السبت، 31 أغسطس 2024

موت فجأة ..

 بالأمس عدت إلى بيتي متعباً منهكاً فقالت لي زوجتي هلَّا غيرت ثيابك وارتحت قليلا ريثما ينضج الطعام ....

وبالفعل ذهبت إلى غرفتي وغيرت ملابسي وتمددت على سريري واغمضت عيني !!!

ولم أفتح عينيَّ إلا على صوت المؤذن يؤذن لصلاة العصر، فخرجت من الغرفة متوجها إلى المطبخ فوجدت زوجتي منهمكة في إعداد المائدة.....

جلست إلى المائدة وسألتها ماذا طبختي لنا اليوم يا حبيبة القلب ؟؟؟

إلا أنها لم ترد !!! فعاودت السؤال مرة ثانية وثالثة فتفاجأت انها لم ترد .... فكانت دهشتي أسبق من غضبي !!! 

إذ أنها المرة الأولى وعلى مدى عشرين عاماً من حياتي الزوجية أخاطب فيها زوجتي ولا تعيرني أي اهتمام.

التفت فإذا بابني يدخل المطبخ, فطلبت منه إحضار زجاجة ماء من الثلاجة, فكان جوابه مماثلا لجواب أمه, فازداد تعجبي منه ذلك الشاب الدمث الذي يُضرب به المثل في الأدب وحسن الخلق !!!

فهممت بالخروج من المطبخ فإذ بزوجتي تقول لأبني: اذهب وأيقظ أباك لتناول الغداء !!!! هنا بلغ مني الذهول مبلغا !!!

وبالفعل اتجه إبني إلى غرفتي ليوقظني ,,, فصرخت فيه بعلو صوتي أنا هنا, فلم يلتفت إليَّ ومضى مسرعاً وتركني غارقاً في ذهولي.

وبعد دقيقة أو يزيد عاد وقد ارتسم الرعب على وجهه فقالت له أمه : هل أيقظت أباك ؟؟؟

فتلعثم قليلا ثم قال: حاولت إيقاظه مرارا وتكرارا لكنه لم يجب !!! فازدادت دهشتي, ماذا يقول هذا الولد !!!

فدخلت زوجتي مسرعةً إلى الغرفة وخلفها الأولاد مذعورين فتبعتهم لأجدها تحاول إيقاظ شخص آخر في سريري يشبهني تماماً, ويلبس نفس ثيابي,,,,

وما إن يأست من إيقاظه حتى بدأت عيناها تغرورق بالدموع وبدأ أولادي في البكاء والنحيب ومناداة ذلك الرجل الملقى على فراشي والتعلق بثيابه أملا في الرد.

وأنا لا أصدق ما يجري حولي !!!

يا إلهي ما الذي يحدث ؟؟؟!!! من هذا الرجل الذي هو نسخة مني ؟؟؟!!! لماذا لا يسمعني أحد ؟؟؟!!! لماذا لا يراني أحد ؟؟؟!!!

خرج ابني مسرعا ليعود بعد قليل ومعه أبي وأمي وإخوتي وانهمر الجميع في البكاء وأمي تعانق ذلك الرجل النائم مكاني وتبكي بكاءا حارا، فذهبت إليها محاولا لمسها والحديث معها وإفهامها أني مازلت بجوارها إلا أنه حيل بيني وبين ما أردت....

فالتفت إلى أبي وإلى إخوتي محاولا إسماع صوتي ولكن دون جدوى !!!

ذهب إخوتي للإعداد للجنازة وخرَّ أبي على الكرسي يبكي وأنا في ذهول تام وإحباط شديد من هول ذلك الكابوس المزعج الذي أحاول الاستيقاظ منه.

جاء المغسل وبدأ في تغسيل ذاك الجسد الملقى على فراشي بمساعدة أبنائي ولفه بالكفن ووضعه في التابوت.

وتوافد الأصدقاء والأحباب إلى البيت والكل يعانق أبي المنهار ويعَزُّون إخوتي وأبنائي ويدعون لي بالرحمة ولهم بالصبر والسلوان.

ثم حملوا التابوت إلى المسجد ليصلُّوا عليه, وخلا المنزل إلا من النساء. فخرجت مسرعاً خلف الجنازة المتجهة إلى المسجد حيث اجتمع الجيران والأصدقاء واصطفوا خلف الإمام ليصلوا علي.

ووسط هذا الزحام الشديد وجدتني أخترق الصفوف بيسر وسهولة دون أن ألمس أحدا.

كبَّر الإمام التكبيرة الأولى وأنا أصرخ فيهم يا أهلي يا جيراني على من تصلون ؟؟؟!!!

أنا معكم ولكن لا تشعرون!!!

أناديكم ولكن لا تسمعون!!!

بين أيديكم ولكن لا تبصرون!!!

فلما استيئست منهم تركتهم يصلون وتوجهت إلى ذلك الصندوق وكشفت الغطاء أنظر إلى ذلك النائم فيه,,,

وما إن كشفت عن وجهه حتى فتح عينيه ونظر إليَّ وقال: الآن انتهى دوري ،،، أنا إلى الفناء أما أنت فإلى البقاء !!!

ثم قال لازمتك ما يزيد عن أربعين عاما واليوم مآلي

إلى التراب ومآلك إلى الحساب !!!

ولم أشعر بنفسي إلا وأنا ملقى في التابوت فاقدا السيطرة على كل شئ, أطرافي لم تعد تستيجب لي. لم أعد أرى شيئاً, لم أعد أقوى على الحراك, أحاول الكلام فلا أستطيع.

فقط أسمع تكبيرات الإمام ...

ثم غمغمات المشيعين ....

ثم صوت التراب ينهال عليّ ....َ

ثم قرع النعال مبتعدة ....

أدركت حينها أنها النهاية ....

ولربما البداية ....

بداية النهاية ....

هكذا بكل بساطة ودون مقدمات ؟؟؟؟!!!!!

مازال لدي الكثير من المواعيد,,,

مازال لدي الكثير من الأشغال,,,,

مازال لدي الكثير من الديون التي لم أسددها ولم أوص بسدادها,,,,

أين نقالي ؟؟؟

أريد أن أوصي بفعل خير لطالما أجلته,,,

أريد أن أنهى عن منكر لطالما رأيته,,,,

وشيئا فشيئا بدأت أختنق

ثم سمعتُ أصوات أقدام متجهة إليَّ,

يا ويلتى سيبدأ الحساب !!!

هذا ما كان يقال لي في الدنيا,,,,

لابد أنهما منكر ونكير في طريقهما إليَّ,,,

وبقيت أصرخ في قبري ,,,

رب ارجعونِ ,,,

رب ارجعونِ ,,,

رب ارجعونِ ,,,

لعلي,,, أعمل صالحا فيما تركت !!!

فلا أسمع صدى لدعائي سوى ,,,,, 

كلا ،،، كلا ،،، كلا ،،،

ولازلت على هذه الحال حتي تدفق إلى مسامعي صوت رقيق يهمس في أذني : بابا, بابا, الغدا يا بابا....

ففتحت عينيَّ لأجد ابنتي وفلذة كبدي مبتسمة كعادتها في وجهي وهي تقول: " يلا يا بابا قبل الأكل ما يبرد"

احتضنتها بلهفة وقبلت جبينها ثم تركتها تذهب ....

وجلست في فراشي برهة وأنا أشعر بإرهاق شديد وأطرافي ترتعد وجسدي يتصبب عرقا ....

