إعداد مناهج تعليمية وخاصة التربية الوطنية والدراسات التاريخية أو الاجتماعيات مشروع المركز الوطني للمعايير
الثلاثاء، 29 أبريل 2025
السبت، 5 أبريل 2025
متى تحقق الثورة اهدافها

السبت، 8 مارس 2025
فصال السويداء مع من
#السويداء #الهيئة
✍️ وائل علوان:خرجت مظاهرات يوم الخميس في السويداء،
أزيل فيها علم البلاد عن مبنى المحافظة، ووضع مكانه علم ديني لطائفة الموحدين الدروز المعروف وردّدوا عبارات تأييد للشّيخ حكمت الهجري، وحملوا صورا للشيخ موفق طريف، أحد أبرز المرجعيات الدينية للدروز في إسرائيل.
معظم المتظاهرين كانوا من المنتسبين للمجلس العسكري في السويداء الذي يرأسه العقيد طارق الشوفي والذي تأسس قبل أيام، وقد نفى الشيخ الهجري أي علاقة له بالمجلس العسكري، كما نفى العقيد الشوفي مجموعة واسعة من الاتهامات التي وجهت إلى المجلس، أبرزها ارتباطه بإسرائيل ومشاريعها الانفصالية، وتنسيقه مع قسد، والتخطيط معها لدعم اللامركزية في السويداء،
السويداء ليست على قلب رجل واحد، فكما كانت منقسمة بين المؤيدين لنظام الأسد والمناهضين له، فإنها اليوم منقسمة في الموقف من الحكومة السورية الجديدة والتعامل معها، وربما ليس من المصادفة أن يتشكل المجلس العسكري بعد استقبال الرئيس أحمد الشرع في دمشق لقائدي أهم التشكيلات العسكرية في السويداء، وهما ليث البلعوس، وسليمان عبدالباقي.
يحكم السويداء المرجعية الدينية المتمثلة بمشيخة العقل، والتي توارثتها ثلاث عائلات، وهي: الهجري والحناوي والجربوع، يضاف لها مؤخرا قوات شيخ الكرامة بقيادة ليث البلعوس، وحركة رجال الكرامة بقيادة يحيى حجار، وتجمع أحرار جبل العرب بقيادة سليمان عبدالباقي، ولواء الجبل بقيادة شكيب عزام، وتجمع أبناء الجبل بقيادة لؤي أبو فاعور، ولواء "القاهرون" بقيادة عميد جريره، وقوات العليا بقيادة سامر بالي، وتجمع اللواء بقيادة سامر أبو العز، وسرايا الجبل بقيادة وائل أبو قنصول، وبقايا قوة مكافحة الإرهاب الذراع العسكرية لحزب اللواء السوري.
لا يمكن إنكار التواصل المستمر بين فاعلين في السويداء وإسرائيل، لكن هناك تضخيما كبيرا وصورة نمطية غير دقيقة لحجم هذا التواصل وطبيعته وأهدافه ثم لمآلاته، وما قد ينتج عنه،
نعم تحاول إسرائيل كسب حلفاء لها في السويداء، لاستخدام الدروز كدرع لحماية دويلتهم، من خلال ربط الدرزي باسرائيل مع الدرزي بسوريا، وتصريحات نتنياهو بحمايتهم، لكن الاستجابة للمحاولات الإسرائيلية حتى اليوم محدودة جدا، فلا يريد الدروز الابتعاد عن بعدهم السوري، يقود تيار التقارب مع إسرائيل الشيخ موفق طريق، المسار الثاني يتزعمه الزعيم وليد جنبلاط في لبنان، وهدفه أن يحمي خصوصية السويداء والمكون الدرزي فيها، لكن ضمن سيادة الدولة السورية الجديدة
بعيدا عن التصريحات الرسمية التي تجامل في المواقف، وغالبا ما توارب في التوجهات، فإن هناك تنافسا داخليا في السويداء على الزعامة والمرجعية يعززه التواصل والتنسيق مع الأطراف الخارجية، وهو أمر جوهري يغلب على طبيعة العلاقة مع العاصمة دمشق بصرف النظر عن الجهة التي تحكمها.
وربما لا يظهر التنافس في المرجعيات الدينية التقليدية بين الأسر الثلاث: الهجري والحناوي، والجربوع، إلا أن التنافس واضح بينها وبين القوى الناشئة، وخاصة رجال الكرامة، وشيخ الكرامة، ورجال جبل العرب، والتي بدورها أعلنت ولاءها للحكومة الجديدة التي يقودها الرئيس أحمد الشرع في دمشق.
ليس من المرجح أن تكون السويداء في طليعة أي مشروع مناهض للإدارة الجديدة في دمشق، أو أن تكون السويداء جزءا صريحا فيه، إلا أن العامل الخارجي المرتبط بجزء منه مع مشاريع مناهضة للإدارة الجديدة، قد يستثمر حساسية الوضع مع المكون الدرزي لتمرير الضغوطات، أو حتى التهديدات للإدارة في دمشق. واليوم هناك أطراف تدفع نحو تقسيم سوريا، من قسد ومن السويداء ومن اللاذقية
ليس هناك مشروع جادّ انفصالي أو حتى شبه انفصالي للسويداء، لكن هناك خصوصية يطلبها سكان المحافظة، ومن السهل أن تحصل عليها وتتمتع بها من خلال العمل والتنسيق مع دمشق.
🔔
الخميس، 2 يناير 2025
العلمانية تاريخ ومفهوم
في ظل مطالبات العلمانيين بتطبيق العلمانية في سورية، أضعُ بين أيديكم بحثي الذي كتبته في السنة الماضية وتمَّ نشرُه في موسوعةِ المصطلحاتِ الإسلامية بشراكةٍ بين الاتحادِ العالمي لعلماءِ المسلمين وبين مركزِ الفكرِ الإسلامي والدراساتِ المعاصرة، بإشراف ثلةٍ من العلماء. وقد ذكرت في هذا البحث:
أولًا: مفهوم العلمانية
ثانيًا: انتقال المصطلح إلى العالم العربي؛ الأسباب والمفهوم
ثالثًا: موقف الإسلام من العلمانية.
رابعًا: اختلالات في فهم العلمانية وتطبيقها.
وأجبتُ فيه عن الدعاوى الآتية:
1. دعوى أن العَلمانية مشتقَّة من العِلْم بكسرِ العين.
2. دعوى أن مفهوم العلمانية لا يناقضُ الإسلام، وأنه يمكن تطبيقُ العَلمانية في المجتمعات المسلمة.
3. دعوى أن الحكمَ في الإسلام مثلُه مثلُ الحكوماتِ الدينية في أوربا والتي تعني عصمةَ الحاكم الديني عن الخطأ وعدم خضوعه للمحاسبة والمراجعة.
4. دعوى أنه لا يمكن التوفيقُ بين التزام الدولة المعاصرةِ بالشريعة الإسلامية وبين إعلانها تبني نظامٍ من نُظُمِ الحكم الإسلامية؛ لمخالفة ذلك لمبدأ المنع من تعدُّد الخلفاء.
5. دعوى أن التزامَ الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية يمسُّ حقوقَ غيرِ المسلمين.
6. دعوى أن الشريعةَ الإسلامية لا تقدِّمُ حلولًا للمشكلات المعاصرة، بل تخلق مشكلات جديدة.
7. دعوى أن تطبيقَ الشريعة الإسلامية يعني عدمَ استقلالِ القضاء.
8. دعوى عدم إمكانية تطبيق الشريعة الإسلامية لكثرةِ الاختلافات المذهبية والنصوص القابلة للاجتهاد.
9. دعوى أن النصَّ في دستورِ الدولةِ على أن الشريعة هي مصدر التشريع يؤدي إلى تمزيقِ الوحدةِ الوطنية لوجود مواطنين غيرِ مسلمين في الدولة الإسلامية.
10. دعوى أن تطبيقَ الشريعةِ الإسلاميةِ يعني اضطهاد الأقليات الدينية التي تعيش في المجتمع المسلم.
آمل أن تجدوا فيه مفيدًا، والله الموفق للسداد
الأحد، 29 ديسمبر 2024
احمد الشرع كيف تطورت مهاراته القيادية
أحمد الشرع
(الجولاني).. القائد العام لإدارة العمليات العسكرية للمعارضة السورية
عاش
احمد الشرع في مدينة دمشق في كنف عائلة ميسورة وبدأ دراسة الطب حتى توجه الى
العراق لمساعدة أهلها في صد العدوان، وتعود أصول عائلته إلى الجولان السوري
المحتل، وكان والده ذا توجه قومي عربي، وقد شارك في بعض الاحتجاجات ضد حكم البعث
في سوريا فسجن على إثر ذلك مرات عدة في سوريا والأردن، فلجأ إلى العراق.
تعرف
الشرع على هذا الفكر القومي منذ صغره ولكنه لم يكن متفقا فكريا مع والده، ومتفقاً
معه بالنسبة للقضية الفالسطينية ووجود هذا التباين بين الابن ووالده دليل قوة واستقلالية
في التفكير، حيث بدأ يفكر في "الدفاع عن الأمة التي كانت تتعرض للاضطهاد من
قبل المحتلين والغزاة" وهو في سن الـ18، فنصحه شخص بالالتزام بالصلاة في
المسجد وقراءة القرآن ودراسة تفسيره، والبحث عن كيفية الوصول إلى العدالة وتخفيف
الظلم عن الناس.
حبه
للتعلم بما يخدم توجهه الفكري دفعه للذهاب إلى حلب لحضور خطب الجمعة وكان ضمن
أوائل الملبّين لنداء الفاع عن العراق، عمل مقاتلا مع تنظيم القاعدة تحت قيادة أبو
مصعب الزرقاوي حتى قبضت الولايات المتحدة الأميركية عليه واودعته سجن أبو غريب، ثم
سجن بوكا، ومن ثم سجن كروبر في مطار بغداد، ثم وضعه الحكومة العراقية في سجن
التاجي، ومن هناك أطلق سراحه عام 2008، وكان مجموع فترة اعتقاله 5 سنين.
استطاع
الجولاني خلال سنوات سجنه الخمس من تكوين
قاعدة جماهيرية، فقد أثّر في باقي المساجين، وبدأ بنشر "العقيدة الإسلامية
الصحيحة" كما يقول، و"تصحيح مفاهيم مغلوطة حول الدفاع والجهاد"،.
استأنف
الجولاني نشاطه بعد اطلاق سراحه مع ما كان يسمى "الدولة الإسلامية في
العراق" التي تأسست في عام 2006 بقيادة أبو بكر البغدادي، وسرعان ما أصبح رئيسا
لعملياتها في محافظة الموصل، مع بداية اندلاع الثورة السورية عام 2011، اتفق مع
البغدادي أن يتولى هو مسؤولية سوريا، ويؤسس فيها فرعا للتنظيم، بهدف إسقاط نظام
بشار الأسد المستبد،
ذهب
إلى بلاده مع 6 أشخاص، وفي غضون عام استطاع حشد 5 آلاف مقاتل، واستطاع الانتشار في
مساحة كبيرة في البلاد، وهذا مؤشر على قوة شخصيته وحنكته وقدرته في إدارة
المجموعات وتوجيهها، فكان ينفذ عمليات نوعية لايستطيع احد تنفيذها.
رفض
الشرع امر أبو بكر البغدادي -في 9 أبريل/نيسان 2013- إلغاء اسميْ "دولة
العراق الإسلامية" و"جبهة النصرة" ودمج التنظيمين - في كيان جديد
يسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وقال حينئذ "نرفض
الخلافة التي يعلنونها ونعتبرها غير شرعية لأنها أقيمت على أسس غير شرعية"، وبسبب سياسات التنظيم الخاطئة في
إدارة الصراع وكيفية تعامله مع الأبرياء وقتلهم ، وفك ارتباطه بالقاعدة،
وتغيير اسمه إلى "جبهة فتح الشام".
وقال
الشرع: إن فك الارتباط "جاء تلبية لرغبة أهل الشام في دفع ذرائع المجتمع
الدولي"، موضحا أن هذه الخطوة هدفت إلى تحقيق "العمل على إقامة دين الله وتحكيم شرعه وتحقيق العدل
بين كل الناس، والتوحد مع الفصائل المعارضة لرصّ صفوف المجاهدين وتحرير أرض
الشام والقضاء على النظام وأعوانه"، والسعي لخدمة المسلمين والوقوف على
شؤونهم وتخفيف معاناتهم، وتحقيق الأمن والأمان والاستقرار والحياة الكريمة لعامة
الناس".
ووضح
فكره وأيديولوجيته في الاتي:
-
"نحن لا نكفّر المسلمين، وبهذا خالف اكثر التنظيمات المتشددة وبعض عناصر
تنظيمه.
-
"لا نطمح للانفراد بصياغة مستقبل سوريا السياسي بعد سقوط النظام، ولا نريد أن
ننفرد بقيادة المجتمع حتى ولو وصلنا إلى مرحلة تمكننا من ذلك،
-
ستتولى اللجان الشرعية وأهل الحَل والعَقد وضع خطة لإدارة البلد وفق شرع الله
تعالى لبسط الشورى والعدل".
-
لا ندعم أي هجوم خارجي، سواء على الولايات المتحدة الأميركية أو أوروبا.
قيادته
العمليات العسكرية في ردع العدوان
عيّن
الجولاني قائدا عاما لإدارة العمليات العسكرية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024،لقيادة عملية ردع العدوان، وتمكنت فصائل المعارضة استرجاع إدلب وحلب وحماة،
حتى دمشق وريفها والجنوب ، دعا المقاتلين
إلى "التحلي بأخلاق النصر والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وكذا
القيم الإنسانية".
وقال
في بيان له "نحن اليوم نواصل الليل بالنهار من أجل سوريا، المستقبل لسوريا
التي ستكون بإذن الله بلدا للعدالة والكرامة والحرية لكل السوريين".
الملخص
احمد
الشرع من اسرة ميسورة الحال وتعلمه الطب وعلاقته السياسية المتعارضه مع والده ذا
الاتجاهات القومية منحته فرصة كبيرة للتعرف على اتجاهات فكرية وعقائدية كثيرة،
واندفاعه للتعلم ومتابعة الموضوع الديني دلالة على شغفه بحب المعرفة وتكوين اتجاه
فكري سلم فقاده الى الإسلام . وخلال وجوده في تنظيم القاعدة ومن ثم سجنه لمدة خمس
سنوات نضج تفكيره الأيديولوجي واكتسب مهارات القيادة وتوجيه الاخرين فاصبحت فكرة
التخطيط والتنفيذ مكتملة عنده ، وهذا سبب مباشر بأنه استطاع ان يتجاوز عدد تنظيمه
من ستة اشخاص الى الاف المؤيدين له ومن ثم بناء دولة مصغرة في مدينة ادلب بالرغم
من كل الظروف القاسية.
رؤيته
الواضحة وايمانه بقدرته على قيادة الصراع والنجاح بمشروعه دفعه لمخالفة الزرقاوي
والظواهري ومجموعة من رفاقه وتحقيق أهدافه.
استطاع
ان ينتقل من خطاب إسلامي متطرف إلى نوع من الاعتدال.
ودعا
مقاتليه إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، وتم ذلك
أرسل
"تطمينات" إلى المسيحيين وكل الاقليات بأنهم لن يتعرضوا للأذى ونجح في
ذلك.
وجه
رسالة بلغة دبلوماسية للسوداني يدعوه فيها إلى عدم التدخل في الشؤون السورية،
"فهذه ثورة ضد نظام الأسد، وما نقوم به هو استرداد للحقوق، ونريد علاقات جيدة
مع العراق وشعبه".
إعلانه
حرية التعبير والعفو العام هو نابع عن ايمانه بصوابية قراراته وقدرته على ضبط الأمور وهذا كان واضحاً
من خلال دعوته للسوريين بالاحتفال بنصر الثورة فخرج الجميع الى الساحات بمنظر مهيب
والتزام رائع .
الجمعة، 20 ديسمبر 2024
العلمانية لماذا الان في سوريا
خرجت مظاهرة يوم أمس وسط دمشق لرفض الحكم بالإسلام وطلب الحكم العلماني، وقد تتبع الناشطون السوريون عدداً من دعاة هذه المظاهرة واستخرجوا مشاركاتهم القديمة في شبكات التواصل فإذْ بهم ممن كان يؤيد نظام الطاغية المجرم بشار الأسد.
وهؤلاء المتظاهرون الذين نزلوا بعد أيام من سقوط النظام، وقبل تحرير شرق البلاد من (قسد) وقبل استقرار الأوضاع: لا يهمهم محاسبة أزلام النظام المجرم، ولا أخذ حقوق المظلومين، ولا إطعام الجائعين، ولا مصلحة البلد، لا في الأمس ولا في اليوم ولا في المستقبل، بل همهم هو همّ المنافقين على مرّ الأزمان: "محاربة الدين وحَمَلَته والتمكين لأعدائه".
وهذه بعض الوقفات حول ما جرى:
1- لا تنشط هذه المظاهرات -عادة- في عالمنا العربي ضد الظلمة والمجرمين كبشار الأسد وأمثاله من المجرمين الذين تمتلئ سجونهم بالدعاة والمصلحين والمظلومين، بل تجد كثيرا من الداعين لهذه المظاهرات ممجدين لهؤلاء المجرمين وداعمين لهم، ولا تنشط مظاهراتهم إلا حين يقترب الإسلاميون من الحكم.
2- ورقة (العلمانية) و (الديمقراطية) و (الحرية والتنوع والمجتمع المدني) و (محاربة التشدد الديني) هي الورقة الرابحة التي يستعملها الغرب متى أرادوا التدخل في شؤوننا الداخلية، بل حتى بما هو أخصّ من ذلك، كالخمر والحجاب ونحو ذلك، كما رأينا في مقابلة BBC التي نُشرت يوم أمس، وكأنهم أوصياء علينا وعلى منطقتنا وأرضنا، وهم الذين تركوا الظالم يعيث في الأرض فسادا ويقتل مئات الآلاف ثم يأتون اليوم ليحملوا همّ أهل السكر والخنا، وهذا في الحقيقة يجب أن يستثير فينا الحمية الدينية ويجعلنا غير مخدوعين بهؤلاء المستعمرين الذين رأينا إنسانيتهم العظيمة في أحداث غزّة.
3- حين يصل أمثال هؤلاء المتظاهرين للحكم فإنهم ينسون شعارات الحرية ومقتضيات العلمانية وينشطون في محاربة السياقات الإسلامية وقمعها كما هي العادة في العالم العربي منذ الخمسينات من القرن الماضي إلى اليوم، وهذه الشعارات هي أرخص شعارات تم تداولها في العصر الحديث لأنها دائما تستعمل كذرائع دون تطبيق.
ولم تشفع هذه الشعارات لبعض الإسلاميين المساكين الذين طبقوها بإخلاص وشفافية في بعض البلدان العربية بعد الربيع العربي، بل كانت عاقبتهم القتل والسجون وسلب الحقوق لمجرد كونهم إسلاميين حتى مع كونهم ديمقراطيين.
4- إذا كان بعض الذين دعوا إلى هذه المظاهرات من بقايا مؤيدي النظام السابق وكان أمرهم مفضوحاً فإن الإشكال يتجدد حين يتبنى هذه الشعارات لاحقا بعض أبناء الثورة السورية ممن تأثر بأطروحات بعض المفكرين العلمانيين، وقد يكون بعضهم من الإسلاميين، وقد يكون هذا نابعاً من جهل بالدين أو جهل بالعلمانية أو سوء فهم، وقد يكون ناتجاً عن نفاق، أو عن انهزامية وفقدان لروح العزّة التي لم تتحرر البلاد إلا بها. وهذا يُحتّم على أبناء الثورة الصادقين المحافظة على روح العزة والكرامة والاستقلالية، ويحتّم على الدعاة والمصلحين جهداً علميا واسعا وجهادا فكريا كبيرا.
5- من أسباب نفور بعض المسلمين من قضية الحكم بالشريعة هو سوء تطبيق بعض الغلاة لها، وتسلطهم على الناس باسمها، والظن بأن الحكم بالشريعة يعني الظلم والعنف، وهذه مصيبة عظيمة في الوعي يجب تصحيحها ومعالجتها، والمتأمل في الواقع بصدق يجد أن مشكلتنا الكبرى في عالمنا العربي هي في الظلم والعدوان والتسلط على الناس وقمعهم وهذا كله من أبرز صور مخالفة الشريعة التي تأمر بالعدل والقسط.
6- يظن بعض الجهال أن المسلم مخير في قبول حكم الشريعة، وأن هناك نماذج متعددة في مرجعيات الحكم كلها سائغة، وأنه لا علاقة للدين بالسياسة، وهذا كله جهل كبير يجب محاربته، إذ إن المسلم مأمور أمراً مؤكدا بقبول حكم الله: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) بل لا يكون المرء مؤمنا إلا بذلك (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم)
ولذلك فإنه -وبغض النظر عما سيؤول إليه الحال السياسي في البلد- يجب توعية الناس بخطورة هذه القضية وأن قبول حكم الإسلام فرض تكليفي لازم، وليس اختياريا، وهو متعلق بأساس الدين والإسلام، وأنه من أصول العبودية لله تعالى، بل هذا هو معنى كلمة (الإسلام) أصلاً؛ فالإسلام هو الاستسلام لله وأمره وشريعته.
ويجب أن يكون هذا خياراً شعبيا واضحا يعين أصحاب القرار على الإحالة على الشعب في الخطاب الإعلامي والسياسي في أنموذج الحكم.
7- كل الكلام السابق هو من جهة القبول والرضا الشخصي للحكم بالإسلام فهو واجب عيني على كل مسلم، أما من جهة إمكان التطبيق السياسي فهذا تكتنفه ظروف وتحديات هائلة تتطلب تدرجا في التطبيق وحكمة ومداراة للواقع الدولي -الذي لن يرضى عموما عن الحكم الجديد في سوريا حتى لو طبقوا العلمانية بحذافيرها مالم تكن هناك تبعية شمولية حقيقية -غير صورية- وضمان تام لأمن الكيان الإسرائيلي- وهذا كله معلوم لكن المصيبة أن يكون الضغط ضد الشريعة من أبناء الداخل ممن يصطف مع هذا الضغط العالمي.
-- أحمد السيد
الأربعاء، 11 ديسمبر 2024
دراسة نقدية اولويات الثورة
المنشور الذي كتبه الأستاذ محمد لكود يحمل في طياته مزيجًا عميقًا من التأمل التاريخي، التحليل الواقعي، والربط بين التجارب الإسلامية المبكرة وأحداث العصر الحديث، مما يفتح المجال لمناقشة واسعة لا تقتصر على البعد التاريخي، بل تمتد إلى الجوانب السياسية، الاجتماعية، والفكرية.
قراءة النص في ضوء الفهم التاريخي والواقع المعاصر
النص يطرح إشكالية أساسية تتعلق بمدى صحة إسقاط المواقف النبوية، مثل موقف النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة حين قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، على سياقات تاريخية وسياسية مغايرة تمامًا. هل يمكن أن يتم عفو شامل في سياق ثورات الربيع العربي دون التمييز بين الأطراف المختلفة؟ النص يتساءل ويعترض على ذلك، مستشهدًا بمواقف لا تحتمل التسامح أو العفو، بسبب الفجوة الأخلاقية والإنسانية بين طلقاء مكة التاريخيين و"طلقاء" الأنظمة القمعية المعاصرة.
تحليل الخطاب التاريخي: هل كان العفو النبوي مطلقًا؟
الأستاذ محمد الكود يتناول بوضوح مسألة مهمة: هل العفو النبوي كان مطلقًا أم مشروطًا؟
النبي صلى الله عليه وسلم، رغم العفو العام الذي أعلنه في فتح مكة، إلا أنه أمر بقتل أشخاص بعينهم لجرائمهم التي تجاوزت الحدود الأخلاقية والإنسانية، كعبد الله بن خطل الذي أُهدر دمه رغم احتمائه بأستار الكعبة. هنا يبرز التساؤل: إذا كانت القيادة النبوية قد فرّقت بين العفو العام والمحاسبة للجرائم الكبرى، فكيف يمكن إسقاط هذا المبدأ على ثورات الربيع العربي التي واجهت أنظمة قمعية ارتكبت فظائع بحق الشعوب؟
فالعفو الذي مارسه النبي صلى الله عليه وسلم كان مدروسًا وهادفًا إلى إعادة بناء النسيج الاجتماعي والحفاظ على المصلحة العامة. أما في سياقنا الحديث، فإن العفو غير المشروط عن قادة الأنظمة القمعية كما حدث في بعض دول الربيع العربي أدى إلى نتائج عكسية، حيث استغل "الطلقاء" الجدد الحرية والموارد لشن ثورات مضادة.
"علمانية الدراويش": القراءة الأيديولوجية للموقف
النص يصف عفو الثورات العربية بأنه "علمانية الدراويش"، في إشارة إلى انفصالهم عن الواقع وعدم قدرتهم على قراءة العواقب السياسية. هذا المصطلح يحمل في طياته نقدًا لخطاب التسامح غير المشروط الذي قد يبدو مثاليًا ولكنه غير عملي في ظل الواقع السياسي المليء بالتعقيدات.
الدراويش، كما يوحي النص، هم أولئك الذين تغلبت عليهم عواطفهم دون أن يدركوا خطورة ترك قادة الأنظمة القمعية أحرارًا. هذا التوجه أدى إلى استغلال هؤلاء القادة للحرية الممنوحة لهم لإعادة ترتيب صفوفهم، واستخدام الموارد المنهوبة لشن هجمات مضادة ضد الثوار أنفسهم، كما حدث في ليبيا ومصر.
الربط بين الماضي والحاضر: درس من التاريخ
النص يستحضر أيضًا مثال النبلاء الفرنسيين الذين فروا أثناء الثورة الفرنسية وأعادوا تشكيل ثورة مضادة، في تشابه واضح مع قادة الأنظمة في سوريا ودول أخرى ممن استخدموا المنفى كقاعدة لإعادة النفوذ.
في السياق السوري، يشير النص إلى مجموعة من العوامل التي تدل على حتمية اشتعال الثورة المضادة، بدءًا من "علمانية الدراويش"، مرورًا بالتدخلات الخارجية (كالكيان الصهيوني)، ووصولًا إلى دور الأموال المنهوبة والقادة الطائفيين.
نقد القرارات الثورية: العفو مقابل المحاسبة
النص يقدم نقدًا واضحًا للقرارات التي اتخذتها الثورات، خاصة فيما يتعلق بالعفو غير المشروط. يرى الكاتب أن الثورة الحقيقية يجب أن تتبع نموذجًا أكثر صرامة، مستشهدًا بتجربة اجتثاث البعث في العراق، التي تضمنت محاكمات عادلة وحل الأجهزة الأمنية القمعية.
إن الإبقاء على قادة الأنظمة القمعية دون محاسبة يمنحهم فرصة لاستعادة نفوذهم، كما حدث في ليبيا حين أطلق الثوار سراح شخصيات بارزة مثل سيف القذافي ومحمود الورفلي، مما أدى لاحقًا إلى عمليات انتقامية وإعدامات ميدانية.
التوازن بين العدالة والانتقام
النص يميز بوضوح بين العدالة والانتقام. العدالة، كما يراها الكاتب، تتطلب محاسبة المجرمين وإبعادهم عن أي دور مستقبلي في النظام السياسي. أما الانتقام الأعمى، فهو يؤدي إلى حلقة مفرغة من العنف والثأر.
دروس من التجربة
أهمية المحاسبة الشاملة: العفو العام قد يبدو حلاً جذابًا على المدى القصير، لكنه يؤدي إلى عواقب وخيمة إذا لم يكن مشروطًا بمحاسبة عادلة.
فهم الطبيعة البشرية والسياسية: الافتراض بأن القادة القمعيين سيتحولون إلى مؤيدين للثورة بمجرد منحهم العفو هو خطأ استراتيجي كبير.
الدروس من التاريخ: الثورة المضادة ليست ظاهرة جديدة، ويمكن التنبؤ بها من خلال دراسة التاريخ، سواء الثورة الفرنسية أو غيرها.
خاتمة
المنشور يقدم قراءة واعية وعميقة للواقع الثوري في العالم العربي، ويبرز أهمية التعامل مع القضايا المصيرية بميزان الحكمة والواقعية، بعيدًا عن العواطف المجردة. إن استلهام التجارب النبوية يجب أن يكون استلهامًا واعيًا يأخذ في الاعتبار السياق التاريخي والمعاصر، مع التركيز على تحقيق العدالة الشاملة التي تعيد بناء المجتمعات بدلاً من تمكين قوى الثورة المضادة.