السبت، 21 أكتوبر 2023

القرى التي يطلق حزب الله منها صواريخه ضد اسرائيل

 

ولمن يريد معرفة المناطق اللبنانية التي يتم اطلاق صواريخ حزب الله منها نحو الكيان الصهيوني؟

أطلق حزب الله صواريخ من جنوب لبنان نحو اسرائيل 👏.. ردت اسرائيل بقصف مواقع اطلاق الصواريخ ، خبر نسمعه كل يوم منذ 5 أيام  ولكن لحظة من أين يتم اطلاق الصواريخ.

يتم اطلاق الصواريخ من أراضي قرى : الضهيرة ، يارين ، مروحين .. حالياً ، وأحياناً من مناطق شبعا ، كفر شوبا ، الهبارية ، وقرى صغيرة أخرى .

هل تعلم أن كل تلك القرى هي قرى لأهل السنة والجماعة.

نعم كلها دون استثناء .. وأن حزب الله يسعى جاهداً للسيطرة على أراضي تلك القرى منذ سنوات وسنوات بالترغيب والترهيب ، وأن حزب الله أحياناً يرسل قواعد إطلاق صواريخ ومدفعية متنقلة عبر تلك القرى تقصف اسرائيل ثم تولي الأدبار .. فترد اسرائيل بقصف أماكن إطلاق القذائف والصواريخ ، وهي هنا تلك البلدات السنية .. مما يؤدي لخسائر كبيرة عند أصحاب منازل تلك القرى.

سكان تلك القرى في معظمهم غادروها إما لبيروت أو لخارج لبنان .

بعض المعلومات عن ثلاث قرى تم تداولها مؤخراً في الإعلام👇

الضهيرة:

وهي من القرى التي تقع على حدود فلسطين المحتلّة. فيها مسجد بناه السكان خلال فترة الاحتلال، تبلغ مساحته مائة وخمسين متراً (علماً أنّ سكان البلدة حوالي ألفا نسمة) ويقيم فيها الآن ألف فقط. لا يوجد فيه مؤذّن ثابت. خطيب المسجد هو الشيخ ناجي سويد الحائز على شهادة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، لكنّه مقيم في بيروت لأنه مرتبط بالعمل هناك. يقتصر نشاط الإمام على خطبة الجمعة، ويؤمّ المصلّين في الصلوات الخمس الشيخ عبد الله غريب، كلاهما على نفقة بيت الدعوة والدعاة.

يارين:

وهي من القرى التي تقع على حدود فلسطين المحتلّة عدد سكانها الأصليين ستة آلاف، والمقيمون منهم الآن ألف فقط. فيها مسجد جامع تبلغ مساحته خمسمائة متر مربّع، بُني بعد التحرير عام 2000 وكان قد دُمّر خلال اجتياح 1978، وكذلك في العام 2006 تعرّض المسجد لقصف مباشر أتى على بعض محتوياته. في هذا المسجد إمام ومؤذّن. الإمام الشيخ علي محمّد أبو دله خريج أزهر لبنان فرع صور، يتولى مهام الخطابة والإمامة والتدريس على نفقة بيت الدعوة والدعاة، بالإضافة إلى المؤذّن الحاج محمّد الباي الذي يقوم بمهام خدمة المسجد على الرغم من تقدّمه في السنّ، لعدم وجود إمكانية مادية لتأمين خادم للمسجد الذي يضمّ ملحقات، وكذلك قاعة للنساء وقاعة للرجال تستخدمان في الحالات الاجتماعية والمناسبات الدينية.

مروحين:

وهي أيضاً من القرى الحدودية. عدد سكانها الأصليين ألف وخمسمائة، والمقيمون منهم الآن ستمائة فقط. فيها مسجد مساحته ثلاثمائة متر مربّع بُني بعد التحرير، يؤمّ الصلاة فيه يوم الجمعة الشيخ عدنان حمادة الياسين، على نفقة بيت الدعوة والدعاة، وهو خريج أزهر لبنان، ويتابع دراسته الشرعية الجامعية في كلية الشريعة الإسلامية، لا يوجد للمسجد مؤذّن ولا خادم ولا إمام للصلوات الخمس، تعرّض المسجد لقصف مباشر خلال العدوان الأخير مما أدى إلى تدمير جزء من محتوياته وهو يحتاج إلى إعادة إعمار وتأهيل.


الأربعاء، 18 أكتوبر 2023

اهل غزة اليوم ..هل لهم سند كما لاهل بني شيبان

 

عرب هند بنت النعمان بالأمس

وعرب ( غزة ) اليوم !

