الخطاب الإسلامي في الثورة ودور
الإسلام السني في بناء الدولة
دور الإسلام السني
بنظرة اجنبية
يمكن للقادة الدينيين ومؤسساتهم أن يلعبوا دوراً مهماً في
عملية بناء الدولة، بشرعيتهم، ومستوياتهم العالية من الثقة، وغالباً بمواردهم
المادية والبشرية الواسعة، فيمكن للمؤسسات
الدينية أن تكون إما حلفاء أقوياء أو أعداء أشداء للجهود الدولية لإعادة بناء
الدول، وتُحدد قدرة المؤسسات الإسلامية السنية على الإسهام في الاستقرار عبر
مشاركتها في الفصل بين الخلافات، وبناء رأسمال اجتماعي ونشر قيم مدنية. وحل
الخلافات.
أن العدد الكبير من رجال الدين وشعبيتهم الواسعة بالإضافة لوجود
شبكة كبيرة من المؤسسات التعليمية يجعل منهم قوة جبارة لنشر القيم المدنية، إلا أن
المساهمات الدينية في الاستقرار من المرجح أن تكون منخفضة أو متوسطة، وبصورة عامة،
قد يشير هذا إلى أن المؤسسات الدينية قادرة على الإسهام في بناء الدولة، لكن فقط
عبر آليات محددة وبصورة أكثر قوة بوصفها مصادر لتشريع سلطة ونشر القيم المدنية.
وحتى حين نفهم العمليات التي يمكن من خلالها للمؤسسات الدينية
الإسهام في بناء الدولة يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كانت ستقوم بذلك، يفترض
الرأي الشائع أن المؤسسات الدينية تطمح لذات الأهداف التي ينشدها الفاعلون
الدوليون-السلام والازدهار في المقام الأول- وهو موقف قاد إلى احتواء الدين للوفاء
بأهداف عابرة لمنظمة دولية أو عسكرية أجنبية. بدلاً من ذلك، ينبغي أن يتضمن أي جهد
للتعامل مع المؤسسات الدينية في جهود بناء الدولة فهماً للكيفية التي يمكن بها
للدولة أن تساعد في تحقيق ما يعتبرونه إرادة الله. وبعبارة أخرى، ما هو الغرض الذي
تخدمه الدولة في أصول الدين؟ وأخذ هذا السؤال بعين الاعتبار هو الخطوة التالية
المطلوبة قبل أن ينظر الفاعلون الدوليون في التعامل مع المؤسسات السنية. دور
الإسلام السني بنظرة واقعية علمية المجلس الإسلامي
ولدت فكرة تأسيس المجلس الإسلامي السورياثناء لقاء دوري مع علماء
دمشق وبعض المحافظات الأخرى قبل خروجنا بسنوات، رحب جميع العلماء بفكرة التعاون، حيث
التقت أربعون رابطة ومنظمة وهيئة علمية وهيئة شرعية على إقامة هذا المجلس واجتمعت
على فكرة واحدة ونظام داخلي واحد، وانتخاب أعضاء المجلس الإسلامي السوري الذي يضم
نخبة علماء الأمة.
الهدف من المجلس الاسلامي هو تكوين مرجعية شرعية
دينية علمية للشعب السوري ولأهل السنة والجماعة من كافة الشرائح، فنحن لا نعمل
بالسياسة أو العسكرة، بل بضرورة التواصل مع جميع مكونات الثورة لجمعها على كلمة
واحدة وهدف واحد مهما اختلفت الرؤى والأفكار والتوجهات ومواقف الأحزاب .
بعض الدول الغربية تقدم لبعض الفصائل ببعض
الأسلحة، فهذه الدول لا تمدهم بهذه الأسلحة لإسقاط النظام، وإنما لتتوازن القوى
بينهم وبين النظام لإطالة حتى يذبح من المسلمين أكثر ما يمكن أن يتصور.
الخطاب الديني لشيوخ
السلطة
عمل النظام على تحييد المؤسسة الدينية في البلاد منذ عام 1963،
تاريخ استلام حزب "البعث"
السلطة عام 1970 حين استلم حافظ الأسد السلطة، وهو يعرف أنه
ما كان ليستمر لولا مباركة هذه المؤسسة، التي كان يقودها الشيخ أحمد كفتارو الذي
نسج مع مشايخ آخرين خيوط علاقة متينة مع الأسد منحتهم امتيازات جمّة مقابل الولاء
وتهدئة الشارع طيلة حكمه،
وغضّت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، الطرف عن بروز تيار ديني
يُوصف بـ"النخبوي"، انتشر بين نساء الطبقة الغنية في دمشق تحت إشراف
المفتي العام حينذاك أحمد كفتارو، عُرف بـ"القبيسيات"، نسبة إلى مؤسسة
هذا التيار النسائي منيرة القبيسي،
في بداية الثورة السورية في 2011 "عمل الأسد على استرضاء المؤسسة الدينية، حيث تراجع عن قرار فصل
المنقبات، مع الاعتراف بالشهادات التي تصدرها المعاهد الدينية. كما استعان
بالمؤسسة الدينية لتطويق الحراك الثوري".
وكان معظم رجال الدين التابعين لوزارة الأوقاف ومفتي الجمهورية أصدروا
فتاوى ضد الخروج على رئيس النظام، وكان من أبرزهم الشيخ رمضان البوطي والمفتي بدر
الدين حسون.
