبد الصالح، فعادا إلى آثارهما فوجدا الرجل الذي
كان يبحثان عنه.
وفي المشهد الثاني يختفي فتى موسى، وينفرد نبي
الله موسى بحوار مع العبد الصالح ذي العلم اللدني، ويلتمس النبي الكريم من الولي
الصفي أن يصاحبه في رحلته ويتعلم من لدنه شيئا من حقائق الغيب التي كشف الله له
حجابها فيشترط العبد الصالح على نبي الله موسى الصبر والطاعة من غير تردد ولا
استفسار ولا استنكار، ويركبان سفينة، فإذا العبد الصالح يخرقها بمن فيها حين أمست
في ثبج البحر، فغلبت موسى طبيعته وأنكر على رجل العجائب فعلته، وعجب له كيف يغرق
السفينة فيعرض ركابها للهلاك، ويشتد الحوار بين الرجلين ويعاهد موسى ذلك العبد
الصالح على أن يجنبه الإرهاق بكثرة المراجعة والتساؤل.
وفي المشهد الثالث يلتقي الرجلان في
طريقهما بغلام، فيقتله العبد الصالح، فيثور موسى في وجهه، ويعترض على قتله النفس
الزكية الطاهرة قتلا عمدا، ويذكره رجل العجائب بعهده، فيعتذر موسى كرة أخرى وينوي
ألا يسأل العبد الصالح شيئا.
وفي
المشهد الرابع يدخلان مدينة بخيلة لا تؤوي ضيفا ولا تطعم جائعا، فيجدان فيها
جدارًا يوشك أن ينقض، فيقيمه الرجل الغريب دون مقابل مع أنهما كانا جائعين
يستطعمان، فما لرجل الأسرار لا يطلب أجرا يأكلان به من أهل القرية البخلاء؟
وبتدخل موسى مرة ثالثة في المراجعة
والاستفسار أضاع آخر فرصة له في مصاحبة الرجل، وأنشأ يستمع في عجب شديد لتأويل
العبد الصالح لمواقفه الغامضة بكل مفاجآتها وأسرارها.
أما خرقه للسفينة فكان سببا لسلامتها
وصيانتها لمساكين يعملون في البحر، إذ كان ملكهم في تلك الفترة ظالما يغتصب السفن
الصالحة, فنجت هذه بعيبها من الاغتصاب.
وأما قتله للغلام -مع أنه لم يقترف ما
يوجب قتله شرعا- فكان رحمة بأبويه المؤمنين, إذ أعلم الله العبد الصالح أن هذا
الغلام لو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا، فقد طبع كافرًا، ولولا إطلاع الله عبده
الصالح على حقيقة هذا الأمر الغيبي المحجب لما كان له ولا لسواه قتل نفس زكية بغير
حق.
وأما إقامته الجدار بلا مقابل فلم تكن
خدمة لأهل القرية البخلاء، وإنما كانت فرصة لصيانة كنز تحت الجدار ليتيمين صغيرين
خبأ لهما أبوهما ذاك الكنز ليستخرجاه من تحت الجدار متى بلغا أشدهما, فلما رآه
البعد الصالح ينقض أقامه بإذن الله لئلا ينكشف أمره لأهل المدينة فينتزعوا ملكيته
من أيدي الصغيرين اليتيمين.
وبهذا التأويل لم يزعم العبد الصالح
لنفسه علم الغيب، بل إلى الله حكمة ما صنع، واعترف بعجزه المطلق عن فعل أمر لم
يأذن به الله، وكان رمزا للعلم الغيبي اللدني الذي يتمثل -بإرادة الله- في شخص رجل
من الناس، ليس بالنبي المعروف ولا الرسول المشهور, فقد سكت حتى عن اسمه القرآن!.
ولعل القصة الثالثة عن ذي القرنين تبدو
-في الظاهر- أضعف صلة بشؤون الغيب من قصتي أصحاب الكهف والعبد الصالح ، فإنها لا
تعدو أن تكون وصفا لرحلات ثلاث إلى الشرق والغرب والوسط قام بها رجل يسمى ذا
القرنين.
لكن الجو الغامض الذي أحيط بهذه
الرحلات، وتراءى غموضه كالمقصود في القرآن، يلوح بالمعاني الغيبية من وراء ستار:
فقد بلغ ذو القرنين هذا مغرب الشمس في رحلته الأولى، ومشرقها في رحلته الثانية،
والمنطقة المتوسطة "بين السدين" في رحلته الثالثة.
وفي رحلته الغربية وجد الشمس تغرب في
عين {حَمِئَةٍ} كثيرة الطين اللزج، في موضع تكثر فيه المياه والأعشاب، وقد سكت
القرآن عن تحديد تلك العين "الحمئة"، فألقانا الغموض المقصود في تجهيل
شديد ربما كان يفوق سرية الأمور المسماة "بالغيبة".