د كمال البعداني

كان النعمان ابن المنذر  هو آخر ملوك مملكة الحيرة  في ارض العراق ، والتي كانت تخضع للفُرس ، مثلما كانت مملكة الغساسنة في الشام تخضع للروم ، كان للنعمان  بنت اسمها ( هند ) وكانت  احسن نساء زمانها خلقاً  وخُلقاً ، وادباً  ولطفا وفصاحة ،  وقد وصل خبرها الى ( كسرى الفُرس )  فطلب من الملك النعمان ان يزوجه إياها ، والواقع ان النعمان حتى ولو كان ملكا  فهو منصّب في مملكته من قبل كسرى الفرس وتحت حمايته ولا يستطيع ان يعصي له امرا ، لكن النعمان أنف ان يزوج بنته من أعجمي  كما هي عادة العرب ، حتى ولو كان  كسرى الفُرس ملك ثاني قوة في العالم بعد الروم في ذلك الوقت ،  فاخذ يماطل ويسوق الاعذار لكسرى، بينما كان هناك من العرب في البلاط الكسروي من يحملون الحقد على المنذر  لاسباب مختلفة ، فأخذوا  يوغرون صدر كسرى  ، الذي اشتد غضبه واخذ في طلب الملك النعمان  للحضور  ومعه ابنته ( هند ) تحت التهديد والوعيد ، ولما ايقن  النعمان ان لا مناص من الذهاب الى عاصمة ( الفُرس )، لجأ الى هانئ بن مسعود الشيباني زعيم قبيلة بني شيبان ، فاستودعه أهله وفي مقدمتهم ابنته ( هند ) كما استودعه ماله وسلاحه، ثم توجه الى كسرى  الذي فوجئ بقدوم النعمان من دون ( هند ) فأمر بسجنه وتعذيبه  حتى لفظ انفاسه تحت اقدام الفيله .

 ثم ارسل الى  هاني الشيباني  يطلب منه تسليم وديعة النعمان ،  ولكن الشيباني رفض ذلك ، فعرض عليه كسرى تسليم ( هند ) مقابل ان تكون بقية الوديعة من مال وسلاح من نصيبه  فلم يستجيب لذلك، وادرك هانئ الشيباني  ان كسرى لن يتركه ، فاخذ يتجول بين قبائل العرب يشرح لهم الامر  ويطلب منهم النُصرة  للدفاع عن العرض والشرف العربي ، فاستجابة له قبائل بني بكر بن وائل والعديد من القبائل العربية  من جنوب العراق  وشمال الجزيرة العربية ، وتواعدوا الى مكان معلوم  لتدارس  الموقف ، وكان اللقاء في المكان المحدد .

 لم يقل احدهم  يا معشر العرب لاطاقة لنا بالفُرس  ! ولم يقل ثاني ليس هناك اي تكافؤ بالقوة  فالفُرس امبراطورية عظيمة ولديها ثاني اقوى جيش في العالم ، ولم يقل اخر:  يا قومنا لا داعي لاي بطولات  فالأنسب لنا تسليم ( هند ) بنت النعمان وكل ما يطلبه كسرى حتى نحافظ على نسائنا وبناتنا من السبي  وديارنا من الخراب فالنصر  حليف الفُرس لا محالة ، لم يقل احدا منهم ذلك .

قالوا بصوت واحد : ان هند  ليست بنت النعمان وحسب بل بنت العرب جميعا فمن  يطمع بهند اليوم  سيطمع بغيرها من بنات العرب في الغد، فاتخذوا قرار المواجهة وليكن ما يكون.

طار صواب كسرى الفُرس  ولسان حاله يقول : كيف لهؤلاء الاعراب الاجلاف بدو الصحراء ان يقفوا في وجهي ويقرروا مواجهتي  ، وانا من هزمت الروم اكثر من مرة ؟ فقرر استئصال بني شيبان  ليكونوا عبرة لغيرهم ، فجهز لهم جيشاً ضخما لم تعرفة العرب من قبل ويقوده اكفاء قادة الفرس  ومعهم من قبائل العرب الموالية ، وقبل توجه الجيش كان كسرى قد ارسل رسله لتطوف بين قبائل العرب  ، لتحذرهم من مساندة (بني شيبان )  وان من تفعل ذلك من قبائل العرب سيكون عقابها  شديد.