أشاد بشار الأسد بالدور الذي لعبته المؤسسة الدينية في سورية،
كرديف إلى جانب قواته في حربها على الشعب السوري، مضيفاً أن "الجيش يحارب
الإرهاب" و"المؤسسة الدينية تحارب الفتنة".
في أسباب الحضور الباهت للتدين الدعوي في الثورة السورية
1-يتبنى
التدين الدعوي في سورية في غالبيته وبتوجهاته المختلفة المعارض المؤيد والمحايد،
إلى أن مشكلة السوريين تكمن في ابتعادهم عن الشريعة الإسلامية وهم بذلك يلغون
السياسة بوصفها عاملا أساسي في تكوين الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتربوية
للناس .
2-النظام
اكبر المستفيدين من هذا التدين الذي دأب على تغريب السوريين عن السياسة لصالح جعل
السوري يعتقد أن أوضاعه الدينية والنفسية والأخلاقية هي سبب المشكلات كلها ومفتاح
الحلول لها،
3-يردد
غالبية وجهاء التدين الدعوي أن الحل بالعودة إلى الإسلام وتعاليمه، ويتجاهلون أن
تطبيق تعاليم الدين الإسلامي الإنسانية موجودة في الغرب». والمقصود هنا العدالة
والمساواة والحقوق، وهى تحتاج إلى نظام سياسي يطبقها، لأن علة تنظيم المجتمع في الغرب
وعدالته هو النظام السياسي، وليس مدى التزام الغربيين بتعاليم الأديان.
4-نشر
قيم الإسلام الإنسانية بحاجة نظام حكم ديمقراطي يؤمن بالعدالة والمساواة، ومسألة
تأخر المسلمين مسألة سياسية، وليست مسألة دينية، والسوريون مسلمون في غالبيتهم، ويذهب
المتصوفة أن السوريين العاديين بحاجة إلى الدعاة والمتصوفة، لأن هؤلاء بمفردهم لا يعرفون كيف يفسرون
الآيات الكريمة ولا كيف يطبقون احكام الشريعة الإسلامية،
5-ولا
يحمل الدعاة والمشايخ أي مسؤوليات تجاه أوضاع السوريين، لأنه يحمل السوريين أوزار
كل ما يحصل لهم، خطاب يشبه في جوهره خطاب النظام من حيث إنه خطاب يبرئ نفسه من
أوضاع السوريين وأزماتهم، لأن الثورة وكامل أوضاع السوريين مسألة دينية ناتجة عن
عدم التزام الناس بالشريعة الإسلامية وتراجعهم الأخلاقي، وبذلك يخرجون السياسة من
المعادلات.
6-ينتمي
الدعاة والمتصوفة إلى أيديولوجية دينية. تشابه الأيديولوجية القومية من حيث أنها
لا تتهاون مع المستعمر والعدو الخارجي ولكنها تتهاون بالمقابل مع النظم الطاغية. وهذا
الوضع الصعب والمتوتر، وضحته تفسيرات الدعاة المؤيدين للنظام (ابتلاء)
7-دعوات
الناس لفعل الخير وبر الوالدين والالتزام بالشريعة الإسلامية ونبذ التحاسد والغيرة
والبخل والتعصب أمور لا تخيف النظام ولا أي طاغية عربي ولن تخيفه لأنها مجرد دعوات
أخلاقية ونصائح، ما يخافه النظام هو تحول المواعظ إلى أفعال عبر أليات معينة. أي
تحول الأمر إلى عمل سياسي إنهم بكل بساطة يفكرون بالقضية السورية من حيث هي مشكلة
غير قابلة للحل البشري.
8-سلطة
بعض رجالات الإسلام في سورية مزيفة ويمكن وصفهم بأنهم ضمن النسق السياسي المهيمن
على سورية. ولكنهم فئة مهيمن عليها ضمن هذا النسق، أنهم يشكلون في النهاية فئة
مأمورة، أو تابعة، ولسلطتها سقف واضح لا يمكن لها أن تتجاورة.
9-أن
اغلب الدعاة لا يؤمنون بالحربات والديمقراطية (الأهداف العريضة للثورة السورية).
لأنها قضايا مستجلبة من الغرب الذي يريد الهيمنة على بلاد المسلمين وهذا ما يجمعهم
مع النظام خاصة إذا طالب هؤلاء بحرياتهم وكامل حقوقهم وفق النموذج الغربي
10-بعض
رجالات الإسلام الدعوى في سورية مطالبون بإعادة حساباتهم بشكل جذري وتشجيع الناس
على طلب حقوقهم من الحكام ولو بالقوة. ونبذ الفتاوى التي تنافق للأنظمة. وتكوين
نظرية جديدة للسياسة وعلاقة الدين بها ورفع الوصاية الدينية على السياسة، وإلا سيظلون
يخدمون النظام السوري من حيث يدرون أو لا يدرون.
شعوب هجَّرتها روسيا عبر التاريخ.. تهجير الشركس الأديغة
شهد شمال القوقاز بين عامي 1763 و1864،
حرباً استمرت 101 عام بين روسيا القيصريّة والشركس الأديغة، وصنفت تلك الحرب
باعتبارها من أكثر الحروب دموية على مر التاريخ وأطولها، ويعدُّ الشركس من شعوب
بلاد القوقاز الأصليّة، وهم أحد أقدم الشعوب التي دخلت الإسلام في أوروبا.
