التدين الحديث
-
"التدين الحديث" تدين مع مراعاة عادات المجتمع التي تتعارض مع الدين؛
فلا يريد أن يكون مسلماً ملتزماً حتى لا يُتهم بالتشدد؛ أو يتعرض للنقد؛ ولا يريد
أن يكون متفلتاً من الدين خشية من الله؛ فيتخذ طريقاً وسطاً؛ فمرة هكذا ومرة هكذا.
فهو مزاجي متقلب؛
ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹ ﱺ ﱻﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﱠ النساء: ١٥٠ - ١٥٢
-
آية البر ترد على أصحاب المزاجية والتردد في التدين؛ فقد كان بعض العرب في
الجاهلية إذا عزم على الحج ثم قرر عدم متابعة حجه عاد إلى بيته ودخل من النافذة أو
تسور الجدار لأنه يستحي من الله أن يدخل من الباب؛ ويعتبر ذلك من التقوى.
بعضهم
اعتبر مسألة تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة مسألة خطيرة مع أنه يفرط في
غيرها؛ فردت آية البر على هؤلاء؛ قال عز وجل:
ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨﱩ ﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯﱰ ﱱ ﱲ ﱳﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱠ البقرة: ١٧٧
هذه
الآية تبين أن أخذ بعض الدين أو أداء بعض العبادات لا يكفي، فالدين ليس في جهة
تتجه إليها في صلاتك إذ لا تفضيل لجهة على أخرى إلاّ بتفضيل الشرع لها.
-جاء
بشير بن الخصاصية إلى رسول الله ﷺ فطلب
منه الرسول أن يبايعه على شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة
وصوم رمضان وحج البيت والجهاد والصدقة. قال يا رسول الله أبايعك على هؤلاء إلاّ
الجهاد والصدقة. فقال النبي ﷺ: «لا جهاد ولا صدقة؟!! فبم تدخل الجنة إذاً ؟!!»
ورفض النبي أن يبايعه. والخلاصة أن المزاجية في الدين غير مقبولة.
اشتكى
أصحاب الرسول ﷺ ما لَقَوْه من قريش فقال ﷺ: «قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيُحفر له
في الأرض فيُجعل فيها ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه فيُجعل نصفين، ويمشط بأمشاط
الحديد ما دون لحمه وعظمه ما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى
يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلاّ الله والذئب على غنمه ولكنكم
تستعجلون» (رواه البخاري)
لقد
أخذ الناس من الدين العبادات الشعائرية (صلاة، صيام، تلاوة..) وتركوا العبادات
التعاملية (من بيع وشراء ؛ الإحتفالات: الأفراح والأتراح؛ العلاقات وغير ذلك كثير
كله صار وفق التقاليد والعادات وليس وفق الوحي
ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱳ
ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸﱹ ﱺ ﱻ ﱼ
ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﱠ البقرة:
وقوله:
﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ والمراد بالمرض هنا: مرض الشك والشبهات والنفاق، لأن
القلب يعرض له مرضان يخرجانه عن صحته واعتداله: مرض الشبهات الباطلة، ومرض الشهوات
المردية، فالكفر والنفاق والشكوك والبدع، كلها من مرض الشبهات، والزنا، ومحبة المعاصي
وفعلها، من مرض الشهوات، والمعافى من عوفي من هذين المرضين، فحصل له اليقين
والإيمان، والصبر عن كل معصية.
وفي
قوله عن المنافقين: ﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضًا﴾ بيان
لحكمته تعالى في تقدير المعاصي على العاصين، وأنه بسبب ذنوبهم السابقة، يبتليهم
بالمعاصي اللاحقة الموجبة لعقوباتها ، فعقوبة المعصية، المعصية بعدها، كما أن من
ثواب الحسنة، الحسنة بعدها.
قالت
العرب : «المرءُ مخبوءٌ تحت لسانه فإذا تكلم عُرِف!»
وقال الشاعر : رُبَّ امرءٍ جالستُه ذي هيبةٍ
فطويتُ من أجل التأدُّبِ مِفصلي
ما إن
تكلَّم ضاع كلُّ جلالِه فمددتُ من بعدِ التكلُّمِ أرجلي.
الشيخ
محمد جندية