وتواجه الطرفان عند بطحاء ذي قار ، وهو المكان الذي اختاره العرب ، وهناك دارت  معركة ضارية  لم تعرف العرب مثيلاً لها من قبل . كان العقل والمنطق يقولان ان الفُرس سيدفنون العرب تحت بطحاء ذي قار، فهم جيش نظامي واكثر منهم عددا وعدة، لكن الفُرس فوجئوا بعرب  يقاتلون قتالاً  لم يعهدوه عليهم من قبل ، حتى العرب الذين خرجوا للقتال مع الفرس  تحركت فيهم النخوة العربية والدم العربي  فتواصلوا سرا  قبل المعركة مع اخوانهم العرب  ، واتفقوا على ان يمثلوا دور المنهزم اثناء القتال  فينسحبوا من المعركة حتى يفت ذلك في عضد جيش الفرس  وهو ما كان، انتهت المعركة بهزيمة مدوية للفُرس  ونصر ساحق للعرب ، نصرُ  ترك دوياً هائلا في  انحاء الجزيرة العربية وخارجها ، حمل اخباره الركبان ، ونقله معه الزمان ، انتصر الحق امام العقل والمنطق ،  انتصر الايمان بالقضية  امام البطش والجبروت ، حتى قال الشاعر الأعشى  والملقب بصناجة العرب  واصفا المعركة .

لَمّا اِلتَقَينا كَشَفنا عَن جَماجِمِنا ..... لِيَعلَموا أَنَّنا بَكرٌ فَيَنصَرِفوا

قالوا البَقِيَّةَ وَالهِندِيُّ يَحصُدُهُم.... ..وَلا بَقِيَّةَ إِلّا النارُ فَاِنكَشَفوا

كانت معركة ذي قار في الجاهلية ،  والذي حركهم ودفعهم للقتال هي الحمية والنخوة العربية ، والغيرة على العرض.

انتهت معركة ذي قار  ولكن  اخبار ابطالها واسمائهم  لم تنسى، فقد احتفظ بهم التاريخ ليتداولها العرب جيلا بعد جيل، كانت هذه هي اخبار  عرب الأمس عرب ( هند بنت النعمان ! فماذا عن اخبار عرب اليوم .

 عرب غزة ؟  لقد خذلوا  نساء وبنات واطفال غزة  وتركوهم  للموت ، بعد ان قرر بايدن استئصالهم كما قرر كسرى بالأمس استئصال بني شيبان ، استغاثوا بهم فلم يغيثوهم ، استنصروهم فلم يستجيبوا لهم ،  بل ان البعض منهم اخذ يلومهم  على انهم دافعوا عن ارضهم وعرضهم ، وكما ارسل كسرى بالأمس رسله الى قبائل العرب ليحذرهم من مساندة قبائل بنو شيبان ، ها هو ( بايدن ) اليوم  يرسل رُسله الى الحكام العرب ليحذرهم من مساندة اهل غزة ! لكن عرب الامس كانوا اهل نخوة ونجدة وفروسية !! ، آه لو يجود لنا الزمان بشعوب يحملون  نخوة ونجدة وفروسية عرب هند بنت النعمان

!!#كمال_البعداني


السبت، 14 أكتوبر 2023

تغريدات امام الحرم المكي الشريف الشيخ سعود الشريم حول أحداث غزة سعود الشريم

 


تغريدات امام الحرم المكي الشريف الشيخ سعود الشريم حول أحداث غزة

تغريدات امام الحرم المكي الشريف الشيخ سعود الشريم حول أحداث غزة

سعود الشريم

 

بسم الله الرحمن الرحيم

• قد يحلف لك مريض القلب أنه ليس مع اليهود لكنه ضد المقاومة، وقد صدق فهو ليس معهم بجسده لكنه معهم بقلبه!! ﴿ ويحلفون بالله إنهم لمنكم وماهم منكم﴾

• ‏الحدث في غزة من مسائل الاعتقاد لا الفروع فمهما اختلفتَ مع المقاومة فهم مسلمون وعدوهم كافر بالله ﴿ أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون﴾

• ‏احتلال القلوب أخطر من احتلال اﻷوطان، فمن سلَّّم قلبَه للمحتل سيسلِّم وطنَه!!

قال النبي صلى الله عليه و سلم عن مضغة الجسد "وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب".

• ‏قُتِل من أهل غزة أكثر من ألف شهيد، لكنَّ قتلهم كشف لنا آلافَ القلوب اليهودية في أجسادِ مسلمين .    ﴿فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا﴾

• ‏كتب الله على اليهود عدم الاستقرار فلم تدم لهم حرب،وكلما ظنوا أنهم بلغوا الهيمنة سلط الله عليهم من يربكها   ﴿كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله﴾

• ‏ترى في فلسطين من كانوا باﻷمس أطفالَ الحجارة أصبحوا اليوم رجالَ الصواريخ !!.

وقد أحسن من قال: لا تَحقــِرنَّ صغـــيرة           إن الجبالَ من الحصى

• المنافقون هم أول من يغدر بالمسلمين لصالح اليهود لكسب رضاهم كرها في اﻹسلام

 ﴿فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة﴾

• ‏من مالت عاطفته لليهود ضد المسلمين فإنما هو يلبس بعض لبوسهم؛ كما ذكر الله ذلك عن اليهود

 ﴿ ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا﴾

•‏ تشتد بعض المحن فيجعلها الله حبلى بمنح تخرج من رحم المحن نفسها، فموسى عليه السلام نشأ رضيعا إلى أن شب عن الطوق في بيت من قال ﴿أنا ربكم اﻷعلى﴾!!

• ‏وعد الله في كتابه أن من حقت عليه لعنته لن يمكن له وإن توهم ذلك زمنا، فقد قال عن اليهود ﴿أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا﴾

• ‏يتواطأ أعداء الدين على حصاره، فيريهم الله مالم يحتسبوا، كاﻷرضة التي أكلت صحيفة قريش حين عُلقت بالكعبة لمقاطعة النبي عليه الصلاة والسلام ﴿ولله جنود السموات واﻷرض﴾

• ‏أولى مراحل انتصار المسلمين على عدوهم تبدأ بانتصارهم في كسر حاجز الخوف الذي توهموه حقيقة! ﴿إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون﴾

• ‏أهل النفاق هم أضر الناس بالمسلمين لحظة معركتهم مع عدوهم!! ﴿لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا وﻷوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم﴾

•‏ امتحن الله عباده في أُحُد لفرز الصف؛حتى يتحقق لهم النصر بعد ذلك ﴿وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا﴾

• الحَذرُ محمود إلا أمام الحق، فمن حذِرَ من الحق لم يفلح؛ ﻷن الله غالب على أمره.

قال فرعون عن موسى ﴿ وإنا لجميع حاذرون﴾ فأغرقه الله والحاذرين معه!!

• ‏إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، اللهم إنا نبرأ إليك من حولنا وقوتنا ونلوذ بحولك وقوتك، فعجل بالفرج ﻹخواننا في غزة.

• تدرج بعض إعلام العرب واصفا شهداء فلسطين (شهداء الجهاد المُقدَّس، ثم الجهاد الفلسطيني، ثم شهداء المقاومة الفلسطينية، وأخيرا القتلى الفلسطينيين ) !!

• أدركت من صغري حتى هذه اللحظة تدرج اﻹعلام العربي في وصف الصهاينة (العدو الصهيوني، ثم العدو الاسرائيلي، ثم جيش الاحتلال، وأخيرا الجيش اﻹسرائيلي ) !!

• "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الاسم الحسن، فلو قلت (غَزَّةٌ) أو قلت (عِزَّةٌ) فما أخطأت مدحَها !!. إن شئت قلها غَزَّةٌ أو عِزَّة فكلاهما حصــن لها وإباء.

• "مناحيم بيجن" قائد مذبحة دير ياسين أبشع مذابح فلسطين(1948م) و "إسحاق رابين" مخطط أكبر ترحيل للفلسطينيين .. وكلا الرجلين نالا جائزة ( نوبل للسلام ) !!

• قد تسمع بالرحمة واﻹنسانية وتدرك معناهما، لكنك تسمع بعديمي الرحمة واﻹنسانية فيحار عقلك في تصور حقيقتهم حتى تفضحهم اﻷزمات ﴿ أولئك حزب الشيطان ﴾

• لا تحزن لأنك رأيت في ديار الإسلام من يشمتون بمسلمين غزاهم عدوهم، بل اسجد شكرا لله إذ فضحهم ﴿ أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ﴾

• "لا عجب أن تموت غيرة بعض المسلمين، لكن العجب أن يكون الجماد أغير منهم،

 ففي الصحيح قالﷺ : " فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي ".

• فساد قلب المرء أو نفاقه جدير بأن يحوله من قلب (عربي) إلى قلب (عبري) !!. ﴿ ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب ﴾

• لا مقارنة بين كافر ومسلم سَرَّهُما قتْل المسلمين، فالكافر عمل بأصل عقيدته ﴿ وودّوا لو تكفرون ﴾ والمسلم خان دينه وإخوانه ﴿ في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ﴾

• النصر من الله لا بظن البشر، فقد ظنوا هزيمتهم في بدر فانتصروا، وظنوا نصرهم في أُحد فهزموا ﴿ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله﴾

منقول.


قراءة نصية ادبية في سورة أهل الكهف من كتاب مباحث في علوم القرآن لصبحي الصالح

 

قراءة نصية ادبية في سورة أهل الكهف

تهدف سورة "الكهف" -كجميع السور المكية إلى بناء العقيدة بناء سليما في إثبات الوحدانية، والفصل الواضح بين ذات الخالق وذات المخلوق، وكشف الحجب عن ظاهرة الوحي وأسرارها المعجزة العجيبة.  

وحسبك في بدايتها أن هذا القرآن أنزل غير ذي عوج لتبشير المؤمنين الموحدين وإنذار الذين قالوا: اتخذ الله ولدا، وفي نهايتها أن محمدا صلى الله عليه وسلم يؤمر بتوضيح الفرق الذي لا يتناهى بين آفاقه البشرية المحدودة وأفق الوحي المبين، فما هو إلا بشر مثل سائر البشر، وإنما يمتاز عنهم بتلقيه أوامر ربه الذي يقذف في قبله نور النبوة والهداية، وفي غضونها قول أصحاب الكهف: {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا} وقول المؤمن صاحب الجنتين البطر المغرور: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا} وقول العبد الصالح لموسى: {رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} فتلك جميعا آيات نواطق بوحدانية الله وعلمه الشامل الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.

 وإذا آثرنا الإلمام بهذه الحقائق الأولية ولم نفض فيها لمحنا في السورة موضوعا شديد الصلة بتلك الحقائق ينبثق عنها بأساليب طريفة جدا تكاد تصيره مستقلا فريدا: ذلك هو تصوير شؤون الغيب، واقتطاعها من إطار العقيدة العام لتقابل بأسرارها العميقة كل ما ظهر أمره من قضايا الإيمان.

 وفي السورة ثلاث أقاصيص تصحح عقائد المؤمنين في شئون الغيب، وتفصل لهم بين ما يرقى علمهم إليه وما لا يعرفونه إلا إذا كشف الله عن أبصارهم الغطاء: قصة أصحاب الكهف، وقصة موسى مع العبد الصالح، وقصة ذي القرنين في رحلاته الثلاث ولا سيما "بين السدين" مع يأجوج ومأجوج.

أما أصحاب الكهف فقد اختار القرآن لعرض قصتهم ثلاث لوحات حافلة بالحركة حتى في تصوير رقادهم الطويل: فمن عجب أن ترسم ريشة القرآن الخلاقة -في اللوحة الأولى- أولئك الفتية أيقاظا وهم رقود، إذ جعلتهم طوال النوم الذي ضرب على آذانهم أكثر من ثلاثة قرون يتقلبون تقلب الأيقاظ ولكنهم لا يقعدون ولا يفتحون أعينهم ولا يغادرون مكانهم فيثيرون برقادهم المتقلب ذعرا شديدا في قلوب المارين بهم المطلعين عليهم. وتزداد هذه اللوحة حياة وحركة بصورة كلبهم باسطا ذراعيه بالفناء كأنه يقوم على حراستهم, وبصورة الشمس متجافية عنهم، متباعدة عن كهفهم، كأنها لا تريد لشعاعها أن ينفذ إليهم، فهي تميل عن كهفهم يمنة إذا طلعت وتجاوزهم يسرة إذا غربت، فما أعجبها آية من آيات اللهﷻ.

واللوحة الثانية -بطبيعتها- حافلة بالحركة والحياة: فقد استيقظ الرقود، ودب فيهم النشاط من جديد، وفركوا العيون، ونظر بعضهم إلى بعض في استغراب شديد، إذا شعروا أنهم يصحون من رقدة طويلة ولكنهم لم يعرفوا كم لبثوا في كهفهم نائمين، فتساءلوا عن مدة لبثهم وتناجوا فيما بينهم، وظنوا أن نومهم -مهما يك قط طال- لم يزد على يوم أو بعض يوم، ثم ردوا الأمر إلى ربهم، فإنهم فتية مؤمنون يفوضون كل أمرهم إلى الله.

وفي اللوحة الثالثة -وهي خاطفة سريعة- يغادر أحد الفتية الكهف، ويذهب بما بقي معهم من نقودهم الفضية ليشتري لهم طعاما طيبا يسدون به إحساسهم بالجوع بعد رقادهم العجيب، فينصحونه -قبيل الخروج- بالحذر من مشركي تلك المدينة، لئلا يعرفوا مخبأهم فيقتلوهم رجما أو يردوهم عن عبادة الواحد القهار.

ومن خاتمة هذه الأقصوصة، ثم من أسلوب التعقيب على خاتمتها، نستنتج أن أهل تلك المدينة كانوا قد آمنوا بعد شرك أسلافهم، وأن الله أعثرهم على الفتية الذين فروا بدينهم منذ ثلاثة قرون فتلقوهم بالحفاوة والتكريم حين عرفوهم من زميلهم الذي جاء السوق يشتري الطعام، ثم يتوفى الله أصحاب الكهف حقا في أجلهم المحتوم، فيتنافس مواطنوهم في تكريمهم بعد موتهم وينتهون -بعد نزاع طويل- إلى بناء معبد فوق أضرحتهم، تخليدا لذكراهم المجيدة، ورقدتهم العجيبة.

وهذه القصة القرآنية -على إيغالها في الغرابة- ليست أعجب ما في الكون من آيات وأحداث، وقد صور القرآن لوحاتها الثلاث -بكل غرائبها- ضمن هذا الإطار الذي يستصغر أحداثها كلها ما دامت يد القدرة الإلهية صالحة للتعلق بها وتدبيرها.

وتأكيدا لهذه الفكرة، مهد القرآن لوقائع هذه القصة بقوله الصريح: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} وجواب هذا الاستفهام ينطق بأن أصحاب الكهف لم يكونوا أعجب آيات الله ﷻ: فإنهم فتية آمنوا بربهم، واعتزوا بإيمانهم، ودعوا قومهم بقوة إلى التوحيد، واستنكروا عبادتهم الآلهة من دون الله، فما ضاق الكفر بهم ذرعا هيأ الله لهم من رحمته كنفا، وآواهم إلى الكهف, وأنسأ فيه آجالهم، وأطال فيه رقادهم، وجعل في طول رقدتهم -على غير ما ألفه الناس- آية من آياته وإن لم تكن أعظم الآيات! والقرآن حريص -من خلال هذه الأقصوصة- على تصحيح عقائد المؤمنين في شئون الغيب: فهو يومئ إلى خوض الناس فيها وتضخيمهم أحداثها جيلا فجيلا، ورجمهم بالغيب في تعيين عدد أبطالها، ويوجه المؤمنين إلى ترك المراء فيما لا يعنيهم، وينهاهم عن استفتاء أهل الكتاب وغيرهم في تلك القصة فما لهم حاجة في معرفة زمانها ولا مكانها، ولا أسماء أشخاصها ولا أشكالهم ولا أعدادهم، ولا الطريقة التي صينوا بها في فجوة من الكهف لم يعبث بهم عابث حتى جاء الوقت المعلوم.

بل اتجه القرآن إلى عبرة هذه القصة يستخلصها للمؤمنين ويحملهم على استخلاصها بأنفسهم، فليس لهم أن يقفوا غير ما علموه في الماضي وما يمكنهم الساعة أن يعلموه. أما المستقبل فهو غيب محجب لا يقطع أحد فيه بقول ولا عمل، وإنما يحسن فيه التفكير، والتدبير {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ}.

وأما قصة موسى مع العبد الصالح فارتباطها بشئون الغيب أوثق من ارتباط قصة الكهف بتلك الشئون: فإن مشاهدها الأربعة المعروضة في هذه السورة قد تصادم ما تعارف الناس على تسميته بمنطق الأشياء والأحداث، وقد تثير بغرائبها الاستنكار، بيد أنها تحل أبسط حل وأيسره إذا ما عرضت على الصعيد الغيبي بمفاجآته ومعجزاته.

وأول تلك المشاهد الأربعة بطله موسى كليم الله، وهو -على ما فيه من عجب- ليس شيئا ذا بال حين يقاس بالمشاهد الثلاثة الباقية التي كان بطلها عبدًا صالحا آتاه الله رحمة من عنده وعلمه من لدنه علما. إن موسى -في المشهد الأول- مصمم على بلوغ مجمع البحرين.

ولو مضى حقبا حتى يصل إليه، ويريد الله له أن يلتقي بالعبد الصالح فينسيه حوتا كان قد أعده للأكل فتاه، ولعله شواه، لكن هذا الحوت المشوي دبت فيه الحياة مرة أخرى فسرب في البحر واتخذ سبيله فيه. وعجب فتى موسى للمفاجأة الغريبة. أما موسى فلم يعجب بل أدرك أن المكان الذي نسيا فيه حوتهما هو الموعد المحدد للقاء العبد الصالح، فعادا إلى آثارهما فوجدا الرجل الذي كان يبحثان عنه.