اندلعت هذه الحرب للعديد من الأسباب،
أولها أن سكان شمال القوقاز من المسلمين، وثانيها هو أهمية موقع القوقاز، الذي
يعتبر صلة وصل بين القارتين الآسيوية والأوروبية، وكونه طريقاً تجارياً آمناً بين
الهند والصين إلى أوروبا، بالإضافة إلى الموقع الجغرافي المميز، إذ تنتشر في
القوقاز الغابات والسهول، وتساعد الأمطار الوفيرة على زراعة المحاصيل على أنواعها،
فضلاً عن الثروات الباطنية من البترول والغاز.
أصبحت
سياسة روسيا القيصرية أكثر صرامة تجاه سكان شمال القوقاز المسلمين في القرن التاسع
عشر، وتحولت مع مرور الوقت إلى حرب ضد شعب هذه المنطقة، راح ضحيتها أكثر من 500
ألف قتيل من الشركس، عندما أوقف العثمانيون والإنجليز دعمهم عن الشركس، بدأوا
بخسارة أراضيهم لصالح روسيا القيصرية بعد صمودٍ دامَ أكثر من 100 عام، كما بدأ
الروس بتهجير الشركس الأديغيا باتجاه الدولة العثمانية على متن قوارب متهالكة
تسببت بوفاة كثيرين في البحر الأسود.
في
معركة وادي كبادا في سوتشي يوم 21 مايو/أيار 1864 تعتبر آخر معركة بين الشركس والروس والتي أعلن
بنهايتها سيطرة روسيا على مناطق الشركس بالكامل، وتحوّل هذا التاريخ إلى يوم
الإعلان عن بداية مرحلة جديدة بالنسبة للشركس الأديغة المسلمين وبات يسمى
بـ"يوم الحزن الشركسي" أو "يوم الحداد".
وعندما
وصل المهجَّرون باتجاه الدولة العثمانية، بدأت الأخيرة بتوزيعهم على مناطق سيطرتها
في الأردن التي كانت المحطةَ الأساسية لهم في بلاد الشام ومن ثم سوريا ولبنان
وفلسطين، ونحو 90% من الشركس تم تهجيرهم بعد الحرب، ومعظمهم لا يزالون يعيشون في
الدول التي هُجِّروا إليها، كما لا تزال روسيا حتى يومنا هذا ترفض الاعتراف بإبادة
الشركس وتهجيرهم.
تهجير الشيشان والأنغوش
في الـ23 من فبراير/شباط 1944، جاءت
دعوة من الشرطة السريّة السوفييتيةإلى كبار رجالات قبائل الشيشان
والأنغوش؛ من أجل حضور احتفالات يوم الجيش الأحمر.
توجه الرجال إلى مكان الحفل، لكنهم
فوجئوا بوجود كثير من الجنود السوفييت يحملون رشاشات آلية ويقفون أمامهم،
الاحتفالات كانت مجرد خدعة لإفراغ القرى من الرجال الكبار أصحاب الكلمة العليا
هناك.
تمّ حصار الرجال ونزع أسلحتهم، ومن ثم
وقف أحد الجنود وقرأ عليهم مرسوماً خاصاً من جوزيف ستالين يأمرهم بالخروج القسري
من مناطقهم.
في الأثناء، اجتاحت القوات الروسيّة
القرى الشيشانية والأنغوشية وأفرغتها من جميع سكانها ولم تمهلهم أكثر من 30 دقيقة
من أجل تجميع متاعهم، ومن ثمّ أودعتهم في شاحنات القطارات وأرسلتهم جميعاً باتجاه
المنفى في جمهوريات آسيا الوسطى وأقصى شرقي سيبيريا، رغم أن الشيشان والأنغوش لم
يكونا شعباً واحداً، لكن الديانة الإسلامية التي يؤمنان بها كانت كافية للسوفييت
لإخراجهما معاً.
بعد أن انتشر الشيشان في مناطق المنفى
تمت تسميتهم بـ"مستوطنين خاصين" وهو أحد المصطلحات السوفييتية التي تشير
إلى فئة معينة من الناس تمّ ترحيلها قسراً من أراضيها الأصلية، لأغراض اقتصادية أو
عرقية أو دينية، وهم محرومون من أي حقوق دستورية أو جماعية.
وفي عام 1934، قامت الحكومة السوفييتية
بدمج شعبي الشيشان والأنغوش في كيان سياسي إداري واحد سمَّته منطقة الشيشان
الأنجوشية المستقلة، التي أصبحت جمهورية اشتراكية سوفييتية مستقلة في عام 1936.استمر النفي 13 عاماً، حتى عام 1957، عندما أبطلت السلطات السوفييتية
الجديدة بقيادة خروتشوف العديد من سياسات ستالين، وضمن ذلك ترحيل الأمم.
عاد
الشيشان والأنغوش في نهاية المطاف ليشكلوا الأغلبية في البلاد، ومع ذلك لايزال
الاثنان يعتبران يوم 23 فبراير/شباط يوم إبادة جماعية بحقهما، وهو ما اعترف به
أيضاً البرلمان الأوروبي في 2004.
تهجير تتار القرم
مُنحت شبه جزيرة القرم حكماً ذاتياً
باعتبارها جمهورية من جمهوريات الاتحاد السوفييتي عقب ثورة أكتوبر/تشرين الأول
البلشفية عام 1917، واحتلها النازيون في أوائل عام 1940 قبل أن يُطردوا منها.
ولكن عندما وصل الزعيم السوفييتي السابقجوزيف
ستالينإلى الحكم، قام بين 2 و18 مايو/أيار
1944، بترحيل الشعب التتري بالكامل باتجاه سيبيريا ووسط آسيا. حيث تم إخطار سكان التتار المسلمين بضرورة
إخلاء منازلهم ومنحهم مدة 30 دقيقة فقط للبدء بالخروج، مات ما يقرب من نصف
المنفيِّين من الرجال والنساء والأطفال الذين تم تحميلهم على عربات الماشية
والبالغ عددهم 200 ألف، في الطريق أو بعد وقت قصير من وصولهم إلى جبال الأورال
وسيبيريا وآسيا الوسطى.
ويُنظر اليوم إلى يوم ترحيل تتار القرم على أنه رمز
لاضطهاد هذه الأقلية العرقية، حتى إن البرلمان الأوكراني أعلن في عام 2015،
اعترافه بيوم 18 مايو/أيار على أنه "يوم إحياء ذكرى ضحايا إبادة تتار القرم
الجماعية".
تهجير شعب الكالميك
تعود جذور شعب الكالميك إلى آسيا وقبائل
المغول الغربيّة التي كانت تربي الماشية، في منتصف القرن السابع عشر، أعطى أمير شابٌّ
البيعة للقيصر الروسي واستقروا في سهوب منطقة الفولغا السفلى.
وتعتبر منطقة شعب الكالميك هي الوحيدة
في أوروبا التي تعتنق البوذية ديناً على المذهب "التبتية" الذي يُعرف
بـ"غيلوغبا".
تعرض نحو 100 ألف من شعب الكالميك
لعمليات تهجير قسرية من قِبل الاتحاد السوفييتي في ديسمبر/كانون الأول 1943، من
أرضهم الواقعة شمال الشيشان باتجاه سيبيريا.إذ تمّ نقلهم في عربات الماشية إلى مستوطنات
خاصة؛ للعمل الإجباري في سيبيريا.ورغم أنّ أكثر من 23 ألف كالميكي قاتلوا إلى
جانب الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية، وتوفي ما يقارب 1400 شخص في أثناء
نقلهم، أصيب مثلهم بأمراض خطيرة، تم وضع الكالميك المهجرين تحت إدارة المستوطنات
الخاصة في سيبيريا للعمل القسري، وعملوا بشكل روتيني 12 ساعة يومياً، حيث استمرت
عمليات التهجير القسرية نحو سيبيريا نحو 13 عاماً، ولم يسمح لهم بالعودة إلى أرضهم
حتى العام 1957، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، أصبحت كالميكيا إحدى جمهوريات
روسيا الاتحادية.
تهجير البلقار
على غرار الشيشان والأنغوش والكالميك
هجّرت السلطات السوفييتية أيضاً كامل شعب البلقار الذي يقطن في شمال غربي القوقاز
إلى آسيا الوسطى في عام 1944، والبالغ عددهم 37713 شخصاً، من قراهم خلال يوم واحد،
وتمّ في يوم 8 مارس/آذار باتجاه جمهوريتي كازاخستان وقرغيزستان السوفيتيين.
البلقار هم شعبٌ تركي يقطن شمال غربي
القوقاز، وهم من السكان الأصليين لجمهورية قبردينو-بلقاريا، ويعتبرون شعباً واحداً
مع سكان جمهورية قراتشاي تشيركيسيا المجاورة ويتحدثان اللغة ذاتها.
الشيخ شامل الداغستاني
الشيخ شامل
الداغستاني أو الإمام شامل، الرجل الذي كان كابوس الإمبراطورية الروسية طيلة ربع
قرن.
تقع داغستان فيما يسمّى بالقوقاز الشمالي بين بحري
قزوين والبحر الأسود. كانت هذه المنطقة دائماً موطناً للحروب والصراعات بين الدول
الكبرى، فمن ناحية الدولة العثمانية ومن ناحيةٍ أخرى دول وسط آسيا وفي الشمال
روسيا القيصريّة.
من
يسيطر على داغستان يصبح الطريق أمامه مفتوحاً للسيطرة في سواحل البحر الأسود وكذلك
في سواحل بحر قزوين، ومن بحر قزوين ينطلق من يريد للسيطرة على آسيا الوسطى، والتي
لها أهمية جيو-استراتيجية عالية جداً باعتبار وقوع طرق التجارة الرئيسية بين آسيا
وأوروبا خلالها.
يعرف هذا الرجل بألقاب
مثل: "أسد القفقاس" و "صقر الجبال" وهما ليسا لقبين مجازيّين
وفقط، بل لقبان لهما أصولهما. فهذا الرجل بتكتيكاته العسكريّة المتقنة استطاع
تكبيد الإمبراطورية الروسية خسائر هائلة.
ولد الشيخ شامل الداغستاني عام 1796 في إحدى قرى
داغستان. كان وهو صغير كثير المرض وتوقعت عائلته موته، وحسب العادات فقد تمّت
تسميته باسمٍ آخر لتبتعد عنه الأمراض، فأصبح اسمه محمد شامل..
درس اللغة العربيّة والفلسفة والفقه والأدب العربي،
وهكذا كانت اللغة العربيّة لاحقاً لغته في المراسلات الرسميّة.
دخل الإسلام إلى منطقة داغستان والشيشان من خلال
الطرق الصوفيّة، ولهذا فقد كان تاثُّرهم بالشكل الصوفي للإسلام كبيراً، وهكذا
تعلّم شامل في الطريقة النقشبنديّة الصوفيّة مع رفيقه الإمام غازي محمد الغيمراوي،
الذين قادان معاً مقاومة مسلّحةًمفتوحة مع احد
أقوى جيوش العالم في تلك الفترة، من خلال مريدي الطريقة النقشبندية ومن انضمّ لهم
من القبائل التي رفضت السيطرة الروسية.
في عام 1832، سقط الملا غازي شهيداً في
معركةٍ عنيفة في مواجهته مع الروس، ولم ينجُ من جيشه القليل سوى شخصين، كان أحدهما
الشيخ شامل الذي جرح بشدّة ولكنّه استطاع الهرب.
فكان على الإمام شامل أن يلملم جراحه
سريعاً، فبعدما قتل رفيق دربه وصديقه المقرّب عليه أن يكمل الرحلة وحده الآن، وبعد
سنتين من مقتل الإمام غازي أصبح الإمام شامل إماماً وقائداً لحركة المقاومة. كان
جيشه يتكوّن بالأساس من المريدين في الطريقة النقشبنديّة، إضافةً إلى رجال القبائل
الذين انضموا له لمقاومة الروس.
تمتّع الشيخ شامل الداغستاني بنظرة
ثاقبة ومهارات إدارية عالية، إضافةًلقدرةٍ عسكرية
استثنائيّة. فبدأ ترتيب البيت الداخلي، وطبّق نظاماً صارماً
قوامه التمسُّك بالإسلام وتوحيد جبهة المقاومة. كانت بلاده من عرقيات مختلفة
(حوالي 30 عرقيّة و40 لغة) وقد اعتبر الإمام شامل أنّ الشيء الوحيد الذي سيوحدهم
في مواجهة الغزو الروسي هو الإسلام.
قسّم جيشه إلى فرق، كان جيشه حوالي 60
ألفاً. قسّم الفرق على كامل البلاد، وقسمت البلاد إلى 32 ناحية "محافظة"
وعيّن على كلٍ منها نائباً عنه ومفتياً وأربع قضاة. وبهذا أصبح جيشه يتحرّك: لا
مركزياً تجاه قوّات روسيا القيصرية.
بدأت قيادة الشيخ شامل للمقاومة عام
1834، واستمرّت طيلة ربع قرن حتّى 1859. استمرّت المقاومة سنين طويلة، وكان الجيش
الروسي يرتكب العديد من المجازر تجاه المدنيين والقبائل، ما أنهك هذه القبائل، بل
إنّ بعض أمراء القبائل رأوا أنّ الأنسب من مقاومة الروس هو التصالح معهم،
والتوصُّل معهم لاتفاق.
خاف قادة القبائل من مواجهة الشيخ شامل
بهذا الاقتراح، فقد كانوا يعرفون جميعاً العقاب. فقرروا التقرُّب لأمّه ومحاولة
استمالتها لتعرض عليه هذا الاقتراح. وقد كان، قرّرت أمه أن تفاتحه في التوصُّل
لاتفاقٍ مع الروس. تكشّفت له خيوط المؤامرة شيئاً فشيئاً، فجمع مريديه وأخبرهم:
هناك مؤامرة للتعاون مع الروس. وأمِّي ضالعةٌ فيها!
تغيّب الشيخ شامل عدة أيام، اعتكف في
المسجد للصلاة والدعاء ليرشده الله إلى الحكم الصواب. لو عاقب الأمراء وأعدمهم
سيخسر كثيراً من شعبيته. صحيح أنّ هذه القبائل التي تعيش في جبال الشيشان وداغستان
قبائل مسلمة، لكنّها لم تتخلّص من عادة أخذ الثأر والانتقام. ومن ناحيةٍ أخرى لو
ترك الأمر يمرُّ دون عقاب فستتزعزع صورة المقاومة أمام الناس.
بعد ثلاثة أيامٍ من الاعتكاف، خرج الشيخ
شامل إلى الناس معلناً حكمه: تُجلد والدته مائة جلد! دهش الجميع، فأمر أحد أتابعه
بتنفيذ الحُكم، وبعد 5 جلدات طلب منه التوقّف قائلاً: سأتحمّل أنا بقيّة الجلدات،
وطلب من الجندي جلده 95 جلدة. وهكذا استطاع أن يحافظ على وحدة القبائل دون أن يجعل
الموقف يمرّ دون عقاب.
كانت معارك الشيخ شامل تنتهج ما يعرف في العلوم
العسكرية بـ"حرب العصابات"، وكانت هذه الطريقة مناسبة جداً للتعامل مع
الجيش الروسي الضخم.
في واحدةٍ من المعارك عام 1835، أرسل القيصر الروسي
قوةً ضخمة قوامها 30 ألف جندي للقضاء على الإمام شامل. عندما وصلوا للقرية التي
يتحصن فيها الشيخ شامل وسط الأدغال، وهجموا وجدوا مقاومةً بسيطة، فانتصروا بسهولة.