لأخاطب نفسي قائلا:

.... ها يا نفسُ قد عدتي ,,, فأريني أي صالحٍ ستعملين قبل أن يأتي يوم تسألين فيه الرجعى فلا يستجاب لكِ....

سارع بالخيرات بأعمال الصالحات وتزكر عندك أهل واصدقاء بسوريا .

#منقول

الخميس، 22 أغسطس 2024

العرف العشائري في قضايا القتل

 لعرف العشائري 


في قضايا الدم


"لا دم عليه ورود"


القتل العمد


النفس البريئة مصانة في جميع الرسالات والديانات ولكن مَنْ يقوم بقتل هذه النفس عمداً فما عليه إلاّ أن يفدي نفسه أو يقوم بالرحيل ويوكل أُناساً للدفع عنه والقاتل عمداً مهدور دمه يجب إخراجه من المنطقة وأخذ عطوة وطيب من أهله أو دفع دية كاملة أو يقتل. وفي أول ثلاثة أيام يعتبر ما يقوم به أهل المغدور تحت الفراش من حرق أو سلب أو نهب أو تخريب ممتلكات أو نباتات حيث تسمى في العرف العشيري بأيام المهربات والمسربات لأن فيها فورة دم وتكون النفوس حامية. 


وتبقى القضية معلقة وإن حصل منها طيب وصلح وفي حالة الأخذ بالثأر يكون قبراً بقبر أو طبشاً بطبش وهذه ترجع إلى قوة الطارد. 


القتل شبه العمد


القتل هو قتل ولكن في حالة وقوع القتل شبه العمد أن يقوم الجاني بدفع قضايا العطوة كاملة وفي نهاية العطوة [الطيبة] يُؤخذ بالحسبان قضية القضاء والقدر ويكون المتسبب في القتل كالفاعل الحقيقي وحدثت مرة في إحدى القرى أن حارس ورشة بناء وجد أثناء مروره في الطريق إنساناً يفتح أحد الأبواب فأطلق عليه الرصاص وقتله، فدفع دية كاملة لأنه حوسب محاسبة القاتل الحقيقي، وإذا أطلق الرصاص من قبل الجنود أو الشرطة فعليهم دفع الدية المربعة حتى وإن أطلق إنسان الرصاص على جماعة من المهربين فعليه دفع دية كاملة لأن القتل قتل.

وقدر أصحاب العُرف العشيري أن الدية هي 40 ألف دينار أو 100 ناقه 

إلاّ أن قتل شبه العمد يعامل معاملة القتل العمد وفيه دية مغلظة لان القتل قتل. 


قتل الخطأ


أن قتل أيَّ إنسان عن طريق الخطأ يعتبر نفس قتل العمد ولو جاء المقتول على بيتك وقمت بقتله فعليك الدية لأن القتل قتل والنفس البشرية مصانة من القتل والعبث.


وأيَّ إنسان قُتل عن طريق الخطأ فله دية محمدية وهي 4250 غم عيار ذهب 24 قيراط أو تدفع 100 ناقة.و يؤخذ فيها عطوة.


قتل المظلولة "الدم المجهول أو الضائع"


يعتبر قتل عمد ويجب على المتهم أن يفدي نفسه. والمظلولة يطايب عليها دون اعتراف من المتهم خوفاً من المشاكل التي ستحصل في المستقبل.

وقد حصلت طوشه في إحدى القرى وعمت هذه الطوشه كل أهل البلد وقتل فيها أكثر من عشرين شخصاً، وكان من بين القتلى رجل من بني نعيم فدفعت أهل يطا مظلولة لأهل المقتول من قبل الطرفين المتخاصمين.

والمظلولة يجب فيها اليمين وفيها البشعة لأنها تهمة غير واضحة وغير مدعومة بالدلائل ويتم الفصل فيها إما بشهادة الشهود أو بالبراءة عن طريق اليمين أو بلحس النار. 

وقد دفعت مظلولة قديماً 60 دينار أما الآن فيقدرها القاضي.. 

والمظلولة كانت تدفع في القتل المجهول الفاعل، فإذا كان القاتل مجهولاً، واتهمت الديرة التي وجد القتيل فلأهل القتيل طلب يمين رجل من أهل الديرة وإذا اتهمت عدة عشائر في القتل وأنكروا فعليهم اليمين وإذا أدت القسم كل العشائر ما عدا واحدة فإن التي تمتنع عن القسم تتحمل الدية، وإذا أدت القسم جميع العشائر تقسم الدية على الجميع حيث أنها مظلولة. 


قتل الطفل


قتل الطفل لا يختلف عن قتل أية نفس صَغُرَت أم عظمت فالقتل قتل ويعتبر قتل الطفل قتل العمد وعلى الجاني أن يفدي نفسه. 


فلا يُميز في قتل الطفل بين ذكر وأنثى ولا بين صغير وكبير ولا بين شاب وشيخ فالقتل قتل ولو كان عمر الطفل ساعة. ويجب له دية كاملة ولذا قيل الرَّجُل برجل والأنثى بأربعة رقابٍ.


قتل الجنين


يعامل قتل الجنين كقضية قتل وقد حدث مرة في إحدى القرى بأن قُتِلَ جنين فحضرت جاهة من عند الجاني وطلبت أخذ عطوة من أهل القتيل فوافق أهل الجنين (المقتول) ودُفِعتَ له دية كاملة. فالقتل هو قتل مهما كان ويعتبر قتل الجنين دم ولكن قد يُصبح فيه تخفيف إذ يدفع فيه عُشْرُ الدية أو غرة عبد [ تحرير رقبة ] ويُعاقب المتسبب في قتل الجنين كالفاعل ولو كان المتسبب في القتل طفلاً. 


أما في حالة نزول الجنين [ الإجهاض ] عن طريق الخوف والرهبة غير المقصودة كمشاهده الحامل واقعة الاشتباك فتؤخذ عطوة ويلحقها الطيب. 


قتل المرأة على يد زوجها


حدد العُرف العشيري أصول التعامل بين الزوج والزوجة وقد سمي هذا العرف [ عم النساء ] أي إنه هو الذي يُصدر الأحكام بين المرأة وزوجها، فالمرأة في بيت زوجها تعامل على أنها مخلوق له جميع الحقوق والامتيازات كما للرجل ولا يختلف قتل الزوجة عن جرائم القتل الأخرى فالقتل قتل. 

إذا حدث وقتل زوج زوجته فيسمى هذا القتل بقتل العمد ولها دية كاملة ودية مغلظة، أما قتل الخطأ فله الدية الكاملة. 

وحدث في إحدى القرى أن قام زوج بقتل زوجته عمداً فخرج القاتل من القرية ودفع دية مغلظة. 

إذن فالمرأة إذا قتلت على يد زوجها يسمى هذا القتل بقتل العمد ولها دية كاملة أي يدفع الزوج 100 ناقة أما إذا حصل القتل بطريق الخطأ فيدفع دية الخطأ. وفيها الجاه والوجه.


قتل المرأة في طوشة


إذا خرجت المرأة في الطوشة وشاركت فيها كالرجل واستفحلت تسقط حصانتها وليس لها حق إذا قُتلت لأنها تقدمت بنفسها للساحة [ أي ساحة القتل ]، أما إذا قُتلت المرأة خطأً ولم تشترك في الطوشة فيدفع الجاني دية كاملة لأنه تسبب في قتل نفس بريئة.


اشتراك المرأة في الطوشة يُسقط حصانتها وهيبتها ولا حد للاعتداء عليها فإذا مزق أحد الناس ثوبها أثناء الطوشة فليس لها حق لأنها شريكة وتعامل معاملة الرجل أما إذا تم الاعتداء عليها في بيتها فيقص القاضي حقها وإذا شتمت المرأة الرجل ورد عليها الرجل بالسُباب والشتيمة فلا أثم عليه فالتعدي سواء بسواء ولكن إن رفع يده عليها وجب لها الحق.


قتل المرأة وهي تدافع عن نفسها


التعدي على حرية المرأة وحقوقها وكرامتها وعرضها من الأمور الصعبة التي شدد فيها العُرف العشيري فإن قام أحد الناس بقتل المرأة وهي تدافع عن نفسها فلها الدية الكاملة ودية مغلظة. 

وإذا قُتلت المرأة خارج بيتها فديتها كدية الرجل أما إذا تم القتل داخل البيت وقام الجاني بالاعتداء على عرضها فلها أربع ديات وتعامل كصائحة الضحى.

وقد أجمع العُرف العشيري على أن أيّ اعتداء على حرية المرأة أو كرامتها أو عرضها يوجب تغريم الجاني، وإن حاول قتلها فيجب عليه الدية الكاملة لأن القوانين صعبة للغاية وتعامل معامله الصائحة. 


غرة الدم- غرة الدية


هي البنت أو الأخت التي تؤخذ مقابل الدم وليس على الآخذ أية تكاليف فهي تعامل معاملة العبدة وإذا أنجبت رجلاً تحرر نفسها.

وغرة الدم عادة جاهلية وهي ملاذ آخر غير القتل والدية حيث يتم الاتفاق بتزويج رجل من أهل المقتول بفتاة من أهل القاتل يتم الحلول بها كالزوجة دون عقد قران حتى تنجب له صبياً ويبلغ سن الرشد عندها يؤخذ الصبي إلى الديوان [ ديوان مَنْ حلَّ بها ] وتُشهد الرجال على ابنها بأنه أصبح رجلاً يحل محل القتيل بعدها تكون حرة طليقة لتعود إلى أهلها أو تستمر مع ابنها وزوجها. 

ولكن نادراً ما يحدث ذلك لأن الرجل الذي اتخذها غرة يعقد عليها خلال المدة أو في نهايتها وتصبح بالتالي زوجة شرعية كاملة له.

فغرة الدم : هي امرأة تقدم دية للقتيل إذا أنجبت رجلاً وبلغ سن الرشد يأخذها الرجل إلى فترة محدودة من الزمن لإنجاب بدل الضائع إلا أن هذه العادة قطعت في أيامنا هذه وألغيت، ويعلل العشيريون غرة الدم في القدم بأن العرب كانت تعتقد أن المصاهرة والنسب هما افضل وسيلة لإذابة الضغائن والأحقاد وإعادة الود والألفة والصفاء. 

الدليخة


هي أن يقتل الجاني ضيفة أو صاحبه وينكره فلها أربع ديات أو أربع رقاب.

والدليخة قد تقتل في مكان آمن وتنقل إلى مكان آخر فان حصل ذلك فلها أربع رقاب. 

إذا حدث وقدم رجل إلى بلد أو عشيرة أخرى وتعرض للاعتداء عليه أو على عرضه فيجب على المُعتدي أن يدفع ويغرم مضاعفاً. أما في حالة تشويه الجثة أو إخفاء معالمها بقصد عدم التعرف على المجني عليه فعلى الجاني أن يدفع أربع ديات مغلظة لأنه لا يجوز تشويه الجثة وما على الميت إلا تكريمه بدفن جثته وقد حرّم الإسلام تشويه الجثة. 


القتل البوق


أن يقتل الإنسان إنساناً ما غدراً وبدون إساءة سابقة.

عندها يعامل معاملة الدليخة لأنها لون من ألوان الغدر وعلى الجاني أن يدفع دية أربع رقاب. 

و إذا تم البوق في ديار أهل الجاني فيدفع الجاني أربع ديات مغلظة أما إذا حصل البُوق في ديار القتيل أو قريباً منها فعلى القاضي أن يُعد الخطوات ويقدرها وما على الجاني إلاّ الدفع.

وإن حصل وغاب الأهل عن البيت ولدى رجوعهم إليه وجدوا شخصاً غريباً في البيت وقاموا بقتله ظنا منهم أنه لص فعليهم الدية الكاملة.

وحدث في زمن قديم أن ذهب رجلاً من المخامرة إلى شرقي الأردن، وقتلهما جماعة من الكرك وشاءت الأقدار أن يأتي من أهل الكرك اثنان إلى بني نعيم وأخذوهما إلى بيت محمد شحادة أبو عرام فقال القاضي أبو عرام أنا لا آخذ دمًا بارداً وعليهم وجه أبو عرام من هنا إلى الكرك، وعاد الرجلان إلى بلدتهما الكرك وأخبرا الأهل بما حدث معهما فجمع أهل الكرك جاهة وقدموا إلى بيت القاضي وأخذوا عطوة وانتهت بالطيب ومنذ تلك الحادثة والقول المشهور معروف بين الناس عليهم وجه "أبو إعرام ". 

القتل الدغمة


أجمع العُرف العشيري على أن الدغمة تعامل معاملة البُوق والدليخة ولها نفس الحكم في القتل والديات. 

لكن هناك أمورٌ لا حقَّ فيها كالسفهاء والصعاليك الذين صدر بحقهم التشميس، ومن يقود الخصم على ابن عمه، والخائن والغدار. 

فهؤلاء لا ضيافة ولا تقدير لهم، ولا يصاهرهم أحد وتوجب مقاطعتهم ومطاردتهم. 

إذا أكل شخص ما طعام بيت فله حق الحماية، ولا يجوز الغدر بمن تناول زادك ولو كان قاتلاً في العرف العشيري، فبين الطرفين عيش وملح. 


قتيل الملاعب :


أثناء اللعب في مباراة أو سباق الخيل إذا حصل صدام قتل فيه أحد المتباريين فإنه يعتبر قتيل ملاعب، تؤخذ عطوة شرف إرضاء للخواطر ولكن لا تؤخذ الدية بمسامحة أهل القتيل.


الدية وأنواعها ومقدارها


وهي مقدار من المال يدفعه الجاني للمجني عليه وهي 1000 مثقال ذهب وكل دينار يعادل 4.25 غم ذهب، فالدية تعادل إذن 4250 غم ذهب حسب الشرع.

والدية إذا كان القتل خطأ تُقدر ب 333 دينار ذهب، أما العمد فلم يوجد لها مقدار معين وليس لها إلاّ الجاه والوجه وتقدر على النحو التالي:

1. 33 جمل x 5 دنانير= 165 دينار

2. 33 x 3 دنانير = 99 دينار

3. 34 x 2 دينار= 68 دينار

فيكون المجموع 333 دينار


وتختلف الدية في الوقت الحاضر عما كانت عليه في القديم، ففي الوقت الحاضر يقدرون الدية المحمديه بما يعادل 38 ألف دينار أردني والعزب ديته تختلف عن المتزوج، فإذا كان المقتول متزوجاً ولم يُنجب تكون له دية تختلف عن الآخر المتزوج وله أولاد، ولا يحق للجاهة عند دفع الدية أن تقول هذا لله وهذا للرسول وهذا … الخ


وقد يأخذون في الدية من عشرة آلاف إلى 15 ألف دينار إلاّ أن الدية المحمدية في فلسطين قدرت ب 4250 غرام ذهب وتسّعر في حالة دفعها.


وقديماً كانت الدية تدفع على ثلاث مراحل، بين كل مرحلة وأخرى فترة زمنية تقدر بسنة من أجل تمكين الجاني من تحصيل الأموال ويكون مقدار الدية في السنة الثالثة حتى النهاية الثالثة [ 4250 ] غرام ذهب عيار 24 قيراط وفي كل مرة تؤخذ عطوة، فالعطوة الأولى 18 ذبيحة وتوابعها والعطوة الثانية 12 ذبيحة وتوابعها وفي الثالثة 6 ذبائح وتوابعها.

وفي الصلح 25 ذبيحة وتوابعها وتكون هذه للجاهة حيث ينهض أهل المجني عليه ويتفقدونها ويرجعونها مع الجاهة.


التشميس والبراءة


أثناء تردي الأخلاق والقيم يظهر إنسان عديم الأخلاق وشرس الطباع كثير المشاكل بحيث لا يرضى عنه قومه ولا يستطيعون زجره في هذه الحالة يتفق أهله وعشيرته على التبرؤ منه عشيرياً وقانونياً ويكتبون صكاً في ذلك ويشهدون عليه وجوه الحمائل والعشائر في الدولة والمحافظة والقرية والمدينة بعد تسديد ما عليه من ديون وغرامات. أما في الإسلام فلا توجد مثل هذه الحالة وإنما يتوجب عليه العقوبات الإسلامية الزاجرة حسب طبيعة الحالة. 

وعلى هذا فالبراءة تكون في حالة وقوع شخص في أشياء غير محمودة من العشيرة ويكرر عمله الشائن فتقوم العشيرة بالتبرؤ منه وذلك بالكتابة في الصحف والإذاعات ووسائل الإعلام بعد أن تكون قد جمعت وجهاء العشائر في المنطقة وأشهدتها على صك البراءة بعد دفع ما عليه من ديون فيما يتعلق بدم أو حادث ولكن لا يسددون الديون الشخصية.

وقديماً كان يتم التشميس والبراءة بشهادة قضاة ومنشد دم.

لا يجوز البراءة من شخص بعد ارتكاب الجرم وفي عهد الاحتلال الإسرائيلي كانت العشيرة تتبرأ من الشخص الذي يشتبه بتعاونه معها أو تورطه في قضايا أمنية أخرى وتهدر دمه، فيصبح دمه مهدوراً والعشيرة غير مسؤولة عن تصرفاته عشيرياً أو قانونياً، فإذا قتل لا تدفع معه، وإذا قُتِل لا تطالب به، ولا يحق للشخص المشُمس أن يحضر اجتماعات العشيرة أو أفراحها أو أتراحها ولا يدفع في المعدود أو قرش الدم، وكان يعرف في الزمن الماضي بالصعلوك فهو مهدور الدم لا يطلب من عدوه ولا تطلب عشيرته بدمه ولا تأخذ بثأره.


اليمين بخمسة إقبال وإقناع

(لا خصص الله من دين الكاذب)


يقوم المجني عليه بانتقاء خمسة من أهل الجاني الذين يفترض أن يكونوا من أهل التقوى والصلاح كي أجل يحلفوا مع الجاني ويشهدوا على ذلك أمام مجموعة من الناس، يتوجب اليمين في حالات القتل والعرض والأرض فقط.

واليمين بخمسة يتوجب في حالة إنكار المتهم، بحيث يُطلب منه هذا اليمين حتى في التجارة التي تزيد عن 500 دينار. ويقسم اليمين أُناس ذوو سمعة طيبة يختارهم أهل المجني عليه. وتسقط ضرورة اليمين بخمسة في حال ثبوت التهمة.

وفي حالة القتل يشارك في القسم أفراد العائلة المشاركون في الدم. أما في قضايا العرض فعلى الجاني وخمسته ممن يجلسون معه على المائدة فقط لأن الدنس على مَنْ يعمله. 

ويتم الحلف على قطعة الأرض المتنازع عليها أو عند المنبر في المسجد أو في مكان يُتفق عليه وغالباً عند المقامات ومزارات الأولياء والصالحين، وتتم مراسم اليمين بان يقوم شخص بعمل دائرة يخطها بشبريته أو بسيفه أو بعصا ويقول " أنا مأخذ سيف الله كفوً ".

يقف الشخص الأول في المقدمة والأربعة الآخرون خلفه، يلقنه صيغة اليمين ويزكى يمينه الآخرون بأنه يِحلف صادقاً وليس كاذباً.

وصيغ اليمين متعددة ومتنوعة منها " والله وسبع جمال محملات غلة، كل حبة تشخص وتقول والله لا شفت ولا رأيت ولا سمعت ولا آلي

( أعلم) ولا أدري … " 

كثير من الناس يهاب اليمين، لأن اليمين ليس سبقة، واليمين قطاع الذراري وفي حالة رفض أي شخص الحلف تعتبر التهمة ثابتة ويتحمل تبعاتها كاملة.

الشروط الواجب توفرها في قسم اليمين بخمسة في حالات الدم هي: 

ا- يحلف المتهم بالجريمة " العنَّاق أولاً ".

ب- في حالة عدم توفر الأدلة الكافية في التهمة الموجهة إليه يقسم ويردد خلفه أربعة أشخاص ويقولون صدق حالفنا في قوله تزكية ليمينه من أصحاب الأمانة في العشيرة وممن يدفع معه قرش الدم. 

أما في حالات العرض فيكون الخمسة من الأشخاص أقرب الناس إليه من أولاده أو إخوانه ويستطيع أن يكمل الخمسة بإضافة جملة "لأن العيب على صاحبه". 

أما الأرض فيقسم اليمين العنَّاق وأربعة ممن يعرفون حدود الأرض أو لديهم معلومات عنها. وفي حالة رفض أي شخص أداء القسم يتحمل العنّاق المسؤولية كاملة. وإذا ثبت بعد أداء القسم أنه كاذب يبطل القسم ويمتثل الجاني للحق العشيري ويدفع الحق مضاعفاً فلا خصص الله من يمين الكاذب. 

أولا أنحس من يمين الكاذب.


البشعة


أسلوب ترضيه بناءً على طلب أهل الطارد "فلا دم عليه ورود ولا عرض عليه شهود ". ويتخصص بالبشعة في فلسطين رجالات بئر السبع ورفح وصحراء سيناء فيقوم المُبشِّع بإيقاد كومة من الحطب ويضع محمس القهوة على النار حتى يحمر، وبعد سماع شهادة الطرفين، المتهم وذوي المجني عليه، يطلب المبشِّع من المتهم أن يلحس النار من على وجهي المحمسة ويناوله بعد ذلك كوباً من الماء ليشرب، فإذا ظهرت آثار الحرق على لسانه (فقاقيع) ويقال في الدارج [ أن لسانه بقبش ] فيعتبر مذنباً ويُظهر لسانه للناس على أنه وغيت وليس متهماً فقط، وقد حدث أن تبشع في بئر السبع في عهد الانتداب لارتكابه جريمة قتل أحد سكان سعير وثبتت عليه التهمة ودفع الدية المحمدية.

أما من الناحية العلمية فالبشعة هي عملية سيكولوجية تقوم على الإيحاء ومهارة المبشِّع أو أن الشخص الخائف أو المذنب يجف حلقه ويرتبك ويخاف أثناء الإقدام على لحس النار ويعترف بالجريمة [ يكاد المريب يقول خذوني ]. أما البريء فيقدم بجرأة على لحس النار ولا يخاف منها فيعرف المبشِّع بأنه برئ ويعلن براءته. وحصل مرة في بئر السبع أن اتهم رجل زوجته في عرضها ورتمها فطلبت المبشِّع ولكنها اشترطت إذا كانت بريئة أن يطلقها زوجها فدخلت على الشق أو الديوان وهي تزغرد عدة مرات ولحس النار فعرف القاضي أنها بريئة وطلقها من زوجها وتزوجت من رجل آخر. 

البشعة باتت مرفوضة من السلطات في الدول العربية وهي غير مقرة شرعاً أو قانوناً. وهي عادة أصبحت في حكم الزوال. 

الجلاء-الترحيل


إخراج الجاني من المنطقة التي اقترف فيها الجرم، ويتم الجلاء في حالة القتل العمد وانتهاك العرض من أجل إبعاد الجاني عن العيون وخوفاً من الاحتكاكات المستقبلية " غيب عن العين تغيب عن الذهن ".


ويُعطى الجاني مدة ثلاثة أيام وثلث اليوم الرابع لإخلاء أهله وحلاله ( ماله من المواشي وغيرها ) كي يبتعد عن غريمه. وتعطى هذه المدة مكفولة من إحدى العشائر أو شيوخها للجلاء. وفي الآونة الأخيرة اتفقت العشائر في الضفة الغربية والأردن أن الساكن في المدن يُجلى من الحي إلى حي آخر، لأن له أملاكاً منقولة وغير منقولة وأولاده في المدارس. أما في القرى فيُجلى الجاني إلى قرية أخرى. ولكن العرف السائد أن يجلى من مدينة إلى مدينة تجنباً لوقوع الشر. 


وقد حصلت قضية في إحدى قرى الخليل حيث أجلي الجاني إلى عقبة جبر بقرار إجماعي من الجاهة ورحل مع الجاني 250 شخص. 

يقتصر الجلاء على أبناء الجد الرابع ممن يدفعون في قرش الدم المعدود.

مدة الجلاء سبع سنوات للجاني، أما عصبته وعاقلتهُ فينظَر في أمرها بعد سنة أو سنتين من الجلاء، لتعود إلى مكان سكنها وممتلكاتها.

وإذا كان دخيلاً أو طنيباً في العشيرة وتقرر جلاءها، لا يلحقه تكاليف ولكن يجلي معهم وينزل في مضاربهم. وفي الآونة الأخيرة أكثر العشائر لم تعد ترحل جميع العشيرة ما عدا خمسة الجاني -عصبة الجاني الدانية- حيث أن عطوة الدم تؤخذ ثلاثة أيام وثلث على جميع أفراد عشيرة الجاني ولكن أثناء تجديد العطوة بعد فورة الدم تؤخذ العطوة على خمسة الجاني.


الثـأر

" الدم ما يسوس وما يبلىء "


الثأر عادة جاهلية ألغاها الإسلام وتكون في حالة الدم وهتك العرض. وحال معرفة أهل القتيل بالواقعة يهب أهل القتيل مطالبين بدمه من أهل القاتل. حيث قال تعالى [ النفس بالنفس ] فالإسلام ألغى الثأر نهائياً لقوله تعالى [ ولا تزر وازرة وزر أُخرى … ] 


إلاّ أن القتل العمد ليس له حدود ولا وقت. ولذا قيل في المثل الشعبي " الدم ما بسوِّس"، " وبشِّر القاتل بالقتل ولو بعد حين"، ولا ينتهي طلب الثأر إلاّ بالصلح أو قبول الدية. 

فالثأر هو قبر بقبر أو طبش بطبش وما أُخذ باليمين يرجع بالشمال ولذا قيل مَنْ استثار استجار.


والثأر مسموح في العرف العشيري حتى الجد الخامس. قتل القاتل مهما طال الأمر فالبدوي أخذ حقه بعد أربعين عاماً وقال : استعجلت.

وإذا لم يكن للمغدور سوى بنت، تزُوجها أمها على مهر الثأر فيصبح واجب الثأر على الزوج وعشيرته.

صواب العيار الناري

للتخويف وإطلاق نار للقتل


على العشيرة إيقاف أي من أفرادها عن تخويف الناس أو إطلاق الرصاص. فقد يصيب برصاصته إنساناً ويقتله وعندها يجب أن تُعلن العشيرة براءتها عن هذا الشخص وتؤخذ عطوة من أهل القتيل.


فإذا تبرأت العشيرة وشمست الجاني فقد يتكرم أهل القتيل ويقبلون العطوة وقد يسامحون العشيرة بذلك. أما الجاني فلا تسامح معه ويجب هدر دمه.

فكل من يُطلق الرصاص ويتسبب في جرح وقتل أيَّ إنسان يهدر دمه وتتبرأ العشيرة منه لأنهم شمسوه.


وإذا حصلت الإصابة النارية أثناء اللعب بالسلاح فيتكفل الجاني بقيمة الضرر. أما إذا كان قاصداً فعليه دفع الدية. وإذا كان عن طريق الخطأ فإن مات الشخص فعلى الجاني دفع الدية، وإن أصيب يتكفل الجاني بتكاليف العلاج والعطب. 


الخيانة – العميل


إذا ثبتت تهمة القتل أو التسبب بالضرر على الجاني يتوجب عليه دفع جميع ما تسبب به وزيادة على ذلك تؤخذ عطوة. 

وحدث أن اتهم ممرضاً يعمل في عيادة أربعة شباب بتكسير زجاج العيادة واعتقل الشباب الأربعة وثبتت براءتهم من التهمة فتوجب على الممرض أداء يمين بخمسة. والذي تثبت عليه تهمة العمالة يهدر دمه من قبل عشيرته فتكون بذلك كمن يضيف الحطب إلى النار.


وخيانة الأمين في الأموال :

وإذا حصلت الخيانة على المال فعلى الجاني أن يدفع نصف دية رجل [ ثمن يده ] وإن كانت للعرض فيدفع 4 ديات، وإن كانت للعدو فيجب قتله. أما خيانة الرجل العادي في المال عن عمد فلها حقوق مختلفة يعرفها أصحاب الصنعة. وإذا لم تكن الخيانة متعمدة يعاد المال. وخيانة العرض تعامل معاملة صائحة الضحى ولها منشد إذا لم تكن راضية. أما إذا تمت بالرضا فتعاقب هي والجاني بنفس الحكم كما يقدره القاضي. 


قتل العميل 


إذا أقرت العشيرة بعمالة أحد أفرادها وهدرت دمه يسقط حق العطوة من المواطن القاتل، وإذا تمت العطوة تكون كما يقال في العُرف العشيري هي "شدة خاطر" للحمولة فقط والميت مات والله يحرقه في ناره. وبمبادرة عشيرة العميل يسقط حق المطالبة بأي مطلب مستحق عشائرياً أو قانونياً.


أما إذا قام أحد الناس بقتل من اشتبه بعمالته وثبت للناس بعد قتله بأنه غير عميل فيجب على الجاني أن يدفع أربع ديات لأنه حكم الدليخة. 


قتل مواطن على يد عميل


يكون دمه مهدور أمام جميع الناس وعلى العشيرة أن تدفع دية المقتول إذا لم تكن قد شمست ابنها العميل.


قضايا حوادث السير، الدهس


هو أن يصدم سائق إنساناً ما على الشارع ويصرعه، فإذا كان السائق مرخصاً وثبت ذلك يكون مخطئاً غير متعمد يتوجب عليه دفع الدية حسب الأصناف التي ذكرت سابقاً. أما الدهس العمد فقصاصه كالقتل العمد. ويحدث الدهس الشبه عمد كأن يسوق سيارة غير مرخصة أو سيارة مسروقة أو تكون شبهة له في سياقتها فيقتل إنساناً ففيه دية شبه العمد وهي 100 من الإبل منها 40 حوامل أو يدفع قيمة الإبل. 


وإذا صدم السائق إنساناً وقتله تؤخذ عطوة إذا كان الدهس غير متعمد لأنه يعتبر قضاءً وقدراً وإذا كانت السيارة مؤمنة ومرخصة يأخذ من التأمين أما في حالة عدم وجود رخصة سياقة أو تامين يقوم بدفع دية كل شخص دهسه. وقد حصل أن قام أحد الأشخاص بسرقة سيارة والده وساقها وصادفته في الطريق امرأة تمسك ابنها وتحاول قطع الشارع فدهس السائق الطفل، فدفع [11250 ]ديناراً منها 1250 دينار فراش عطوة والباقي نفقات. ولم يدفع الطيبة لأن مدتها لم تحن.

وإذا كانت السيارة غير صالحة للقيادة وقام بالدهس فيعتبر شبه عمد أما إذا كانت قانونية فيعتبر قضاءً وقدراً

الاثنين، 19 أغسطس 2024

من يقوم بخلق الازمات تصريح امريكي

ايام من حياة فتيان غزة

 بدي أحكيلكم عن تجربتنا الخاصة مع الحمام في غياهب النزوح وبين الخيام. عشان نكون متفقين اللي بيقرف أو بيخجل أو عرق الحيا بينقح عليه وعلينا ما يقرأ ويغلب حاله، المهم:

بداية نزوحنا كانت في آخر يوم من أكتوبر ٢٠٢٣، كنا رافضين نهائي الإخلاء من بيتنا رغم أنه كل الحارة طلعت، طلعنا قسراً لما ضربوا على بيتنا والجنينة عدة صواريخ استطلاع وإحنا وأطفالنا فيه. تحت الضرب والخطر اضطرينا نتوجه لمستشفى القدس بتل الهوا، كانت أسوأ ١٣ يوم في حياتنا وفي مسار نزوحنا البائس. الحمام فيها كان " يا بتلحق يا ما بتلحق "، شكله كان زي الحمامات العادية اللي بنعرفها، لكن عملياً هو عبارة عن مستنقع من المياه طافة طول الوقت، والدور/الطابور عليها كتير ، ولو أجا دورك فأنت بس تفوت بدك تكون أسرع من سرعة سونيك. ومغاسل هادي الحمامات هي اللي فيها بدك تجلي الصحنين والمعلقتين اللي حيلتك فوق الأحواض اللي بتفوا وبنخعوا فيها. غير أنه إجت أوقات تضطر تستخدم الحمامات/ التواليت وهي المية مقطوعة بالكامل، فبدك تنسى حاسة النظر والشم وانسانيتك وتمشي حالك وتتعامل ! متخيلين هيك وضع مع عدد مهول من الناس المحاصرة بالمستشفى ؟! متخيلين إنه في ناس كان مكان نومها وقعدتها على أبواب هادي الحمامات، في الممرات على البلاط. اشتدت الأمور سوء بعد ما حاصروا المستشفى وتم إخلاء الجميع قسراً. لاحقاً المبنى كله طاله الدمار والحريق، وطلعنا منه عبر ممر آمن.
بعد هيك من منتصف نوفمبر لأول ديسمبر كان نزوحنا في بيت الأفاضل نسايبنا من آل الجبور في خانيونس- حسن استقبالهم وضيافتهم عالراس من فوق للعمر - كانت أفضل اللي عشناه وكان هو البيت الوحيد اللي قعدنا فيه، للأسف تحول ركام ! تجربة الحمام فيه زي باقي البيوت - وفي ظل شح المياه - كان لازم نحوش مية غسل الأيدي عشان نستخدمها للكابنيه بعد كل استخدام.
من أول ديسمبر ل منتصف مايو كان نزوحنا الأشرس لخيام في رفح، في أول يوم النا في رفح - كنا لسة بنبدأ فيه تجهيز خيامنا - ما كان في حمام. اذكر يومها احنا الصبايا اضطرينا نستنى الدنيا تعتم وشخينا في الشارع - مش آسفة على اللفظ ولا الفعل نهائي عشان اللي بيصير فينا أوسخ من أوسخ لفظ - وآه عملنا هيك، وبالمجمل أول يومين تلاتة وأنت بين الخيم حتشوف زجاجات مليانة بول/شخة، وكنت بالليل حتسمع صوت شخة الشباب والرجال اللي بستخدموا هادي الزجاجات. آه آه زي ما بقلكم، لهالدرجة الوضع كان مزري أولها لناس نزحت فجأة وأول مرة بتتبهدل هيك! بعد كده صاروا الناس يتعرفوا على أقرب جيران من سكان المنطقة اللي قاعدين في بيوتهم ويستأذنوهم يستخدموا حماماتهم الخاصة. للأمانة كان في تعاون، بس كان لازم إنك تاخد معاك زجاجة المية، وكنت بتحاول قدر الإمكان متروحش عندهم أكتر من مرة في اليوم. هاد كله لحد ما تسهلت معنا وعملنا حمامنا الخاص، كرسي افرنجي موصول تحته برميل للصرف، والجدران عبارة عن نايلون وشادر. بليلة كنا سهرانين، والجبهة الداخلية للحمام شغالة، فمجرد ما طلعت الأصوات غنينا " اضرب والريح تصيح" ، ووقتها الله يسهل عليه مراد قال هاد مش "bathroom"، هاد "بث" حي ومباشر. المصيبة الأكبر أنه هاد ال"بث" لاحقاً صار بريحة وطف علينا و " غرقنا عمو سامي "، اتبهدلنا اي والله. وقتها صرنا نستخدم الحمامات العامة، اللي برضو لازم تمشيلها مسافة، واللي على ما تلاقي المفتاح مع مين من العائلات المشتركة معك بنفس الحمامات وعلى ما توصل وعلى ما استنى يخلص دور اللي قبلك بتكون انت عملتها ع حالك وخلصت، غير موضوع النظافة ونقل المية لهناك. اذكر بليلة من الليالي جوالي رن، رديت إلا هو شاب بيحكيلي تعالي خدي أبوكي تايه😢، بابا حبيبي نظره ضعيف وكان رايح على هادي الحمامات العامة بالليل، والدنيا عتمة ما في ولا ضو ، والطريق للخيم أشبه بالمتاهة! 😥 فموضوع الحمامات العامة صعب لكبار السن والصغار والنساء وكله بهدلة وذل وقرف ... المهم عالجنا مشكلة حمامنا الخاص وصرنا برجوازين شوية وحطينا مبلغ مش بسيط لنشبك حمام الخيمة ع أقرب منهل لخط الصرف الرئيسي. ومشي الحال، وصرنا نستخدمه تواليت واستحمام. سابقاً عشان اتحمم كنت بضطر امشي مسافة طويلة اروح لبيت زميلتي ريما عشان اتحمم في حمام بيتهم " يخلف ع آل البلبيسي والله ،. ع رااااسي من فوق ". كمان قسراً اضطرينا نخلي للمرة الرابعة وما ضل لا خيمة ولا حمام خيمة ولا ضل بيت حبايبنا آل البلبيسي ، ونزحنا كلنا على دير البلح.
من منتصف مايو لحتى الآن واحنا قاعدين في خيام في مدينة دير البلح، طبعاً وصولك لمكان نزوح جديد يعني تأسيس من جديد بكل التفاصيل، وبدك تركب خيم وبدك تنقل وترتب أغراض وبدك وبدك، بهاد الوقت ما كان في مجال لإنشاء حمام، اللي صار اول يومين أنه عشنا زي البِسس/ القطط، تعاملنا مع تلبية نداء الطبيعة بأنه بكل بساطة وقرف عملنا جورة/ حفرة لحد ما قدرنا تاني وعملنا حمام لخيمنا من الشادر والنايلون، وربطناه عخط الصرف الرئيسي.

الخميس، 15 أغسطس 2024

ما نقول يكتب علينا

 

ما نقول يُكتب لنا أو علينا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يجتمع الناس في مناسبات كثيرة ويتخلل اجتماعاتهم  دائماً فواصل من الضحك أو اخبار اشخاص غائبين أو حديث مجامله لأشخاص موجودين أو كلام بقصد التهكم او المزاح وما شابه ذلك من احاديث تعود الناس عليها في مجالسهم في الوقت الحالي.

 والاغلب في هذه الاجتماعات الحديث عن الماضي وما فعل الاصدقاء وصفاتهم وحركاتهم ( الغيبة )، دون ان يعرفوا أهمية ما يقولونه أو يستهينون به، هذا الموضوع  دفعني لان ابحث في القران الكريم عن آيات تبين أهمية القول ومكانته ، وابحث في الاحاديث النبوية التي تبين ما عقوبة قول الكذب او الزور او المزاح، وماذا يجب أن نقول واهمية ما ينطق به اللسان، وقال صلى الله عليه وسلم: كَلامُ ابنِ آدَمَ كُلُّه عليه، لا له، ما خَلا أمْرًا بمَعروفٍ أو نَهيًا عن مُنكَرٍ، أو ذِكرَ اللهِ عزَّ وجلَّ.

 وردت ‏مجموعة من الآيات نذكر منها:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ  ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ  ﲀ ﲁ ﲂ الإسراء:

 وجاء في بيان هذه الآية أن رجلا من العرب شتم عمر بن الخطاب، وسبه عمر وهم بقتله ، فكادت تثير فتنة فأنزل الله - تعالى - فيهوقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن،  وقيل : نزلت لما قال المسلمون : إيذن لنا يا رسول الله في قتالهم فقد طال إيذاؤهم إيانا ، فقال : لم أومر بعد بالقتال فأنزل الله - تعالى - : وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ; اوقل لعبادي المؤمنين إذا جادلوا الكفار في التوحيد ، أن يقولوا الكلمة التي هي أحسن . كما قالولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم . وعلى هذا تكون الآية عامة في المؤمن والكافر ، أي قل للجميع . والله أعلم . وقالت طائفة : أمر الله - تعالى - في هذه الآية المؤمنين فيما بينهم خاصة ، بحسن الأدب، وإطراح نزغات الشيطان ; وقد قال صلى الله عليه وسلم - : وكونوا عباد الله إخوانا .

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ  ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙﲚ ﲛ ﲜ  ﲝﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ البقرة: ٦٧ وقول النبي موسى ارشاد وتوجيه وحكم

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ  ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ  ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ  ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ البقرة: ١١٣ 

 قول اتهام بين بعضهم البعض وهذا قول الذين لا يعلمون ، وتكرار ما قاله السابقون لتبرير كفرهم.

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ  ﳅ ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ الأعراف: ٦٦

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ  ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱔ ﱕ  ﱖ ﱗ ﱘ الأعراف: ٨٨

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ  ﱊ ﱋ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ  ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ الأعراف: ١٣٨

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ  ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ الأعراف: ١٥١

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱈ ﱉ ﱊ  ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ  ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ  ﱡ ﱢ ﱣ يونس: ٢

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ  ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ  الكهف:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲓ ﲔ ﲕ  ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ  النمل: ٨٤

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ  ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱻ ﱼ ﱾ ﱿ ﲀ  ﲁ ﲂ القصص: ٦٣

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ  ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ  ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ القصص: ٧٨

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ  ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ سبأ:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻ  ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ  سبأ:

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ  ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ ﲏ  ﲐ ﲑ ﲒ يس: ٤٧

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ  ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ  ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ الزمر: ٤٩

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ  ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ  الزخرف: ٢٣

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅ  ﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊ ﳋ ﳌ ﳍ ﳎ ﳏ  الحشر: ١٦

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱳ ﱴ  ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱻ ﱼ ﱽ  ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ التوبة: ٦٥

ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﳟ ﳠ ﳡ ﳢ ﳣ ﳤ ﳥ ﳦ ﳧ  ﳨ ﳩ ﳪ ﳫ ﳬ ﳭ ﳮ ﳯ ﳰ ﳱ  ﳲ ﳳ ﳴ ﳵ ﳶ ﳷ ﳸ ﳹ ﳺ ﳻ ﳼ  المدثر: ٤٢ - ٤٧

جميع هذه الآيات تؤكد على ضرورة قول الصدق والابتعاد عن الكذب أو تحميل الأنبياء ما لم يقولوا به أو يفعلوه .

التحذير من الكذب

الكذب من الكبائر والله تعالى يقول‏‏ ‏( ‏إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) ‏[‏النحل : 105‏]‏ وقوله سبحانه وتعالى‏‏ ‏( ‏فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) ‏[‏آل عمران : 61‏] ‏‏ والكذب من صفات المنافقين فعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا ائتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر) صحيح  ..

عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه ،قال : دعتني أمي يوما ،ورسول الله صلي الله عليه وسلم قاعد في بيتنا ، فقالت: ها تعال أعطلك ، فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم : ما أردت أن تعطيه ؟

قالت : أعطيه تمرا

فقال لها رسول الله صلي الله علية وسلم : أما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة

تعريف الكذب

الكذب :هو الكلام علي خلاف الحقيقة، وهو أصل النفاق ،وهو محرم بالكتاب والسنة وإجماع الأمة . عن عائشة رضي الله عنها قالت : (ما كان من خلق أبغض إلى رسول الله صلي الله علية وسلم من الكذب ، ما اطلع علي أحد من ذلك بشيء فيخرج من قلبه حتى يعلم أنه قد أحدث توبة ) ولا غرو فلقد كان السلف الصالح يتلاقون علي الفضائل ويتعارفون بها ، فإذا أساء السيرة وحاول أن ينفرد بمسلك خاطئ بدا بعمله هذا كالأجرب بين الأصحاب فلا يطيب له مقام بينهم حتى يبرأ من علته !!. وبالجملة : فالكذب رذيلة محضة تنبئ عن تمن الفساد في نفس صاحبها

 

 

 

أنواع الكذب

النوع الأول : الكذب علي الله

 ويعد هذا النوع أفحش أنواع الكذب ، وأعلاه وله عدة وجوه:

أ- أن يجعل الإنسان مع الله إلها آخر

ب- تكذيب الله تعالي فيما أخبر

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله علية وسلم قال : قال تعالي : كذبني ابن آدم ، ولم لم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي ، فقوله :لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي ،فقوله :اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ، ولم يكن لي كفوا أحد .

ج- تحريم ما أحل ، أو تحليل ما حرم

 ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ     يونس: ٥٩

النوع الثاني :الكذب علي الرسل

عاقبةُ الكَذبِ على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أشدُّ مِن عاقبةِ الكذبِ على غيرِه؛ لِمَا يَترتَّبُ على ذلِك مِن مفاسدَ في الدِّينِ والدُّنيا. يَروي الصحابيُّ الجليلُ المُغيرةُ بنُ شُعبةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه سمِع النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ كَذِبًا عَلَيَّ ليسَ كَكَذِبٍ علَى أَحَدٍ، مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ »، لأنَّ كلامَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَشريعٌ، وكلامَ غَيرِه ليس كذلك؛ فالكذِبُ عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعظَمُ مَضَرَّةً، وأوقَعُ فَسادًا في نُفوسِ المُسلِمينَ، وهو أشدُّ في الإثمِ مِنَ الكذِبِ على غيرِه.

ويدخل في نطاق هذا الافتراء، سائر ما ابتدعته الجهال ، وأقحموه في دين الله من محدثات لا أصل لها ، عدها العوام دينا ، وما هي بدين !! وقد نبه النبي صلي الله عليه وسلم أمته إلى مصادر هذه البدع المنكرة ، وحذر من الانقياد إلى تيارها ،  قال : يَكونُ في آخِرِ الزَّمانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، يَأْتُونَكُمْ مِنَ الأحادِيثِ بما لَمْ تَسْمَعُوا أنتُمْ، ولا آباؤُكُمْ، فإيَّاكُمْ وإيَّاهُمْ، لا يُضِلُّونَكُمْ، ولا يَفْتِنُونَكُمْ.

النوع الثالث : الكذب علي الناس

يستسهل المرء الكذب حين يمزح حاسبا أن مجال الله لا خطر فيه !! هنا يقول النبي صلي الله عليه وسلم : ويلٌ للذي يحدِّثُ بالحديثِ ليُضحكَ به القومَ فيكذبُ ويلٌ له ويلٌ له) ويدخل في نطاق الكذب علي الناس : شهادة الزور، وإنفاق السلعة بالخلف الكاذب ، والغش في البيع والشراء ..الخ

قال صلي الله عليه وسلم : (كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له به كذب ) ونظرا لما يترتب علي الكذب من أضرار ، أوصي الإسلام بغرس الصدق في نفوس الأطفال حتى يثبوا عليها ، وقد ألفوها في أقوالهم وأحوالهم كلها ، لذا قال النبي صلي الله علية وسلم لأم عبد الله بن عامر : ( أما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة )

النهي عن الإطراء

عن أبي هريرةt ،قال : (أمرنا رسول الله أن نحثو في وجوه المداحين التراب )

 يَرْوي التَّابعيُّ هَمَّامُ بنُ الحارثُ النَّخَعيُّ الكوفيُّ: أنَّ رَجلًا كانَ يَمدَحُ عُثمانَ بنَ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه، «فجَثا»، المِقدادُ بنُ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنه على رُكبتَيْه فوْرَ سَماعِه مَدْحَ الرَّجلِ، فجَعَلَ المِقدادُ يَغرِفُ بيَديْه الحَصى الصَّغيرةَ فيَجعَلُها في وَجهِ المادحِ، فسَأله عُثمانُ رَضيَ اللهُ عنه عن فِعلِه هذا، فاستَدَلَّ المِقدادُ بِقولِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «إِذا رَأيتُم المدَّاحينَ، فَاحثُوا في وُجوهِهِم التُّرابَ»، وَالمدَّاحونَ هُمُ الَّذين اتَّخَذوا مَدْحَ النَّاسِ عادةً، أو مَن مَدَحَ بباطِلٍ أَو ما يُؤدِّي إلى باطلٍ.

لأنَّ في مَدحِهم تَزكيةً لنَفْسٍ مُسْلمةٍ، واللهُ تَعالَى يقولُ: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32]، وهذا المدْحُ المَنهيُّ عنه هو المدْحُ المذمومُ الَّذي لا يكونُ في صاحبِه، أو يَحصُلُ به تَضرُّرُ الممدوحِ، أمَّا المدْحُ الَّذي يَحصُلُ به الفائدةُ والمصلحةُ فلا بأْسَ به، ومنه قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن كان مِنكم مادِحًا أخاهُ لا مَحالةَ، فلْيَقُلْ: أحْسِبُ فُلانًا، واللهُ حَسِيبُه، ولا أُزَكِّي على اللهِ أحدًا، أحْسِبُه كذا وكذا، إنْ كان يَعلَمُ ذلكَ منه» مُتَّفقٌ عليه.

ويمتد التحذير من الكذب ليشمل كل أنواع المعاملات

قال رسول الله صلي الله علية وسلم : (البيعان بالخيار مال يتفرقا ، فإن صدق البيعان وبينا بورك لهما في بيعها ، وإن كذبا وكتما فعسي أن يرجا ربحا ما ، ويمحق بركة بيعهما ، اليمن الفاجرة منفقة للسلعة ممحقة للكسب )

وعن أبى ذر رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) قال : فقرأها رسول الله صلي الله علية وسلم ثلاث مرات ، فقلت : خابوا وخسروا ، ومن هم يا رسول الله ؟ قال : ( المسبل ، والمنان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب )

وكذلك الحيف (الظلم و الجور) في الشهادة من أشنع الكذب ، وأضره علي الإنسان

قال تعالي : (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم) - سورة البقرة - الآية 283

ما رخص فيه من الكذب

في الحديث : عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلي الله علية وسلم قال : (من حمى مؤمنا من منافق أراه قال : بعث الله ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جنهم ...) فمهما كان لا يتم مقصود الحرب أو إصلاح ذات البين أن استمالة قلب المجني عليه إلا بكذب فالكذب مباح ، إلا أنه ينبغي أن يحترز منه ما أمكن لأنه إذا فتح باب الكذب علي نفسه فيخشى أن يتداعى إلى ما يستغني عنه والي ما لا يقتصر على حد الضرورة ، فيكون الكذب حراما في الأصل إلا لضرورة

وعن أم كلثوم قالت : ما سمعت رسول الله صلي الله علية وسلم رخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث : الرجل يقول يريد به الإصلاح ، والرجل يقول القول في الحرب ، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها . قلت : قوله : ( والرجل يحدث امرأته ...) أي : من أجل أن يرضيها ، أو يستميل قلبها إليه ، وكذلك بالنسبة لها يجوز لها أن تنتقى من الكلام أحسنه ،أو تضفي عليه أوصافا لم يصل إليها ، تأليفا للقلوب ، وترطيبا للحياة بين الزوجين

وهو من ذنوب إبليس قال تعالى: (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين فدلاهما بغرور)

فيا أخا الإسلام : عليك بالصدق ، واعلم أنك إذا طلبت الله بالصدق آتاك الله مرآة بيدك حتى تبصر كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) اللهم طهر قلوبنا من النفاق ، وأعيننا من الخيانة ، وألسنتنا من الكذب.

محمد اللكود

18-7-2024

 

قصة مؤثرة

قال الشيخ (عبد القادر الجيلاني)

بنيت أمري علي الصدق، وذلك أني خرجت من مكة إلى بغداد أطلب العلم ، فأعطتني أمي أربعين دينار ، وعاهدتني علي الصدق ولما وصلنا أرض (مهدان) خرج علينا عرب، فأخذوا القافلة، واحد منهم قال: ما معك؟

قلت : أربعون دينار ، فظن أني أهزأ به، فتركني فرآني رجل آخر فقال ما حملك علي الصدق ؟

قلت: عاهدتني أمي علي الصدق، فأخاف أن أخون عهدها، فصاح باكيا، وقال: أنت تخاف أن تخون عهد أمك، وأنا لا أخاف أن أخون عهد الله ثم أمر برد ما أخذوه من القافلة، وقال: أنا تائب لله علي يديك

فقال من معه : أنت كبيرنا في قطع الطريق ، وأنت اليوم كبيرنا في التوبة فتابوا جميعا ببركة الصدق وسببه.

 

جامع الامة من الخارج #العرب #اكسبلور #سابق

جبال الصين الملونة