 وفي المشهد الثاني يختفي فتى موسى، وينفرد نبي الله موسى بحوار مع العبد الصالح ذي العلم اللدني، ويلتمس النبي الكريم من الولي الصفي أن يصاحبه في رحلته ويتعلم من لدنه شيئا من حقائق الغيب التي كشف الله له حجابها فيشترط العبد الصالح على نبي الله موسى الصبر والطاعة من غير تردد ولا استفسار ولا استنكار، ويركبان سفينة، فإذا العبد الصالح يخرقها بمن فيها حين أمست في ثبج البحر، فغلبت موسى طبيعته وأنكر على رجل العجائب فعلته، وعجب له كيف يغرق السفينة فيعرض ركابها للهلاك، ويشتد الحوار بين الرجلين ويعاهد موسى ذلك العبد الصالح على أن يجنبه الإرهاق بكثرة المراجعة والتساؤل.

وفي المشهد الثالث يلتقي الرجلان في طريقهما بغلام، فيقتله العبد الصالح، فيثور موسى في وجهه، ويعترض على قتله النفس الزكية الطاهرة قتلا عمدا، ويذكره رجل العجائب بعهده، فيعتذر موسى كرة أخرى وينوي ألا يسأل العبد الصالح شيئا.

وفي المشهد الرابع يدخلان مدينة بخيلة لا تؤوي ضيفا ولا تطعم جائعا، فيجدان فيها جدارًا يوشك أن ينقض، فيقيمه الرجل الغريب دون مقابل مع أنهما كانا جائعين يستطعمان، فما لرجل الأسرار لا يطلب أجرا يأكلان به من أهل القرية البخلاء؟

وبتدخل موسى مرة ثالثة في المراجعة والاستفسار أضاع آخر فرصة له في مصاحبة الرجل، وأنشأ يستمع في عجب شديد لتأويل العبد الصالح لمواقفه الغامضة بكل مفاجآتها وأسرارها.

أما خرقه للسفينة فكان سببا لسلامتها وصيانتها لمساكين يعملون في البحر، إذ كان ملكهم في تلك الفترة ظالما يغتصب السفن الصالحة, فنجت هذه بعيبها من الاغتصاب.

وأما قتله للغلام -مع أنه لم يقترف ما يوجب قتله شرعا- فكان رحمة بأبويه المؤمنين, إذ أعلم الله العبد الصالح أن هذا الغلام لو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا، فقد طبع كافرًا، ولولا إطلاع الله عبده الصالح على حقيقة هذا الأمر الغيبي المحجب لما كان له ولا لسواه قتل نفس زكية بغير حق.

وأما إقامته الجدار بلا مقابل فلم تكن خدمة لأهل القرية البخلاء، وإنما كانت فرصة لصيانة كنز تحت الجدار ليتيمين صغيرين خبأ لهما أبوهما ذاك الكنز ليستخرجاه من تحت الجدار متى بلغا أشدهما, فلما رآه البعد الصالح ينقض أقامه بإذن الله لئلا ينكشف أمره لأهل المدينة فينتزعوا ملكيته من أيدي الصغيرين اليتيمين.

وبهذا التأويل لم يزعم العبد الصالح لنفسه علم الغيب، بل إلى الله حكمة ما صنع، واعترف بعجزه المطلق عن فعل أمر لم يأذن به الله، وكان رمزا للعلم الغيبي اللدني الذي يتمثل -بإرادة الله- في شخص رجل من الناس، ليس بالنبي المعروف ولا الرسول المشهور, فقد سكت حتى عن اسمه القرآن!.

ولعل القصة الثالثة عن ذي القرنين تبدو -في الظاهر- أضعف صلة بشؤون الغيب من قصتي أصحاب الكهف والعبد الصالح ، فإنها لا تعدو أن تكون وصفا لرحلات ثلاث إلى الشرق والغرب والوسط قام بها رجل يسمى ذا القرنين.

لكن الجو الغامض الذي أحيط بهذه الرحلات، وتراءى غموضه كالمقصود في القرآن، يلوح بالمعاني الغيبية من وراء ستار: فقد بلغ ذو القرنين هذا مغرب الشمس في رحلته الأولى، ومشرقها في رحلته الثانية، والمنطقة المتوسطة "بين السدين" في رحلته الثالثة.

وفي رحلته الغربية وجد الشمس تغرب في عين {حَمِئَةٍ} كثيرة الطين اللزج، في موضع تكثر فيه المياه والأعشاب، وقد سكت القرآن عن تحديد تلك العين "الحمئة"، فألقانا الغموض المقصود في تجهيل شديد ربما كان يفوق سرية الأمور المسماة "بالغيبة".

وفي رحلته الشرقية وجد الشمس تطلع على قوم لا ستر لهم دونها، فربما أفاد هذا أن القوم كانوا عراة، وربما أشار إلى أن أرضهم مكشوفة تطلع الشمس عليهم فيها بلا ساتر، وليس في النص ما يقطع بأسماء القوم ولا باسم الأرض التي كانوا فيها ينزلون.

أما رحلته المتوسطة بين {السَّدَّيْنِ} فكل ما فيها يدعو إلى الرهبة الشديدة التي يفوق الشعور بها أحيانا شعور التهيب لدى مواجهة الغيب وأسراره: فالقرآن هنا يذكر موضعا بعينه يسميه {بَيْنَ السَّدَّيْنِ} مثلما يذكر قوما بأعيانهم يسميهم {يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} ويصفهم بالإفساد في الأرض.

 وما نظن هذه الألوان من الغموض إلا مقصودة في هذا السياق، فإن حديث القرآن عن ذي القرنين لا يشبه -ولا ينبغي أن يشبه- حديث كتاب في السيرة عن الفتوحات التي أتمها فاتح عظيم، وإنما يرسم القرآن -في غضون هذه الرحلات الثلاث- ملامح إنسان شديد الصلة بالله، لم يكن سلطانه بقوته الشخصية بل مكن الله له في الأرض، وآتاه من كل شيء سببا، وهتف به أو ألهمه أو أوحى إله -كما يريد- في الملمات ليوجهه أفضل الوجهات، حتى قال له عند العين الحمئة: {يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} .

وتبدو صلته بالله شديدة وثقى في قوله للقوم -عند بناء السد: {مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي} ثم قوله عند انتهائه من هذا البناء: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}.

وهكذا اختيرت تلك القصص الثلاث في سورة "الكهف" لمعالجة شئون الغيب، وردها جميعا إلى الذي يحفها بالأسرار، ولا يميط عنها اللثام إلا بمقدار، ولا يأذن لأحد برؤيتها إلا من وراء ستار.

وإذا صححنا الرواية التي تزعم أن أهل مكة بعثوا النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة لالتماس أسئلة منهم تحرج محمدًا صلى الله عليه وسلم، وأن أولئك الأحبار أغروا رسولي قريش بسؤال النبي الكريم "عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان لهم من حديث عجيب، وعن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه"، تجلى لنا في هذه السورة عمق الدرس القرآني الذي اتجه إلى المؤمنين ينهاهم عن الرجم بالغيب، ويحذرهم من الجدل العقيم، ويصل قلوبهم بربهم علام الغيوب: فالموضوع الذي هدفت إليه السورة هو -بالمقام الأول- بناء العقيدة بناء سليما في ذات الله، وفي شئون الغيب الموكولة إلى علم الله.

 وفي السورة بعد ذلك ومضات سريعة تخللت بعض مقاطعها مصغرة للقيم المادية، معرضة بفناء الدنيا وسرعة زوالها، داعية إلى صبر الأنفس مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي, مؤكدة أن الاعتزاز الحقيقي إنما يكون بالإيمان والتقوى، وأن الكافرين بلقاء ربهم هم الأخسرون أعمالا.

ولا ريب أن تخلل السورة بهذه الومضات السريعة يتناسق مع محورها الأساسي الذي رأيناه يدور حول بناء العقيدة, فلا بد في هذا البناء من تصحيح النظر إلى قيم الأشياء ومقاييس الحياة.

وقد صورت هذا أبلغ التصوير آيات الرجلين والجنتين، فقد قال الفقير المؤمن لصاحب الجنتين المغرور {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا، فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} .

وانتهى الأمر بالجنة المثمرة المحفوفة بالنخل والزرع أن تهشمت وخوت على عروشها.

انظر الكشاف كما في المثل المضروب للحياة الدنيا في قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} الآيات . وأوضح مثال لذلك في السورة قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الآية، ففي هذا الخطاب الرباني أمر بمجالسة أهل الذكر وتعليمهم الخير، لأن دعوة الحق إنما تقوم على أمثالهم، "سواء أكانوا فقراء أم أغنياء وأقوياء أم ضعفاء. في تأويل قوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} .

  

الحمد لله رب العالمين والله من وراء القصد