أثناء رجوعهم منتشين بنصرهم كان جيش الشيخ شامل
ينتظرهم في كمينٍ محكم وسط الغابات، قتل من الروس في تلك المعركة 25 ألف جندي من
أصل 30 ألفاً. وهكذا كانت طبيعة وشكل معارك الشيخ شامل الداغستاني طيلة ربع قرن.
استطاع
أن يستحوذ على 4 مدافع روسيّة ضخمة، واستخدمها ضدّ الجيش الروسي، وبعد فترة أصبح
لديه منها 12 مدفعاً. وفي معركةٍ أخرى، أرسل القيصر ولي عهده مع كبار قادته في
حملةٍ على الإمام شامل، في إحدى المرات حاصروا بلدةً صغيرة. وكانت خطة تلك القرية
كالتالي: غطوا أبواب بيوتهم ونوافذهم بالطين، وغيروا سقف منازلهم لتصبح أسقفاً
خفيفةً ورخوة، وعندما وصل الروس بدؤوا بالقفز على أسطح المنازل، وبدأت الأسطح
تنهار بهم ليتلقفهم مريدو الشيخ شامل.
هُزمت
روسيا القيصرية في حرب القرم مع الدولة العثمانية التي تلقت حينها دعماً أوروبياً
قوياً، سجلت الهزيمة عام 1856، وأمام هذه الهزيمة الكبيرة كان قادة الجيش الروسي
يحتاجون أن ينتصروا في معركةٍ تعيد لهم هيبتهم، وهكذا في عام 1859 تحوّل مائتا ألف
جندي روسي إلى جبهة الشيخ شامل الداغستاني بقيادة الجنرال الشاب أليكساندر
إيفانوفيتش بارياتسكي.
عكف
بارياتسكي على دراسة نمط معارك الشيخ شامل، الذي كان حينها في سن 63 عاماً. وهكذا
فقد جعل بارياتسكي مهمّة فرقة كاملة من الجيش الروسي: تقطيع الأشجار الضخمة من
الغابات، لأنّ تلك الأشجار الضخمة التي يصل طولها أحياناً 100 م، كانت مقرّ مكامن
الشيخ شامل ومقاومته.
وهكذا
استطاع بارياتسكي أن يوهم الشيخ شامل بهجومٍ من ناحية، بينما هاجمه جيشٌ آخر من
ناحيةٍ أخرى بطريقة "الكمّاشة". كان الشيخ شامل في 500 فقط من مجاهديه،
أمام 40 ألفاً من الروس، قرّر حينها الشيخ شامل الاستسلام.
استسلم
الشيخ شامل بعد ربع قرن من المقاومة، وقد أخذه الروس في رحلةٍ بريةٍ طويلة من
بلاده إلى موسكو ليحسِّنوا سمعة الجيش الروسي المهزوم في حرب القرم، فها قد
انتصرنا أخيراً على عدونا اللدود الشيخ شامل.وبعدها بعشر سنين في عام 1869 طلب الشيخ شامل
مغادرة الأراضي الروسية ليحجّ إلى مكّة، ووافقت السلطات الروسية على طلبه، فوصل
إلى إسطنبول ومنها إلى مكّة، ثمّ منها إلى المدينة التي توفي فيها عام 1871 ودفن
هناك.
الأصل
في الإسلام أن القتال يكون بين المسلمين وغيرهم، لا بين المسلمين بعضهم البعض؛ حيث
تحرم النصوص قتال المسلم للمسلم، فالنبي ﷺ جعل أكبر الوعيد على تقاتل المسلمين
فيما بينهم، ففي الحديث: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في
النار) مسلم 2888.
وما
من حالة يجوز فيها قتال المسلمين بعضهم البعض إلا في حالة البغي، حيث يرفع فريق من
المسلمين السلاح ويبغون على جماعة أخرى من المسلمين، فإذا لم تنجح دعوات الإصلاح
فإن قتال البغاة يصبح واجباً حتى يرتدع الباغي عن بغيه ويعود إلى رشده، فإذا
استقرت الأمور فلا مبرر لاستمرار القتال، قال تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا
عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ
اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ
وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات: 9].
ولكن
هذه الحالات تفترض أن هناك "دولة مسلمة" و"جيشاً مؤمناً" ولكن
الأمر في الحرب الأوكرانية الروسية مختلف تمام الاختلاف، فما ثمة جيش مسلم ولا
دولة مسلمة!
وحدث
مثل هذا الاقتتال بين المسلمينفي حرب
الخليج الثانية التي اجتمع فيها عدد كبير من قوات الدول الإسلامية تحت إمرة
أمريكية وهو ما جعل كثيراً من المسلمين يتحرجون من مسألة الاستعانة بدولة غير
مسلمة وقوات غير مسلمة لتحل خلافاً بين المسلمين، وارتكزت الفتاوى الرسمية
السعودية حينها على فكرة رفع الظلم ومقاومة الباغي بما هو متاح وممكن، وهي الفتاوى
التي مهدت الطريق لوجود عسكري أمريكي مستقر في الجزيرة العربية لم ينتهِ حتى وقتنا
الحالي!
إن
تحديد الهدف من القتال يعتبر أهم ما ينبغي معرفته لتحديد مدى مشروعية القتال، فقد
يكون الانخراط في القتال واجباً إذا كان دفاعاً عن المقدسات والأرواح والأعراض،
ويكون إهداراً للأرواح إذا لم يكن له هدف مشروع وواضح ومحدد، والناظر في الحرب
الحالية لا يستطيع أن يجد مسوغاً شرعياً لموقف الرئيس الشيشاني وانخراطه في القتال
الذي لا يوجد فيه دفع لظلم ولا نصر لمسلم ولا أي مقصد شرعي معتبر!