وفي رحلته الشرقية وجد الشمس تطلع على
قوم لا ستر لهم دونها، فربما أفاد هذا أن القوم كانوا عراة، وربما أشار إلى أن
أرضهم مكشوفة تطلع الشمس عليهم فيها بلا ساتر، وليس في النص ما يقطع بأسماء القوم
ولا باسم الأرض التي كانوا فيها ينزلون.
أما رحلته المتوسطة بين {السَّدَّيْنِ}
فكل ما فيها يدعو إلى الرهبة الشديدة التي يفوق الشعور بها أحيانا شعور التهيب لدى
مواجهة الغيب وأسراره: فالقرآن هنا يذكر موضعا بعينه يسميه {بَيْنَ السَّدَّيْنِ}
مثلما يذكر قوما بأعيانهم يسميهم {يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} ويصفهم بالإفساد في
الأرض.
وما نظن هذه الألوان من الغموض إلا مقصودة في
هذا السياق، فإن حديث القرآن عن ذي القرنين لا يشبه -ولا ينبغي أن يشبه- حديث كتاب
في السيرة عن الفتوحات التي أتمها فاتح عظيم، وإنما يرسم القرآن -في غضون هذه
الرحلات الثلاث- ملامح إنسان شديد الصلة بالله، لم يكن سلطانه بقوته الشخصية بل
مكن الله له في الأرض، وآتاه من كل شيء سببا، وهتف به أو ألهمه أو أوحى إله -كما
يريد- في الملمات ليوجهه أفضل الوجهات، حتى قال له عند العين الحمئة: {يَا ذَا
الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} .
وتبدو صلته بالله شديدة وثقى في قوله
للقوم -عند بناء السد: {مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي} ثم قوله
عند انتهائه من هذا البناء: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ
رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}.
وهكذا اختيرت تلك القصص الثلاث في سورة
"الكهف" لمعالجة شئون الغيب، وردها جميعا إلى الذي يحفها بالأسرار، ولا
يميط عنها اللثام إلا بمقدار، ولا يأذن لأحد برؤيتها إلا من وراء ستار.
وإذا صححنا الرواية التي تزعم أن أهل
مكة بعثوا النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة لالتماس
أسئلة منهم تحرج محمدًا صلى الله عليه وسلم، وأن أولئك الأحبار أغروا رسولي قريش بسؤال
النبي الكريم "عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان لهم من حديث عجيب، وعن
رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه"، تجلى لنا في هذه السورة عمق
الدرس القرآني الذي اتجه إلى المؤمنين ينهاهم عن الرجم بالغيب، ويحذرهم من الجدل
العقيم، ويصل قلوبهم بربهم علام الغيوب: فالموضوع الذي هدفت إليه السورة هو
-بالمقام الأول- بناء العقيدة بناء سليما في ذات الله، وفي شئون الغيب الموكولة
إلى علم الله.
وفي السورة بعد ذلك ومضات سريعة تخللت بعض مقاطعها
مصغرة للقيم المادية، معرضة بفناء الدنيا وسرعة زوالها، داعية إلى صبر الأنفس مع
الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي, مؤكدة أن الاعتزاز الحقيقي إنما يكون بالإيمان
والتقوى، وأن الكافرين بلقاء ربهم هم الأخسرون أعمالا.
ولا ريب أن تخلل السورة بهذه الومضات
السريعة يتناسق مع محورها الأساسي الذي رأيناه يدور حول بناء العقيدة, فلا بد في
هذا البناء من تصحيح النظر إلى قيم الأشياء ومقاييس الحياة.
وقد صورت هذا أبلغ التصوير آيات الرجلين
والجنتين، فقد قال الفقير المؤمن لصاحب الجنتين المغرور {إِنْ تَرَنِ أَنَا
أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا، فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ
جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا
زَلَقًا} .
وانتهى الأمر بالجنة المثمرة المحفوفة
بالنخل والزرع أن تهشمت وخوت على عروشها.
انظر الكشاف كما في المثل المضروب
للحياة الدنيا في قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ}
الآيات . وأوضح مثال لذلك في السورة قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ
الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}
الآية، ففي هذا الخطاب الرباني أمر بمجالسة أهل الذكر وتعليمهم الخير، لأن دعوة
الحق إنما تقوم على أمثالهم، "سواء أكانوا فقراء أم أغنياء وأقوياء أم ضعفاء.
في تأويل قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا،
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ
أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} .
الحمد لله رب العالمين والله من وراء
القصد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق