كنت وفي منشور سابق قدبينت الاساليب الاستعمارية الخبيثة لابقاءالبلادالعربية والاسلامية في حالة تخلف حضاري وذلك بالنهب المنظم لثرواتها ابقائها سوقا لتصريف صناعاتها ومقاومة اية محاولة للنهضة في هذه البلاد وهذا مافعلته الدول الاستعمارية مع محمدعلي باشا ومع محمدمصدق وصدام حسين رحمهم الله جميعا.
نهج اخرتعاملت به الدول الاستعمارية معنا وهوالقضاء على اي بوادر حكم ديمقراطي يسمح للشعب باختيارالحاكم ونواب البرلمان ومهما كانت هذه الديمقراطية هزيلة او منقوصة وذلك.لان الديمقراطيات تصلح نفسها وبالتدرج كما انها تفتح المجال لكل المواهب بالتفتح والابداع ولكن اكثر ماكان يقلق المستعمر هو ان الديمقراطية ستقود في نهاية المطاف الى نظام اسلامي وعندما اقول(نظام اسلامي)فلا اقصد.انه فقط الذي تزدهر في ظله حرية العبادة بل تزدهر في ظله الصناعةوالتقنية والتجارة ويظهر علماء في مختلف الاختصاصات العلمية--فيزيائية ورياضية وكيميائية وحيوية ونووية--كما تمتلئ المؤسسات باصحاب الشهادات الهندسية المبدعة.
واول محاولة لوأد حكم ديمقراطي كانت ايام الخديوي توفيق عام ١٨٨٢م عندما شكل محمدشريف باشا(من اصل تركي) اول حكومة ديمقراطية في تاريخ البلاد العربية ورغم انها كانت في المهد وفي بداية الطريق الا ان بريطانيا لم تمهل تلك الحكومة بضعة اسابيع فارسلت حملة عسكرية هزمت الجيش المصري بقيادة احمد عرابي ودخلت القاهرة ومعها الخديوي توفيق واعدمت عددا من الضباط ونفت عرابي والبارودي الى جزيرة نائية.
لكن الديمقراطية ترسخت من جديد في مصر بدءا من عهد حسين كامل ثم الملك فؤاد وابنه فاروق وبدات مصر تشهد نهضة حضاريةوفي كل المجالات ويكفي ان نعلم ان كل ادباء مصر المشهورين ظهروا في العهدالملكي كما بدات الصناعة المصرية بالتطور على يد راسمالية وطنية محترمة وراقية كان من اركانها طلعت حرب وامثاله كما نعمت مصر بتعددية سياسية وحزبية فيها كل الاتجاهات القومية والليبرالية والاسلامية والشيوعية وكان يتم انتخاب رئيس الوزراء والنواب مباشرة من الشعب وكان الملك فاروق رحمه الله ملكا ديمقراطيا وعدوا لدودا للانكليز ويميل للالمان والطليان فدفع ثمن مواقفه هذه في اول انقلاب عسكري غاشم قاده مجموعة من الضباط سموا انفسهم بالاحرار(والتاريخ هو من يثبت صدقهم اوزيفهم) وذلك يوم ١٩٥٢/٧/٢٣م.
ولتبقى الحقيقة دوما نبراسا لنا فانه كان انقلابا سلميا لم تتم فيه اراقة الدماء ابدا بأمر من الملك فاروق كما ان الانقلابيين عاملوه باحترام وودعوه وداعا ملكيا حيث توجه الى ايطاليا وبقي فيهاحتى وفاته عام ١٩٦٤م رحمه الله وغفر له.
لكن انقلابا دمويا فظيعا وحشيا تم في العراق يوم ١٩٥٨/٧/١٧م ضد الملك الفتى فيصل الثاني بن غازي الاول وكان طيب القلب يعاني من مرض مزمن يعيش في تجمع من المباني يسمى(قصر الرحاب)ومافيه شيء من حياة القصور وفي ويحكم العراق حكما ديمقراطيا تعدديا مع صحافة حرة وبوادر نهضة شاملة وفي ذلك اليوم المشؤوم توجهت عدة قطعات من الجيش العراقي باتجاه القصر وحاصرته فقال الملك رحمه الله ولماذا الجيش؟؟!!اذا كانوا لايريدون حكمنا فسنذهب لوحدنا!!.
لكن ضابطا مهووسا ناقما يدعى شاكر العبوس جمع افراد العائلة الملكية وبدأ باطلاق النار عليهم دون تمييز فقتلهم جميعا الا الاميرة نفيسة التي هربت بابن اخيها الامير علي ولجأت الى السفارة السعودية التي حمتها وابن اخيها بينما بقيت القوات البريطانية شامتة تتفرج.
ويبدو ان القوى الاستمعارية ارادت ان تكمل الحلقة وهنا جاء دور سورية قلب العروبة النابض التي كانت تعيش في ظل نظام ديمقراطي حقيقي بعد الانفصال عام ١٩٦١م فحصلت انتخابات حرة ونزيهة فاز فيها ناظم القدسي(حزب الشعب) رحمه الله برئاسة الجمهورية كما فاز عدد من الاحزاب بالدخول للبرلمان وبترتيب الاصوات هي:حزب الشعب والحزب الوطني وحزب البعث وحزب الاخوان المسلمون في المرتبة الرابعة وكان ذلك مترافقا مع صحافة وطنية حرة لاتحابي احدا بدءا من رئيس الجمهورية.
ولكن القوى الاستعمارية استكثرت علينا هذه الفُسحة من الحرية فكان الانقلاب الشيطاني الاسود يوم ١٩٦٣/٣/٨م على هذا الحكم الديمقراطي النبيل وبيد العسكرالجهلة القتلة السفلةأصحاب الشهوات الدنيئة المحمومةحيث اصبحت الدول التي صنعت مجدالامة وتاريخها مقهورة بالانظمة المستبدة ولتدخل سورية الحبيبة بعدها في ظلمات بعضها فوق بعض حتى اذِن الله ان يزول العهد البعثي/النصيري على يد الفتية المؤمنين النبلاء الأخلاقيين ينبوع الحق والرحمة والخير والعدل أعمدة الشهامة والمروءة والكرامة.
وساكتفي ايها الاعزاء بهذا القدر وساعود ان شاء الله لأتكلم عن انقلابات عسكرية غيرها طعنت شعوبنا العربية في صميم وجودها
مشاركة من الاخ عدنان عبد النبي الفروح