إشكاليات
الدولة والمواطنة، مَن الصديق ومن العدو؟!
يعتبر
تحديد المعسكر الذي سيقاتل فيه المسلم أحد أكبر الإشكاليات المعاصرة، حيث ذوبت
الدولة الحديثة فكرة الأخوَّة في الدين واستبدلتها بالقومية والوطنية، حيث قد يجد
المسلم نفسه مقاتلاً في جيش غير مسلم ولكنه ينتمي إلى جنسيته!
وهنا
يقوم الفرد المسلم بتحقيق أهداف غير المسلمين، وهي أهداف لا يمكن بحال من الأحوال
أن تتوافق مع مقاصد الإسلام من القتال، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي
سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ
الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 76]، ولقد نهى الله تعالى عن موالاة غير
المسلمين في مسائل القتال تحديدًا لحساسيتها: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ
نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا
أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ﴾ [الحشر: 11].
وهذه
الإشكالية ظهرت بجلاء عند غزو الولايات المتحدة للعراق 2003 حيث تضاربت الفتاوى
حول حكم خدمة المسلمين في الجيش الأمريكي، وهو ما كشف وجود فجوات كبيرة بين
التنظير والتطبيق في مجال السياسة الشرعية.
والحقيقة
أن موقف مسلمي أوكرانيا طبيعي ومتوافق مع مقاصد الشرع التي توجب الدفاع عن النفس
والعرض، فهم في موقع دفاع لحماية أنفسهم، ولكنالزج بمسلمي
الشيشانفي معركة لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بل
ويقاتلون إلى جوار العدو الذي سحق بلادهم في حربين انتهت آخرهما عام 2009 يعتبر
أمراً عجيباً والأعجب أن يتم الزج بهم في هذه الحرب تحت راية دينية وشعارات
إسلامية وكأنهم منطلقون إلى تحرير المقدسات!
إن
حرباً مثل التي تدور حالياً بين روسيا وأوكرانيا تضع على عاتق العلماء المسلمين والباحثين
واجبات توضيح المساحة التي يمكن أن تتدخل فيها السياسة وتعمل عملها وبين المساحة
التي تعتبر من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تعديها تحت أي ذريعة كانت، كما تضع هذه
الأحداث مسؤولية شخصية في عنق كل مسلم ألا يلقي بنفسه في صراع لا يعلم أبعاده ولا
تتضح له أهدافه ولا يستطيع أن يفرق فيه بوضوح بين الصديق والعدو، طالما أنه ليس
مضطراً لذلك.
جدل
كبير وتساؤلات عدة أثارتهاالحرب الروسية-
الأوكرانيةولا سيما بعد إقحام الجيش الشيشاني
المسلم فيها، انقسمت الآراء حول ذلك بين طرف مؤيد مشجع وآخر معارض مخوّن، وفي
الحقيقة وراء تلك الآراء تختبئ الكثير من وجهات النظر المحقّة، لكن غالباً ما يتم
إظهار المشهد السياسي بدافع العاطفة.
فهناك من يؤيد تدخُّلالجيش الشيشاني؛
لأنه مسلم يغزو دولة غير مسلمة، متناسياً أنه يغزو باسم الدولة الروسية، بينما
يقوم الآخر بتخوين هذا الجيش ومحاسبته كما لو أنه مستقل يتخذ قراراته الدولية
بنفسه، متناسياً وقوعه تحت الحكم الروسي الغاشم، وموالاة رئيس الجمهورية للقيادة
الروسية.
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ظهرت
الحرب الباردة بين الكتلتين الاشتراكية والرأسمالية ومحاولة كل كتلة الاستحواذ على
الاقتصاد العالمي والسيطرة على الجغرافيا السياسية للكتلة الأخرى ، ولكن الانفراج
في العلاقات الدولية التي حدثت مع تفكك الاتحاد السوفيتي وانتهاء حلف وارسو ادى
الى ظهور سياسة القطب الواحد بزعامة الولايات المتحدة الامريكية والدول الشريكة
لها في حلف الناتو التي أخذت باستقطاب الدول الجديدة في المستقلة عن الاتحاد
السوفيتي فنشأ نوع من الصراع الجديد محوره أن تحافظ روسيا على قوتها العسكرية وعلى
موقعها المنافس للولايات المتحدة الامريكية وعلى عودة القطبية الثنائية للعالم .
هذه الأيديولوجيات التي سيطرت مع توفر
مناخ عدم الثقة بين الأطراف المتنازعة أدى الى الصدام العسكري بين الطرفين في أوروبا
وتمثل بمحاولة احتلال روسيا لاكرانيا وزعزعة الامن الأوروبي ، فماذا تريد روسيا ؟
وكيف عالجت المشكلة ؟ ومن الأطراف التي شاركت بالصراع ؟ وما فكرة زج المسلمين في
صراع ليس لهم فيه ناقة ولا جمل ؟ وما المخرج من هذا الصراع .
هذه الأسئلة كانت وراء فكرة كتابة هذه
المقالة وتسليط الضوء على تاريخ انتهاكات حقوق الانسان من قبل الروس وإدارتهم
للصراعات من اجل السيطرة على الأقليات والدول الإسلامية بعد الثورة الاشتراكية وما
النتائج .
روسيا
وأوكرانيا: ماذا يريد بوتين وهل ستنهي روسيا حربها؟
روسيا
لا تستطيع أن تشعر "بالأمان والتطور والوجود".لان أوكرانيا المعاصرة ذات
الميول الغربية تشكل تهديدا دائما لها
.
هذا
ما اطلقه الرئيس الروسي عندما دمر السلام في أوروبا بإطلاق العنان للحرب على دولة
ديمقراطية عدد سكانها 44 مليون نسمة، يبقى السؤال: ما هو هدف حرب؟ وهل هناك مخرج ؟
ماذا يريد بوتين؟
أن الأهداف التي حددها الرئيس الروسي في بداية الغزو الروسي قد تم
تقليصها أثناء الحرب التي افترض أنها ستنتهي بانتصار سريع. لم يستطع بوتين حتى
الاعتراف بأنها كانت غزوا أو حربا، مفضلا عبارة "عملية عسكرية خاصة"، لأنه
يرى هذه لحظة محورية في التاريخ الروسي. وأن مستقبل روسيا ومكانتها المستقبلية في
العالم على المحك".
كان الهدف الأساسي هو اجتياح أوكرانيا وإقالة حكومتها، ثم ضمها الى
روسيا كما فعل بالقرم ومنهيا للأبد رغبتها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. وقال
بوتين للشعب الروسي إن هدفه هو "نزع السلاح من أوكرانيا واجتثاث النازية
منها"، لحماية أولئك الذين تعرضوا لما وصفه بـ 8 سنوات من التنمر والإبادة
الجماعية من قبل الحكومة الأوكرانية.
وشدد على أن "احتلال الأراضي الأوكرانية
ليس خطتنا، لا ننوي فرض أي شيء على أحد بالقوة".
لكن لم يكن هناك نازيون ولا إبادة جماعية ، وفرضت روسيا سيطرتها
بقوة وحشية على عشرات البلدات والمدن، ووحدت الأوكرانيين في معارضة احتلالها.
ويتواصل القصف، لكن التقارير الأخيرة من محادثات السلام تشير إلى
أن روسيا لم تعد تسعى للإطاحة بالحكومة الأوكرانية، وتهدف بدلا من ذلك إلى أن تصبح
أوكرانيا محايدة.
لماذا يريد بوتين أوكرانيا محايدة؟
منذ حصول أوكرانيا على استقلالها في عام 1991 مع انهيار
الاتحاد السوفيتي، اتجهت تدريجيا نحو الغرب .. صوب كل من الاتحاد الأوروبي وحلف
شمال الأطلسي "الناتو".
ويهدف الزعيم الروسي إلى عكس ذلك التوجه حيث يرى أن سقوط الاتحاد
السوفيتي كان بمثابة "تفكك لروسيا التاريخية"، لقد زعم بوتين أن الروس
والأوكرانيين شعب واحد. وأكد "لم يكن لأوكرانيا أبدا تقليد إقامة دولة
حقيقية"، نافيا التاريخ الأوكراني.
وضغط بوتين في عام 2013 على فيكتور يانوكوفيتش الزعيم الأوكراني
الموالي لروسيا حتى لا يوقع اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي مما أدى إلى احتجاجات
أطاحت في نهاية المطاف بذلك الرئيس الأوكراني في فبراير/شباط من عام 2014.
وردت روسيا في
2014 بالسيطرة على منطقة القرم الجنوبية في أوكرانيا وإثارة تمرد في الشرق ودعمت
الانفصاليين الذين قاتلوا القوات الأوكرانية في حرب استمرت 8 سنوات وأودت بحياة 14
ألف شخص.
وكان هناك وقف
لإطلاق النار واتفاق سلام مينسك لعام 2015 الذي لم يتم تنفيذه مطلقا. وقبل غزوه
أوكرانيا بفترة وجيزة، مزق الرئيس بوتين اتفاقية السلام واعترف بدولتين صغيرتين
تدعمهما روسيا على أنهما مستقلتان عن أوكرانيا، وعندما أرسل قواته إلى أوكرانيا، اتهم
بوتين الناتو بتهديد "مستقبلنا التاريخي كأمة"، زاعما، دون أساس، أن دول
الناتو تريد نقل الحرب إلى القرم.
هل هناك مخرج من هذه الحرب؟
يعتقد مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك أن وقف إطلاق
النار يمكن أن يبدأ في الأيام المقبلة لأن القوات الروسية عالقة في مواقعها
الحالية، وتحدث الجانبان بشكل إيجابي عن التقدم في المفاوضات، ويقول بودولياك إن
الرئيس الروسي خفف من مطالبه.
في بداية الحرب، أراد الزعيم الروسي أن تعترف أوكرانيا بشبه جزيرة
القرم كجزء من روسيا وأن تعترف باستقلال الشرق الذي يديره الانفصاليون، وأن تغير
أوكرانيا دستورها لضمان عدم انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو"
والاتحاد الأوروبي.
ولا يزال الوضع المستقبلي لشبه جزيرة القرم والدويلات المدعومة من
روسيا في لوهانسك ودونيتسك بعيدا عن الحل، لكنهما قد لا يفسدان الاتفاق إذا اتفق
الجانبان على معالجة هذه المشكلة في وقت لاحق.